ثقة العمال أم ثقة القيادة؟

ثقة العمال أم ثقة القيادة؟

العمل النقابي في بلادنا بحاجة إلى تطوير وسائل وأدوات نضاله، وتجديد آلياته، حتى يرتقي العمل النقابي إلى الدور المناط به قولاً وفعلاً. إن الكوادر النقابية ينبغي أن تكون ذات شخصية متوازنة بين ما هو عمل نقابي ميداني وممارسة، وما هي انتماءات حزبية أو قومية أو طائفية وغيرها، ومن أجل ذلك لا بد من إعداد كوادر نقابية متوازنة متسلحة بوعي طبقي ونقابي عالٍ. 

تغلب على كوادرنا النقابية- منذ ثمانينات القرن الماضي- مجموعة من الصفات التي فرضتها السلطات الوصائية، والسلطات التنفيذية على النقابات بعد دخلوها تحت عباءتها، كمحدودية الإمكانات الكفاحية، وضعف الفاعلية الميدانية المرتبط بضعف الكفاءة، وقلة الكوادر النقابية الواعية لأهمية العمل النقابي ودوره في حياة الطبقة العاملة والبلاد عامة، وتحصيل حقوق العمال خاصة، هذه الصفات وغيرها من الصفات التي تصب في هذا المنحى، وغياب تلك السمات والشروط التي يجب أن يتمتع بها الكادر النقابي وتتيح له الفاعلية وتطوير العمل النقابي المناط، والذي وجد التنظيم النقابي لأجله، نابعة من فكرة وحيدة هي: الولاء الغامض للقيادة في السلطات التنفيذية والوصائية على هذه النقابات. لهذه الأسباب الذاتية في الحركة النقابية، لم تكن للكوادر النقابية القدرة على تكوين وتطوير ذاتهم في العمل والفعل النقابي. وبات أي كادر نقابي يتربع في الهرم النقابي لا يمكن له ذلك دون موافقة تلك القيادة، وعندما يصل إلى هذا المكان أو ذاك في الهرم النقابي تنهال عليه المباركات والثناءات من البعض، ومن هرم السلطة التنفيذية ومن زملائه المتربعين في الهرم النقابي على ثقة القيادة به، وهو من جانبه يؤكد للجميع أنه أهل لهذه الثقة، وسوف يكون طوع بنانها أي: القيادة، فهو يعرف تمام المعرفة أنه سوف يخرج من الهرم النقابي بجرة قلم كما تربع بجرة نفس القلم بهذا المكان. أما العمال فلهم رأي آخر، ويعبّرون عنه بأشكال مختلفة، ومنها: الامتناع عن الانتساب للنقابات، وكذلك العمال المنتسبون للتنظيم النقابي يحجمون عن الترشح إلى صفوف الهرم، وخاصة في قاعدته، فهم يعرفون أن تلك القيادة لا تثق بهم. لقد أضحت المنظمة النقابية القائمة أداة تهادن السياسات الاقتصادية الليبرالية المعادية لحقوق ومصالح العمال والمجتمع، وأداة لتدجين العمال ومساهمة في إخضاعها لسطوة أرباب العمل لدى قطاع الدولة والقطاع الخاص. وهذا ما أدى إلى تغيير شامل لوظيفة النقابة، ولأساليب النضال وللديمقراطية الداخلية في صفوف الحركة النقابية، ولطبيعة العلاقة مع أرباب العمل المختلفة، وهذا جل ما نتخوف منه إذا استمرت هذه الحالة.

نقاش داخل نقاباتنا

إن طرح هده الفكرة ليست الغاية منه سوى فتح نقاش داخل نقاباتنا حول طرق وأساليب العمل لجعل التنظيم النقابي تنظيماً صلباً عاماً لكل الطبقة العاملة، وذا مصداقية ويكسب ثقتها. ويجب على الكوادر النقابية في مختلف درجات الهرم النقابي أن تخضع للتقييم المستمر من أجل التقويم والتطوير، لكي تبقى الحركة النقابية تلك الأداة والوسيلة من أجل تحقيق تنمية الوعي والثقافة العمالية، للوصول إلى حقوقها ومطالبها. وذلك بإعطاء الدور الحقيقي للهيئة العامة في التجمع العمالي، وحقها في عزل، ومحاسبة ممثليها.

المفاوضات مع السلطة التنفيذية

في هذا الواقع الاقتصادي والاجتماعي الذي يزداد سوءاً وتدهوراً يوماً بعد يوم، لا بد من نهوض العمل النقابي وتصدره، وأن تلعب النقابات دورها في التعبير عن الغضب والاحتجاج، وتعيد تنظم نضالات العمال، ومطلوب هو حشد كل في صفوف الطبقة العاملة سواء في القطاع الخاص أو قطاع الدولة، على أهم المطالب، وخاصة الأجور، وسيوفر الضغط اللازم ويبني موازين قوة تجعل المفاوضات مع السلطة التنفيذية من أجل حقوق ومطالب العمال أكثر فعالية، ويُعيد للتنظيم النقابي وكوادره ثقة العمال به وبهم. وسوف نرى تاريخاً من التفاني والنضال والتضامن سيظهر لدى الطبقة العاملة عندما تحيا من جديد على الوعي الطبقي. لقد كان العمال السوريون وما يزالون وطنيين، رغم كل المعاناة والمصاعب التي مروا ويمرون بها، ولكن ذلك لا يمنعهم من امتلاك الوعي في غضون فترة قياسية من خلال دفاعهم عن مصالحهم المشتركة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1011
آخر تعديل على الإثنين, 29 آذار/مارس 2021 14:11