النقابي الحقيقي /2/

النقابي الحقيقي /2/

يبرز دور النقابي الحقيقي أكثر في الظروف الاستثنائية التي تطرأ على العمل النقابي، وظروف الطبقة العاملة المعيشية التي تمر بها وحقوقها ومصالحها، والتي تتطلب من النقابيين التعامل معها بحكمة كبيرة وحنكة بحيث تعبر قرارات التنظيم عن معرفة واضحة بمطالب ومصلحة الطبقة العاملة والتنظيم النقابي. وعلى النقابات الحقيقية أن توفر لديها المقومات مثل: - الاستقلالية، كما ذكرنا في العدد السابق.

الديمقراطية في نقابات العمال ونعني في ذلك أن القواعد العمالية هي صاحبة السلطة والوصاية على التنظيم النقابي ولا أحد غيرها من خلال مؤتمراتها العامة في قواعدها العمالية التي هي السلطة الأولى والأعلى في كل منظمة نقابية، وتملك وحدها حق تقرير شؤون النقابة وتوجيه أعمالها ومراقبة أدائها ومحاسبتها، بل ولها وحدها إعداد نظمها الأساسية وقواعد أعمالها الإدارية والمالية. ويتجلى ذلك من خلال - احترام حق الاجتماع لأعضاء النقابات والمؤتمرات التي هي السلطة الأعلى التي تضع نظم وشروط العمل لكل المستويات النقابية. - حق العمال في انتخاب ممثليهم وقياداتهم بدون وصاية أو شروط من أحد، وبعيداً عن القوائم المغلقة. - حق أعضاء النقابات في الترشّح لأي موقع قيادي وفى جميع المستويات بلا تمييز أو شروط معلنة أو ضمنية، فشروط العضوية كافية لحق الترشّح. - حق النقابات في تمثيل أعضائها والتعبير عنهم بشخصيتها الاعتبارية، وحق المفاوضة الجماعية وعقد الاتفاقيات الجماعية مع أرباب العمل أياً كانوا في قطاع الدولة أو القطاع الخاص نيابة عن أعضائها.
إن فقدان الديمقراطية الداخلية للنقابات، يعتبر شكلاً من أشكال التعدي على مصالح الطبقة العاملة والتنظيم النقابي نفسه فعلى سبيل المثال القرار الذي يمنع التجديـد للعضو النقابي لأكثر من دورتين وكأن النقابـة ملك خاص لصاحب هذا القرار أو الجهة الصادرة عنه هو مصادرة مسبقة لرأي العمال ومصادرة لحق من حقوق العمال النقابيين وخاصة المشهود لهم في قواعدهم العمالية.
أما جماهيرية النقابات العمالية تعنى شمولها لجماهير العمال في عضويتها وليس لأجزاء منهم، وألّا تستبعد من عضويتها أياً من العمال وأن تقوم العضوية فيها على الاختيار والانضمام الطوعي الواعي والحر دون إجبار أو إكراه.
تتجلى جماهيرية النقابة من خلال قاعدتها الأولى التي يبدأ فيها كل نشاط في النقابة وهي مصدر المشروعية والقوة والفاعلية لكل التنظيم النقابي من أدناه إلى أعلاه، وهي اللجنة النقابية في المنشأة وهي أهم مستويات التنظيم النقابي. بمعنى آخر، إن العضوية النقابية تبدأ وتنتهي في مكان العمل حيث توجد جماهير العمال حيث يلتفون حول مصالحهم ويتوحدون، ويجب أن تملك اللجنة النقابية في المنشأة كل الصلاحيات والسلطات وكامل الشخصية الاعتبارية. وهي التي تعمل على جذب العضوية الجديدة، وجمع الاشتراكات من العمال مباشرة وإلغاء الخصم الإجباري للاشتراكات من الأجور، بما فيها ما يسمى بدل انتفاع.
إذا لم تكن اللجنة النقابية معروفة في صفوف الجماهير العمالية في المنشأة ومواقع العمل، تفقد اللجنة النقابية قيمتها النضالية، خاصة إذا لم تكن معروفة بمبدئيتها، وباستقلاليتها وبإخلاصها في النضال المطلبي، من أجل مطالب العمال لتحسين أوضاعهم المعيشية، والمهنية مما يجعل العمال، يلتفون حول النقابة، وينتظمون فيها، ويساهمون في بناء النقابة، وفي وضع برنامج عمل، تلتزم النقابة بتحقيقه. وعلى جميع مستويات الهرم النقابي المختلفة، وضع برنامج عمل، مستنبط، من كافة المطالب المشتركة في كل قواعد الهرم النقابي، من أجل تحققه وتنفيذه، من خلال التوجيه العام للاتحاد العام للنقابات العمالية.
إن تحوّل النقابة إلى أداة أو وسيلة تهادن طبقي، من خلال استبدال النضال النقابي وأدواته المجربة والناجعة في تحصيل الحقوق بالرهان على أساليب المهادنة والاستجداء أو التوسل، الذي ينتج عنه تغيير شامل لوظيفة النقابة ولأساليب النضال وللديمقراطية الداخلية في صفوف الحركة النقابية وفقدانها لجماهيريتها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1083