بصراحة ... على هذه الأرض ما يستحق الحياة!
تمر سنوات الأزمة واحدة بعد الأخرى، ويستذكر فيها الفقراء عموماً- والمهجرون خصوصاً- أحلامهم التي سُرقت منهم وجعلتهم أرقاماً في سجل الحكومات والمنظمات الدولية، حيث يجري استثمارها في سوق السياسة العالمي والمحلي.
من خلال الجلسات التي تحصل في زيارات العيد تكون الأزمة الموضوع الرئيس للجالسين، أو كما يعبر عنها البعض بطريقته الشعبية، بالمحنة التي أصابت الشعب السوري، والتي أوصلته إلى الدرك الأسفل في مستوى معيشته، وجعلته مهجراً ونازحاً يهيم على وجهه، مصارعاً المستجدات التي طرأت على حياته من أجل تأمين حاجات أطفاله وأسرته الضرورية بمناسبة العيد، حيث اعتاد على تأمينها قبل المحنة/ الأزمة، يذهب إلى الأسواق التي يُقال عنها شعبية، وهي الآن ليست كذلك، يتأمل الأسعار ولكنه يخشى من السؤال عنها لعلمه المسبق بقدرته الشرائية التي فُصّلت على مقاس أن يأكل ويشرب ضمن الحدود الدنيا التي تبقيه سائراً على قدميه.
إن قدوم الأعياد بمختلف ألوانها، وأشكالها يكشف عورة الوضع غير الإنساني الذي وصلت إليه حال الناس، ويشير إلى حجم الكارثة التي حلت بالفقراء، لأنها تفجر أحزانهم، وتظهر كم من القهر قد أصابهم وهم في منافي التهجير والنزوح ومراكز الإيواء، تلمس من التأوهات الخارجة من الصدور المأساة المعاشة، ويطرحون سؤالاً أساسياً: إلى متى سنبقى مهجرين في وطننا؟ ولمصلحة من استمرار الأزمة والحرب في مناطقها المتعددة التي تقتل شبابنا وتدمر وطننا الذي نحبه؟
سؤال قد لا يجيد الكثيرون الإجابة عنه بشكل واضح وحقيقي كما يفعل أهل السياسة والدراية ببواطن الأمور، ولكن ما يفهمونه بحسهم الشعبي الصادق أن هذه الحرب والأزمة لا تعبر عن مصالحهم، وهي تخدم من يسعى إلى استمرارها وإبقاء نارها مشتعلة طالما هي تدر الملايين والملايين والتي لا تصيب عادةً الفقراء، بل يدفعها الفقراء بطرق مختلفة لتذهب إلى جيوب الظالمين المغتنين، والمنتفخين أمراء الحرب والناهبين وهي من لقمة عيشنا ودمنا... من بسمة أطفالنا الذين تحولوا إلى رجال قبل أوانهم، حيث تحولوا إلى عمال يكدحون في سوق العمل من أجل حفنة من الليرات قد تسند الجرة الآيلة إلى السقوط، أحاديثهم المتداولة الأن ليست كما هي قبل الحرب في مجالسهم.
أيها المهجرون والنازحون والمهمشون والمشردون لا ترفعوا الراية البيضاء، الوطن لنا وليس لهم، الهواء والماء لنا وليس لهم، فلنقاوم أعداء الشمس والحياة من فاسدين وناهبين كبار بألوانهم المختلفة وتجار الدم... كرامتنا بالدفاع عن لقمتنا وكلمتنا ووطننا سيبقى لنا.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1017