الليبرالية وصناعة الفساد وطرق مواجهتها
إن سياسة تجميد الأجور في مقابل رفع يومي ومستمر لأسعار السلع والبضائع أدى إلى وصول الفارق بين الأجور والرواتب والأسعار إلى أرقام فلكية وجنونية، فمن يسد هذه الفجوة إذا لم تسدها الدولة أو تعمل على ردمها سوى الفساد والتناحر بين أبناء المجتمع الواحد، فحصول الأغلبية على 13% من الثروة فقط وهم يشكلون 90% من الشعب، فهذا يعني أن كل واحد منهم سيقاتل من أجل نيل حصته أو زيادتها على حساب الآخر قدر الإمكان وباستخدام مختلف الأساليب ويصبح المبدأ العام عند الجماهير أنّ الغاية تبرر الوسيلة.
واقع مفروض
ولا يستطيع هنا المواطن أو أية قوة سياسية أو أخلاقية أو دينية هنا الوقوف في وجه هذا التناحر والمنافسة الذي يؤسس للفساد بكل أشكاله وصوره في المجتمع لأنه مفروض على الأغلبية بسبب الظروف المعيشية والاقتصادية التي فرضتها عليهم الليبرالية ولا يد لهم فيها، بل يصبح الفساد طريقاً مشروعاً للهروب من الحرمان والموت جوعاً.
وهذا ما يدفع الكثير من المواطنين إذا لم يكن أغلبهم على استخدام أساليب ملتوية للحصول على أي شيء ليؤمنوا احتياجاتهم الأساسية ويصبح السعي وراء لقمة العيش هو الهدف الوحيد في حياتهم مهما كانت الطريقة والسبل، ويصبح كل شيء عرضة للبيع ولكل شيء ثمن وفقا لقوانين السوق، ومن ثم تنهار منظومة القيم والأخلاق في المجتمع ويغرق المجتمع في دوامة لا تنتهي من الجرائم وهذه هي نتيجة حتمية لممارسات الفساد الكبير الذي أوصل ملايين البشر إلى حافة الجوع.
تدمير المجتمعات
تعمل الليبرالية الاقتصادية مهمة حصان طروادة في تدمير المجمعات من خلال إفساد المجتمع بأكمله و تدمير منظومة القيم والأخلاق المجتمعية ونشر ثقافة الفساد وتعميم مبدأ المصلحة الشخصية فوق كل اعتبار حيث تصبح الأنانية مشروعة ويصبح هدف المواطن هو النجاة بنفسه فقط دون التفكير بمن يحيطون به بل ويفكر في مصلحته ولو كانت على حساب مصالحهم دون اكتراث لوضعهم ودون اكتراث بالوضع العام ويصبح الاهتمام بالشأن العام ضرباً من ضروب الجنون وأي مواطن يهتم بشأن العام سيكون مجنوناً بنظر الأغلبية، وحينها سينظر الليبراليون ويتحدثون عن فساد المجتمع وأنه لا سبيل إلى إصلاحه.
ما الحل؟؟
ولإنقاذ المجتمع لا بد من ومواجهة السياسات الليبرالية الاقتصادية ومكافحة الفساد الكبير من خلال بناء دولة القانون، وبالعدالة فقط بشقيها القانوني والاقتصادي مع إعطاء أوسع حريات سياسية وديمقراطية يتمكن المجتمع من الهجوم على مواقع الفساد الكبير وتدميرها وإنقاذ المجتمع والدولة معاً من شبكة الفساد العنكبوتية التي أحاكها حول الدولة ومؤسساتها والمجتمع.
بهذه الإجراءات فقط نستطيع إنقاذ المجتمع من براثن قوى الفساد والليبرالية ونضعف تأثيرها على المجتمع إلى أبعد الحدود، وهذا يتطلب إحداث تغيير جذري وشامل ببنية النظام الحالي العاجز عن إيجاد حل لأية أزمة مهما كانت بسيطة يعاني منها المجتمع وذلك بسب انسداد الأفق أمامه ووصوله بسياساته الليبرالية إلى حائط مسدود وهو ما أدى إلى انفجار الأزمة السورية عام 2011.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1046