المشاركة الفاعلة للنقابات وإمكانية التغيير

المشاركة الفاعلة للنقابات وإمكانية التغيير

الطبقة العاملة هي الأساس في العملية الإنتاجية، وهي تمثل الشريحة الأوسع من السكان, لذا تأثيرها في قضايا الحياة العامة والسياسية بشكل خاص من المفترض أن يكون على مستوى وزنها في العملية الإنتاجية والاقتصادية، ولهذا ومن موقعها الذي أشرنا إليه فهي إحدى القوى التي لها مصلحة  في عملية التغيير الجذري والحقيقي في البلاد، ومشاركة الطبقة العاملة في العملية السياسية والديمقراطية والاقتصادية، إحدى أشكال الاستقرار في المجتمع، والحركة النقابية والعمالية هي شكل من أشكال الرقابة الشعبية على دور وأداء السلطة التنفيذية.

أن فاعلية هذه الحركة ستعزز من التنمية الاقتصادية ليس في تحسين أوضاع العمال فحسب، بل لكافة شرائح المجتمع، وتفعيل النضال النقابي سيقلل من حالة الفراغ السياسي التي تعيشها الطبقة العاملة عبر تهميشها، وعدم الاهتمام بقضاياها الأساسية، وخاصة الأجور وتحسين شروط وظروف العمل وتأمين العمل اللائق في برامج وخطط الحكومة، الأمر الذي يتطلب من الحركة النقابية والعمالية إعادة النظر في كيفية تفعيل طاقات العمال، وإعادة جذبها إلى الحركة النقابية والعمالية والعمل العام، من خلال تفعيل دور النقابات، وذلك عبر إعادة صياغة أولوياتها وبرامجها انسجاماً مع القضايا الوطنية المختلفة، بما يحقق التكامل في العمل بينها وبين الطبقة العاملة.
تناط بالنقابات مسؤولية كبيرة في تنشئة وتفعيل أنماط وأشكال الكفاح المختلفة بما فيها الإضرابات والتظاهر لإعادة النشاط الفاعل لدى العمال، فدور النقابات في تنمية قواعد وأسس الديمقراطية، ودعم تلك الأشكال النضالية، يلزم قيادتها الاهتمام بتنمية الوعي السياسي ونشر ثقافة النضال السلمي الديمقراطي من أجل التغيير الجذري للسياسات الاقتصادية التي تمضي بها الحكومة بعيداً عن مصالح العمال والعباد، وتنمية وعي الطبقة العاملة بالقضايا الوطنية الكبرى، كما أن من واجب النقابات إعداد مساحة كافية في برامجها لفهم واستيعاب مفردات الخطاب السياسي الرسمي الذي يتهرب من مسؤولياته اتجاه البلاد والعباد، من خلال إيجاد صيغ جديدة للخطاب النقابي مع العمال في مناقشة قضاياهم وقضايا المجتمع ومشكلاته، بتركيز الجهد وشرح وتوضيح آليات ومهارات الكفاح العمالي، من أجل تحصيل حقوقهم المختلفة من أجر عادل وتأمين اجتماعي وصحي وأمن صناعي، والحد من البطالة بدراسة ومعرفة سوق العمل من مدخلاته ومخرجاته، وكيفية إدارة الأزمات.
إذاً، هناك ضرورة كبرى لتصحيح أوضاع الحركة النقابية عن طريق العمل المنظم في صفوف العمال وكافة المهنيين للتخلص من الأمراض التي تعاني منها النقابات، نتيجة التوافق الكبير بين رؤية النقابات ورؤية الحكومات المتعاقبة ببرامجها تجاه حقوق العمال.
ومن المهام الأساسية دفع الحركة النقابية نحو مواقف أكثر فاعليه للدفاع عن مصالح العمال، وعدم ترك الحركة النقابية للمجهول وهيمنة عناصر لا تمت للعمل النقابي بصلة، خصوصاً تلك التي تسلب من العمال قرارهم واستقلاليتهم، لحمايتها من التفكك والتشرذم، ولتحقيق المطالب العمالية، خصوصاً الأساسية منها، ذات الصلة بالحياة المعيشية والاجتماعية، مثل: رفع الحد الأدنى للأجور بما يتناسب مع متوسط متطلبات المعيشة، وتحسين ظروف العمل وحماية الحقوق لكافة العمال ومنتسبي النقابات من القاعدة إلى القمة، لأن النقابة هي التنظيم الأساسي لحماية العمال في وسط المصانع أو المؤسسات والشركات المختلفة، وعلى عاتقها تقع مهمة العمل من أجل ذلك في كل الظروف، خصوصاً إذا تعرضت النقابات لخطر تغيير دورها الذي وجدت من أجله، يتطلب هذا الوقوف بحزم ضد كل أشكال الممارسات التي تؤثر سلباً على الحركة النقابية والعمال ومصالحهم والعمل على تمكين العناصر العمالية التي أثبتت التجارب بأنها قادرة على إدارة الحركة النقابية، وترك العمال يختارون ممثليهم الذين يملكون الخبرة و الكفاءة والجرأة ومعرفة أساليب عمل النقابات وقيامها بدورها المطلبي والتنظيمي، بعيداً عن المحسوبية والمصالح الضيقة، وبعيداً عن أنظار كل القوى المعادية للطبقة العاملة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1030
آخر تعديل على الإثنين, 09 آب/أغسطس 2021 22:51