تأمين العمل للشباب ضرورة للنهوض..
تقدم وتطور أي مجتمع وتأمين وصون كرامة الإنسان فيه مرتبط بشكل أساسي بالعمل، ويعتبر العمل المصدر الأساس لأي تقدم اقتصادي واجتماعي، وهو المصدر الأساسي للنمو والبناء الاجتماعي والاقتصادي في البلاد، وهو أي: العمل، حق كفله الدستور لكل طالبي العمل، وواجب على الدولة تأمينه لكافة المواطنين، مع أجر عادل، لا يقل عن الحد الأدنى لمتطلبات الحياة المعيشية وتغيرها. لكونه الطريقة الوحيدة التي تضمن تحقيق الأهداف والخطط التنموية التي تضعها الدولة للنهوض بالمجتمع على كافة الصعد، الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية، وإرساء الحياة السياسية الديمقراطية، وأمام تدمير آلاف المنشآت الاقتصادية والاجتماعية خلال انفجار الأزمة، وهدم البيوت والمؤسسات وتشريد ملايين السوريين.
المشاريع المتناهية في الصغر
فقد ارتفعت نسبة البطالة، ولكن لا بد من توفير فرص عمل منتجة تساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من خلال تطوير المعامل والمصانع في قطاع الدولة، وفسح المجال وتسهيل العمل لعودة مصانع ومنشأت القطاع الخاص، وتطوير مصانعه عوضاً عن وضع العراقيل أمامه وابتزازه وتطفيشه، وتأمين العمل لا يجوز أن يُبتذل بإحداث فرص عمل استهلاكية فضفاضة غير منتجة، لمجرد الإعلان عن تخفيض نسب البطالة، والتشغيل للشباب كيفما اتفق، تحت شعارات طنانة وغير مجدية، وعلى سبيل الذكر: دعم المشاريع المتناهية في الصغر، والقروض الصغيرة المقدمة لها، والتي لا تشكل قيمة مضافة «محرزة» في بناء الاقتصاد الوطني، فهذه الأشكال لا يمكن أن تحقق فرص عمل حقيقية ومنتجة تلبي مصالح المجتمع، وإعادة نهوض البلاد وإعمارها. إن فرص العمل غير المنتجة اجتماعياً، والتي لا تساهم في إرساء بنية اقتصادية تحتية صلبة لم يعد لها جدوى، من أجل تحسين وتطوير البنية الاقتصادية بعد هذه المعاناة الكبيرة التي مرت بها البلاد من تدمير وخراب. ومن أجل استيعاب سوق العمل، ولكي نحقق النمو لا بد من إتباع أسلوب جديد للعمل والتشغيل، يوفر العمل لكل طالبي العمل، وخاصة في ظل التطور التكنولوجي الجديد الذي يعيشه العالم اليوم، الذي ينحو نحو المعرفة والمعلوماتية والأجيال الجديدة المتطورة من التكنولوجيا الرقمية، وهذا يتطلب توفير بنية تحتية مبنية على قاعدة معرفية وتقنية للأنماط الجديدة من العمل غير التقليدية؟
قوانين عمل عصرية
وبالتالي، بات على الحكومة إيجاد فرص عمل جدية ذات طابع تنموي تلائم الضروريات لإعادة الإعمار لكل ما تم تهديمه وتفشيله وتخسيره من مصانع ومعامل قبل انفجار الأزمة وخلالها، مع الحفاظ على كرامة العامل من خلال تأمين حقوقه المشروعة من قوانين عمل عصرية وأجور توفر الحياة الكريمة للعامل وأسرته، وتلبي متطلبات حياتهم، وخاصة للخريجين الشباب، وإفساح المجال لهم لتنمية أنماط التفكير والإبداع لديهم، من خلال تطوير مهاراتهم وقدراتهم الفنية والمهنية، ودفعهم نحو الابتكار للمشاركة باستحداث وتطوير وسائل العمل من أدوات وآلات بما يواكب كل ما هو جديد، ويتناسب مع الواقع والظروف. والواجب على النقابات العمالية أن يكون لها دور فعال في الضغط والتأثير على الحكومة للسير بهذا الاتجاه، فهي صاحبة علاقة بحماية العمال لتأمين حياة كريمة لهم، وإبعادهم عن شبح البطالة والفاقة وتوفير الحماية القانونية والاجتماعية لهم. تعيش الطبقة العاملة اليوم في ظل تغطية صحية ضعيفة، ونظام صحي معتل ومحروم من أبسط مقومات الوقاية والاستشفاء، وأعداد كبيرة من العمال خارج أي نظام للحماية الاجتماعية، وأجور هزيلة لا تستطيع مجاراة أسعار مواد الاستهلاك الأساسية.
وخلاصة القول: إن الحق بالعمل أحد الحقوق الأساسية للإنسان، وقد كفلته كافة التشريعات الدولية والعربية والدستور، ويجب على الحكومة العمل ضمن خطة إستراتيجية لاستحداث فرص عمل جديدة ومواكبة التطور التكنولوجي، والأنماط الجديدة للعمل، في ظل هذا التطور، ومواءمة التعليم وسياساته مع احتياجات سوق العمل الجديدة والمستجدات والمتغيرات على العمل، تبعاً للتكنولوجيات والتقنيات الحديثة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1010