إطباق الحصار على العمّال
أديب خالد أديب خالد

إطباق الحصار على العمّال

قانون العمل وضع ليناسب أصحاب العمل والنصوص التي تنصف العامل لا يتم العمل بها تحت حجج شتى وصاحب العمل هو صاحب القرار الأول والأخير في منشأته، وتم إلغاء القوانين والنصوص التي تنصف العامل وتحميه في القانون السابق لتصبح علاقة العمل وحسب القانون رقم 17 لعام 2010 تخضع لمبدأ الحرية التعاقدية ومنع القانون والقضاء من التدخل فيها، وتم إقرار التسريح التعسفي من العمل، وبات العامل البسيط يواجه صاحب العمل وحيداً دون حماية.

منع تمثيل العمال

نقابات العمال مشلولة لا حول لها ولا قوة سوى تبرير السياسات الحكومية تطبيقاً لشعار نحن والحكومة شركاء مع أن الحكومة لا تعتبرها شريكة في أي قرار تتخذه ولا تقيم وزناً للنقابات لأنها تعلم أنها عديمة التأثير، وتحوّل عمل النقابات من عمل نضالي إلى عملٍ خيري وإنساني عبر توزيع بعض المعونات على العمال، كل هذا يتم في ظل السيطرة الحزبية والأمنية على النقابات التي عملت وتعمل على تفريغها من مهمتها الأساسية كطرف مدافع عن حقوق العمال إلى طرف لا حول له ولا قوة سوى إصدار بطاقات التهنئة ورفع أسمى آيات الشكر للسلطة والتسبيح بحمد الحكومة وسياساتها حتى بات أعضاؤها عالة تعتاش على حساب الطبقة العاملة دون أن تقدم لها أية فائدة تذكر.

نسف القواعد الدستورية

الحقوق الدستورية التي أنصفت الطبقة العاملة وأقرت بعض الحقوق الأساسية لها مثل العدالة الاجتماعية وربط الأجور بالأسعار وحق الإضراب يجري على أرض الواقع سلبها من العمال ومنعهم من المطالبة بحقوقهم ومنع أي تحرك عمالي يسعى إلى المطالبة بحقوق العمال ولو كانت باستخدام الطرق الدستورية والقانونية كل هذا يتم بحجة عدم المساس بأمن المجتمع واستقراره ومنع المساس بهيبة الدولة ومؤسساتها، وكأنّ تحمل الفقر والجوع من الطبقة العاملة يؤسس لمجتمع سليم ومتوازن ومستقر وخال من الأزمات.

تخفيض مستمر للأجور

الأجور والرواتب في أدنى مستوياتها وهي لا تؤمن الحد الأدنى من المعيشة ولا تكفي سوى لأيام معدودة من الشهر والبدء برفع الدعم عن المواطنين تحت ستار عقلنة الدعم في مقابل ارتفاع مستمر وبشكل يومي للأسعار تارة بحجة ارتفاع الدولار وتارة التحجج بارتفاع الأسعار الغذاء العالمية ومع كل هذا يجد التجار والمستوردون والمحتكرون من يدافع عنهم وعن أرباحهم ويحمي نهبهم الذي أصبح مقونناً، كما برّر منذ يومين وزير التموين وحماية المستهلك للمستوردين أنهم يستوردون بناء على الأسعار العالمية وليس بناء على دخل المواطن ألا يعلم ذلك الوزير أن الأجور يجب أن ترتفع بمستوى الأسعار وهو ما نص عليه الدستور أم أن الدستور لا يعني سيادته لا من قريب ولا من بعيد.

قانون طوارئ إلكتروني

وأخيراً يتم دراسة مشروع قانون في مجلس الشعب لتعديل قانون مكافحة الجرائم المعلوماتية ودون الدخول في تفاصيله هدفه منع انتقاد الحكومة ومسؤوليها عبر الشبكة والتي باتت متنفساً للشعب للتعبير عن غضبه من القرارات الحكومية العشوائية وفضح ممارسات قوى الفساد وقد جرمت هذه الأفعال تحت بند المساس بهيبة الدولة ومؤسساتها وإضعاف الانتماء والشعور القومي، والمساس بمكانة الدولة المالية.
ولكن ممارسات قوى الفساد والنهب وتلاعبها بسعر الصرف واحتكار استيراد المواد الأولية والغذائية ورفع أسعارها بشكل مستمر وانخفاض الرواتب والأجور لدرجة بات الجوع يهدد الملايين من السوريين وكل هذا لا يعتبر مساساً بهيبة الدولة ولا يمس كيانها، ولكن المطالبة بالحقوق والدفاع عن الفقراء وانتقاد الفساد يخل بأمن المجتمع ويهد استقرار الوطن، لذلك يجب إطباق الحصار على الفقراء ومنعهم حتى من التألّم والأنين.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1061
آخر تعديل على الإثنين, 14 آذار/مارس 2022 10:26