العاطلون عن العمل والتنظيم النقابي

العاطلون عن العمل والتنظيم النقابي

التنظيم النقابي حق تكفله التشريعات الدولية المختلفة الصادرة عن الأمم المتحدة ومنظمة العمل الدولية واتفاقيات العمل الدولية وخاصة اتفاقيتي العمل (87 و98) وقوانين العمل النافذة في البلاد، بما فيها قانون التنظيم النقابي النافذ. حيث أكد على ذلك قانون العمل رقم 17 في المادة 95 منه، وكذلك القانون الأساسي للعاملين رقم 50 حيث أشار في العديد من المواد فيه إلى وجود التنظيم النقابي وضرورة مشاركة التنظيم النقابي في كل اللجان المشكلة بما فيها تقييم أداء العاملين.

يعتبر التنظيم النقابي من الأدوات المشروعة في كفاح الطبقة العاملة في الدفاع عن مصالحها وحقوقها التشريعية ومطالبها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبالتالي لا بدّ له من أن يلعب دوراً ملموساً في النهوض بواقعهم المعاشي اتجاه الأفضل، وهو أحد أهم المبررات لوجود التنظيم النقابي. ولكن هل للعمال العاطلين أو المتعطّلين عن العمل الحق بالتنظيم النقابي؟ إن الضرورة والحاجة تدعو إلى وجود تنظيم نقابي لحل قضايا العمال العاطلين عن العمل، حيث تعتبر ظاهرة العمال العاطلين عن العمل من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والنقابية في أي مجتمع، ومن أولى الحقوق التي أقرتها الشرائع الدولية الحق في العمل ويعتبر العمل حقاً لكل فرد في المجتمع ولا بدّ أن يتمتع بهذا الحق، وهو لا يقل أهمية عن الحق في التعليم، والحق في الغذاء وغيرها من الحقوق الأساسية للإنسان، حيث جاء في المادة: 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان :1-لكل شخص حق العمل، وفى حرية اختيار عمله، وفى شروط عمل عادلة ومرضية، وفى الحماية من البطالة.
تعتبر الأزمات ورقة عباد الشمس وكاشفاً حقيقياً لما يجري في أعماق المجتمع، من مشكلات اجتماعية واقتصادية. وقد أظهر انفجار الأزمة في البلاد أن البطالة ليست هي وليدة انفجار الأزمة، لكن تصاعد وتيرة انفجار هذه الأزمة وإدامتها قد ساهمت في ازدياد معدلات البطالة في البلاد، وتم تصنيف سورية من قبل منظمة العمل الدولية ضمن أوائل الدول في نسب البطالة المرتفعة، وعندما نقول بطالة يعني ذلك انعدام الدخل وبالتالي الفقر بشكل عام، ولكن مشكلة الفقر في البلاد ليست عند العاطلين عن العمل فقط، بل هي مشكلة فقر اجتماعي عام مرتبط بسوء توزيع الثروة الوطنية، وعملية الإفقار هذه تستفيد منها قوى النهب والفساد، حيث مازال القرار الاقتصادي والسياسة الاقتصادية في خدمة مصالحها.
لم يلحظ قانون التنظيم النقابي النافذ حالياً مشكلة العاطلين عن العمل وتمثيلهم والتعبير الفعلي عنهم، وتبني قضاياهم، وذلك لأن النقابات العمالية الموجودة ومن خلال قانون التنظيم النافذ تنظم عمالها ضمن جداول ونظم محددة شروط العضوية وحق الانتساب إليها، تقوم على أسس وجود علاقات عمل فعلية بين طرفين الإنتاج.
العمال وأرباب العمل سواء في قطاع الدولة أو القطاع الخاص، أي بمعنى وجود فرصة عمل حقيقية تحت إشراف رب عمل وذلك مقابل أجر يحدده رب العمل، وهو بذلك يستثني العاطلين عن العمل، والداخلين الجدد إلى سوق العمل الذين لم يحصلوا على فرصة عمل بعد من عضويتهم وحقهم بالانتساب إلى هذه النقابات، وبالتالي النقابات العمالية القائمة لا تمثلهم بشكل حقيقي، وهذا أفقدهم الحق بالتنظيم النقابي لعدم توفر شروط العضوية، حسب هذا القانون. مما انعكس سلباً على حقهم بالكفاح النقابي المطلبي للدفاع عن حقهم بالعمل اللائق والكريم، وقد يسأل سائل كيف تجري عملية تصنيفهم نقابياً، ولأية مهنة أو نقابة عمالية ينتسبون إليها لتحميهم بظلها، نقول إن المسألة ليست بذات التعقيد، بل هي من البساطة بمكان وذلك بإيجاد نقابة خاصة بهم ضمن نقابات الاتحاد العام لنقابات العمال وتعمل تحت إشراف الاتحادات العمالية في كل محافظة، يستطيع من خلاله أن يعبر عن هؤلاء العمال العاطلون عن العمل وينظمهم نقابياً إلى حين توفر فرصة لأي منهم، ومن ثم يعود العامل الذي تتوفر له فرصة عمل ثابته بالالتحاق بنقابته المهنية، التي تنطبق عليه شروط عضويتها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1062