ماذا تبقى للعمال
نشرت صفحة صوت عمالي صباح هذا اليوم مادة رأي لأحد الاقتصاديين يقول فيها إن أجور العمال لم تعد تكفي لشراء عدة علب من الحليب ولم تعد تكفي لفحص مخبري وأشعة في حال مرض العامل، ولم تعد تكفي لتأمين الحد الأدنى من حاجته الضرورية إلخ من القضايا التي يوازن فيها صاحب الرأي بين أجور العمال وحاجاتهم، وكل ما قيل بهذا الخصوص هو صحيح لا يمكن لأي مسؤول أن ينكره أو يقول عكسه لأن الوقائع على الأرض أقوى من تصريحاتهم وأقوى من محاولاتهم لتغطية «السماوات بالقبوات» كما يقول المثل الشامي.
ما يهمنا في الرأي الذي قيل وعلى صفحة نقابات العمال هو كم من الجهود تبذل وكم من الخطوات تتخذ من أجل تغير واقع العمال الحالي إلى واقع آخر كما يجب أن يكون عليه التغيير أو على الأقل تحسين هذا الواقع بحيث يمكّن من الحفاظ على ما تبقى من العمال في معاملهم وخلف آلاتهم التي ستصاب بالصدأ لكثرة توقفها وعدم تشغيلها لتنتج ما يحتاجه الشعب السوري من حاجات ضرورية قد تخفف عنه قهره وحرمانه الذي يعيش به نتيجة أمور كثيرة وأهمها وضعه المعيشي.
في لقاء مع أحد النقابيين تم التداول بأوضاع المعامل والعمال وتحدث النقابي بحسرة ومرارة بالغة عمّا وصلت إليه الأوضاع في المعامل وقال لم يتبقّ على خطوط الإنتاج إلا من هم كبار في السن وهؤلاء قدراتهم على الإنتاج في أدنى درجاتها بسبب أوضاعهم الصحية ومعاناتهم مع الأمراض المهنية التي أصابتهم خلال فترة عملهم، وتابع بالنسبة لطلب عمال جدد يتقدم إلى العمل بعض العمال الشباب حيث لا يستمرون بالعمل ويغادرون بعدها والسبب الرئيس لمغادرتهم هي الأجور الضعيفة التي لا تكفي العامل كمصروف شخصي خلال ذهابه ومجيئه إلى العمل ويكون أغلب المتقدمين هم من النساء حيث يقبلون بما قسم الله لهم من أجور أيضاً بسبب العوز والحاجة والأغلبية المتقدمة من النساء معروف سببها، والأهم هو هجرة أعداد كبيرة من الشباب إلى خارج البلاد بحثاً عن فرص عمل وبحثاً عن مصادر يتمكنون فيها من مساعدة عائلاتهم المفقرة والتي تعيش بأقل من حد الكفاف.
لا تنبس النقابات ببنت شفة عن هذه الأوضاع وتقول إن الحكومة مع مطالبنا ومع تطوير قطاع الدولة وإعادة تشغيل المعامل وغيره من الأقاويل التي لا ترى فيها طحناً بل جعجعةً لا تقدم ولا تؤخر بشيء وكأن النقابات لا ترى ولا تسمع ما تقوم به الحكومة تجاه القطاع «العام» فقد جهزت له مراسم الدفن منذ زمن منذ صدور القانون عشرة وما تبعه من قوانين الاستثمار وآخرها قانون التشاركية المشكل بخصوصه مجلس سموه مجلس التشاركية لبحث وإقرار الشركات والمواقع التي ستسلم للشركاء «الوطنيين» من أجل استثمارها وتطويرها وكان آخرها حالياً محطة الدير علي الكهربائية وبعض المنشآت السياحية والحبل على الجرار.
إذاً مقولة «إن الحكومة مع القطاع العام» التي أقنعت النقابات بها تتهاوى شيئاً فشيئاً، والسؤال الذي يطرح ماذا تبقى للعمال والنقابات من مواقع إنتاجية وخدمية لتدافع عنها؟ وفي هذه الحال كيف ستدافع عن أجور العمال وحقوقهم في المواقع المسلمة للشريك الوطني هل ستفك الشراكة هي من أجل ذلك، أم ستبقى ويبقى العمال أي ما تبقى منهم على حالهم؟
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1073