العمل النقابي الناجح..

العمل النقابي الناجح..

العمل النقابي الناجح، هو الذي يقوم على أسس وقواعد نضالية وخطة عمل كفاحية، وإستراتيجية عملية تنسجم مع الواقع الاقتصادي والاجتماعي والمتغيرات والمستجدات التي تعيشها الطبقة العاملة.

وهذا مرهون بوجود كوادر نقابية مؤهلة وقادرة على تحقيق الأهداف، بعيداً عن أية نزعات ومصالح ضيقة حزبية كانت أو غير ذلك، قد تضر بالعمل النقابي، والغاية التي وجد من أجلها، والاختلاف من أجل تحسين العمل النقابي هو أساس تطوره وتجويده، ويعتبر ظاهرة صحية، وخاصة عندما تكون على أسس ديمقراطية، وتقوم على مبدأ احترام الرأي والرأي الآخر، والتقبل ورحابة الصدر واستيعاب الاجتهادات والأفكار في طرق وأساليب العمل النقابي، ورفض الخلافات التي لا ترتبط بالعمل النقابي، سواء الشخصية أو غيرها، التي تُنشئ صراعات في التنظيم النقابي، والتي تنعكس سلباً على أداء العمل النقابي، وتضعف قدرة الحركة النقابية على تحقيق أهدافها بالوصول إلى النتائج المتوخاة، من حقوق ومصالح العمال الأساسية المتعلقة بالأجور، ومستوى المعيشة، والأمن الصناعي والصحة والسلامة المهنية، وقوانين العمل وغيرها من التشريعات التي تتعلق بقضايا العمل والعمال، وهذا ما يسبب مشكلة في الحركة النقابية إذا لم تكن هناك أدوات وأساليب متنوعة في العمل لتحسين الأداء، وتحقيق الحقوق والمصالح العمالية.

من القضايا التي تشكل تحدياً حقيقياً، وتهدد استقرار واستمرار العمل النقابي وتطوره في خدمة مصالح العمال الرئيسية المناطة بالتنظيم النقابي، شكل الطروحات والتوجهات وخطاب التنظيم النقابي حول كافة قضايا العمال والعمل. الخطابات التسولية التي تبدأ بالثناء على السلطة التنفيذية وجهودها القيمة، ثم تتوسل إليها وتتسول بأن تتكرم بالتوجيه لإجراء ما يلزم لتوفير هذه الخدمة، أو تحقيق هذا الحق المشروع والواجب عليها، تفضلاً منها وإحساناً، ثم يختم الخطاب بما بدأ به من الشكر والثناء والمديح. وللأسف نرى ذلك ضمن صفوف الهرم النقابي الداخلي من قاعدته في مؤتمرات الهرم النقابي إلى قمته، كذلك هذا الشكل من التسول والتوسل نراه في سلسلة الهرم الوظيفي بين كل مرؤوس ورئيس.

فقدان إحساس المسؤول بواجباته

إن هذه النزعة التسولية نابعة من فقدان إحساس المسؤول بواجباته، وعدم محاسبته على التقصير في أدائه لواجباته، والمسؤول الذي أعلى منه لا يختلف عنه، وهكذا ففاقد الشيء لا يعطيه، فعلى سبيل الذكر في العمل الوظيفي: إذا أردت تخليص معاملة فعليك أن تتسول وتتوسل الموظف، فأنت تحت رحمته، فبإمكانه أن يقف حجر عثرة في طريقك. ولكن هل هذه النزعة التسولية متجذرة في نقاباتنا؟ ومجتمعاتنا عامة؟ أقول: إن بعضها عميقة الجذور وبعضها سطحية، وتختلف درجة التسول والتوسل باختلاف السلم الوظيفي للمسؤول، فإذا كنت تحتاج إلى توسلات بسيطة ومحددة لموظف صغير، فإنك تحتاج إلى سلسلة من العبارات التسولية، وخطبة تمهيدية عصماء مليئة بالتوسلات، كلما عظم شأن المسوؤل، أما في العمل النقابي ليست متجذرة، وهذا الشكل أو الأسلوب يعتبر طارئاً على العمل النقابي، فتاريخ العمل النقابي منذ تأسيسه لم يكن ينتهج هذا الشكل والأسلوب من التسول والتوسل. ولابد من العودة عن هذا الشكل والطريقة من الخطاب التوسلي وإشعار السلطة التنفيذية بمسؤوليتها المباشرة، وتقصيرها في عدم تحقيق مطالب العمال ومصالحهم وحقوقهم المشروعة، وإن من واجبها تحقيق هذه المطالب والحقوق في أقرب وقت دون مماطلة أو تسويف، ومن ثم لا بد من تحذير هذه السلطة، بأن أيّ تباطؤ في تحقيق المصالح والحقوق المطلوبة للعمال سيؤدي إلى رفع سقف المطالبة باتخاذ الأدوات والأسلحة الضرورية، من أشكال مختلفة من الاحتجاجات من اعتصام أو تظاهر بما فيها الإضراب. وهذا يحتاج إلى إرادة نقابية حقيقية تؤمن بالعمل النقابي الكفاحي، ووجود ثقافة ووعي للكادر النقابي بأهمية العمل النقابي، وجود قانون للتنظيم النقابي يضمن الديمقراطية لكل أعضاء التنظيم، وينسجم مع الواقع والشرائع الدولية. ووجود قيادة نقابية منتخبة بشكل حقيقي وديمقراطي، دون أي تدخل من أية سلطة كانت خارج الطبقة العاملة، لكيلا تبقى تحت رحمتها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1009
آخر تعديل على الجمعة, 16 نيسان/أبريل 2021 14:41