الأعياد لم تعد لذوي الدخل المحدود
أديب خالد أديب خالد

الأعياد لم تعد لذوي الدخل المحدود

انتشرت على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي لائحة أسعار بعض الحلويات الشعبية، حيث سعر الكيلو الواحد منها يعادل راتب عامل لشهر كامل وأكثر من راتب الموظف وباتت بمثابة حلم لأغلب السوريين، ولم تعد تلك الحلويات شعبية كما كانت، بل باتت محصورة بزبائن معينين.

فالليبرالية منعت السوريين من الاحتفال بالأعياد وحصرتها بيد فئة قليلة، فالأعياد تمر على العمال وذوي الدخل المحدود كالكابوس، وهم يتمنون لو أن أنها لا تأتي لأن هذه المناسبات تكشف فقرهم، وتظهر مدى عجز أجورهم عن إدخال الفرح والسرور إلى عائلاتهم، وتجعلهم خجولين من أولادهم وهم الذين لا يملكون شيئاً من ثمن تكاليفها سوى الإكراميات التي يوزعها عليهم أرباب العمل في كل عيد والتي لا تتجاوز أجرة يوم أو يومين.
ففي الأعياد التي من المفترض أنها للجميع لا تفرق بين غني وفقير، نراها باتت حكراً على طبقة معينة، تستطيع وحدها تحمل تكاليف الأعياد من شراء ألبسة جديدة إلى حلويات العيد وتملك ثمن السفر للأماكن السياحية غالية الثمن، بينما على المقلب الآخر نرى غالبية الشعب لم يعد قادراً على تأمين قوت يومه، وأن أكثر من نصف السكان لا يعلمون كيف سيؤمنون وجبة يوم الغد، فكيف لهؤلاء أن يتحملوا كلفة الأعياد.
الحكومة ليس في وسعها فعل أي شيء كما تدعي سوى أنها تفتتح بعض الأسواق التي تسمى خيرية، والتي لا تختلف أسعارها عن أسعار السوق إلا بفارق بسيط، هي عادة عمولة بائع المفرق، وكأن الحكومة تريد أن تقول لنا أن بائع المفرق هو من يسرقنا وهو المسؤول عن ارتفاع الأسعار وتآكل الأجور!!!.

وشهد شاهد من أهله..

غرفة التجارة من جهتها قالت: إن المشكلة ليست بالأسعار، فهي مناسبة لتكاليف الإنتاج وليست بالمرتفعة، ولكن المشكلة بالرواتب والأجور، أي أنها حملت المسؤولية في تدني نسب الاستهلاك والتي تؤثر سلباً على الإنتاج إلى الحكومة وسياسة الأجور المعدومة التي تتبناها، وقد رفعت الدولة كل الأسعار، وحررت سعر الصرف، وأطلقت يد التجار في الحياة الاقتصادية والاجتماعية حتى أنها رفعت رسوم الخدمات التي تقدمها أضعافاً مضاعفة، ولكنها تصر على إبقاء الرواتب والأجور في الحدود الدنيا، دون اتخاذ أي إجراء يوقف تدهورها وانخفاض قيمتها.

اقتصاد قائم على الحوالات!!!

إذا كان جزء من السوريين تأتيه حوالات خارجية يستطيع من خلالها دفع آجار منزله، أو دفع تكاليف عملية جراحية، أو يعتمد عليها في تحمل تكاليف المعيشة الغالية، فليس كل الشعب تأتيه حوالات، فماذا يفعل من لا تأتيه مساعدات أو حوالات خارجية؟ هل يفتح فمه إلى السماء؟ وهل من المعقول أن تعتمد عجلة الاقتصاد على الحوالات الخارجية؟ وهل من المعقول أن يعيش الشعب على المساعدات الغذائية الدولية وعلى الأسواق والجمعيات الخيرية والمبادرات الفردية هنا وهناك؟
إذا كان البعض يُحمل ما وصلت إليه الحال للأزمة السورية، فنحن لا ننكر نتائجها، ولكن يحق لنا طرح السؤال الآتي: إذا كان الاقتصاد السوري قبل الأزمة بخير ويحقق معدلات نمو عالية كانت ستوصلنا إلى مراتب سويسرا، فلماذا انفجرت الأزمة السورية؟ إذاً أين هي المشكلة؟ الحقيقة، أن الأزمة سرّعت فقط من نتائج السياسات الليبرالية التي كنا سنصل إليها عاجلاً أم آجلاً بأزمة أو بدونها، ولنا مثال على ذلك في مصر.
أي مفهوم عن السيادة والاستقلال إذا كانت معيشة السوريين قائمة على المساعدات الأممية والتبرعات الدولية وحوالات المغتربين؟ وأية سياسة وطنية تنتهج تجعل من شعبها جائعاً يقتات على المساعدات الأممية؟ أم أن السيادة لا تحترم إلّا عندما يتعلق الأمر بالتغيير في البلاد وفق القرار الأممي 2254 هنا فقط تصبح السيادة خطاً أحمر لا يجوز تجاوزه.

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
1017