الإضرابات والنقابات
تحدث العديد من الإضرابات في العديد من المعامل والورش على مستوى القطر ولأسباب عديدة، أهمها هو المطالبة برفع الأجور والرواتب، وهذا يدل على وعي الطبقة العاملة لمصالحها وعلى المعركة التي يخوضها العمال مع أرباب العمل يومياً، وعادة ما يتم التواصل مع مديرية العمل للتوسط لحل الخلاف بين العمال وأرباب العمل.
تعتيم إعلامي
ولكن للأسف لا يتم تسليط الضوء الإعلامي على مثل هذه الإضرابات ويتم التعتيم إعلامياً قصداً عليها حتى من قبل المنابر الإعلامية التابعة لنقابات العمال، ولا تجري مناقشة هذه الإضرابات داخل النقابات وكأنها ممارسة لعمل غير مشروع.
ولكن الهدف من التعتيم عليها هو لمنعها من الانتشار مع أنها باتت تنتشر تحت ضغط الضرورة التي يواجهها العمال وأهمها انخفاض مستوى الأجور والرواتب وارتفاع تكاليف المعيشة وتراكم الأرباح الهائلة في الطرف المقابل، ولإظهار أن المجتمع متوافق ومتلائم مع بعضه وبأن السياسة الاقتصادية للدولة لا تشكل أية عواقب سلبية بالنسبة للطبقة العاملة.
وعادة ما يقوم أرباب العمل باستخدام نفوذهم لدى السلطات الأمنية لقمع ظاهرة الإضراب وتخويف العمال والاستفادة من مفرزات الأزمة لتهويل الأمر على العمال واتهامهم بالتخريب وتوجيه تهم ما أنزل الله بها من سلطان عليهم.
موقف متخاذل للنقابات
بالمقابل يقود العمال نضالهم بعيداً عن الاتحاد العام لنقابات العمال الذي يتخذ موقف متخاذلاً مع أرباب العمال وغالباً يعقد ممثلو النقابات عند زياراتهم النادرة للمعامل اجتماعات مع أرباب العمل دون التوجه للعمال والاستماع إلى مطالبهم، أو يستخدمون من قبل رب العمل لثني العمال عن مطالبهم والتراجع عن تحركاتهم.
ولا يستطيع نقابي الوقوف معهم بسبب الهيمنة وعدم استقلالية قرار النقابات وهو ما يجعل العمال يخوضون معاركهم النضالية مجردين من منظماتهم التي يدفعون أموالاً للانتساب إليها والتي تعتاش على حساب العمال وأموالهم، وفي أحسن الأحوال للأسف تتخذ النقابات موقف المحايد أو الوسيط بين العمال وأرباب العمل وهذا طبعاً ليس من وظيفتها، بل وظيفتها الأساسية هي قيادة نضال الطبقة العاملة والدفاع عن العمال بكل الوسائل، خاصة أن الدستور أعطى تلك المنظمات صلاحيات واسعة وأدوات دستورية للنضال كإقرار استقلالية النقابات وإقرار حق الإضراب للطبقة العاملة واعتماد العدالة الاجتماعية كهدف للسياسة الاقتصادية للدولة ولكنها بقيت حبراً على ورق بسبب ذلك، لأنه على ما يبدو بأن السيطرة والهيمنة على قرار النقابات أقوى من الدستور في بلادنا للأسف.
قلب موازين القوى
فلو كانت نقابات العمال تقف مع العمال وتدافع عنهم لوجدنا أن غالبية الإضرابات كانت تكللت بالنجاح، وما كانت الطبقة العاملة تعاني من الفقر والجوع كما تعاني اليوم، ولو وجدت منظمات أرباب العمل من يقف في وجهها ويغير موازين القوى ويؤثر على السياسات الاقتصادية للحكومة ويوقف توجهها نحو تخفيض الأجور والرواتب ويردعها عن سياسة رفع الدعم.
النقابات على مفترق طرق
واليوم تقف نقابات العمال على مفترق طرق خطير وهام يهدد مستقبلها ووجودها كمؤسسة، فهي مطلوب منها حسم موقفها والاستدارة نحو تبني مطالب أعضائها أو أنها ستلقى مصير الموت الحتمي وانفضاض العمال من حولها وتوجههم نحو تأسيس نقابات جديدة تعبّر عنهم وعن مطالبهم وهذا ينذر بتقسيم نقابات العمال وبالتالي العمال وتشتيت قوتهم وإضعاف إمكاناتهم وهذا ما تسعى إليه قوى رأس المال والحكومة التي تدعمها فشعار نحن والحكومة شركاء باتت مرضاً عضالاً يهدد وجود الحركة النقابية بأكملها.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1053