المحكمة العمّالية (الأخطاء التي يقع بها العمال في الدعاوى العمالية)
نص قانون العمل رقم 17 لعام 2010 في المادة 7 منه وبشكل صريح على إعفاء العمال من توكيل محام. وبالتالي، يستطيع العامل أن يُقيد دعواه بنفسه ومتابعتها في جميع مراحل التقاضي (البداية والاستئناف والطعن نفعاً للقانون) وتحدثنا سابقاً: أنَّ هذا ليس في مصلحة العامل الذي لا يملك الخبرة القانونية والمعرفة الكافية بالقوانين ليقوم بنفسه في الترافع في قضاياه العمالية، وليس من السهل عليه معرفتها ومواجهة خصمه الذي يكون ملزماً بتوكيل محامٍ للدفاع عنه.
فالكثير من الدعاوى العمالية تُردَّ شكلاً من قبل المحكمة، بسبب الأخطاء التي يقع بها العمال، نتيجة عدم معرفتهم بإجراءات رفع الدعوى، وكيفية تحصيل حقوقهم، والتي عادة ما تجبر العامل على التنازل، أو التصالح مع رب العمل، دون أخذ حقوقه كافة، أو الاتفاق مع رب العمل على أخذ جزء يسير من حقوقه، فهذا بالنسبة له أيسر من التوجه للمحكمة.
أهمّ الأخطاء التي يقع بها العامل في المحكمة العمالية
لم يتضمن قانون العمل رقم 17 لعام 2010 أي نص خاص لتقادم الحقوق التي تترتب على علاقة العمل، لذلك لا بدّ من العودة إلى الأحكام العامة للقانون المدني بالنسبة لهذا الموضوع، وهنا لا بدّ من التمييز بين تقادم الحقوق الدورية المتجددة عموماً، وبين التقادم المسقط للدعاوى المتصلة بعقد العمل، حيث نصت المادة 373 من القانون المدني على أنه: (يتقادم بخمس سنوات كل حق دوري يتجدد، ولو أقر به المدين والرواتب والأجور والمعاشات) وهذا ما يسمى بالتقادم الخمسي، ويشمل نطاقه الأجور ومتمماتها وما يعتبر في حكمها، وبدل العمل الإضافي وغيرها مما له الصفة الدورية. لذلك تقوم المحكمة العمالية غالباً باحتساب هذه الحقوق في حال ثبوتها عن خمس سنوات سابقة للادّعاء، وأن فقدان الحق لصفة الدورية، والتجدد يخرجه من نطاق تطبيق التقادم الخمسي، ويجعله خاضعاً للتقادم الطويل، إذا كان عقد العمل ما زال قائماً.
التقادم المسقط للدعاوى المتصلة بعقد العمل
يعتبر الوقوع في فخ هذا النوع من التقادم من أهم الأخطاء التي يقع فيها العامل، وهذا متعلِّق بسقوط الحق في رفع الدعوى، وليس بسقوط الحق نفسه، أي: بمعنى آخر لم يعد للعامل الحق في رفع الدعوى بعد مضي مدَّة معينة، حيث نص القانون المدني السوري في المادة 664 على أنه: (تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بانقضاء سنة تبدأ من وقت انتهاء عقد العمل...) بمعنى، أنه تنظر المحكمة إلى تاريخ قيد الدعوى في المحكمة، وكذلك إلى تاريخ انتهاء العلاقة العمالية الذي يقرّ به المدَّعي في استدعاء دعواه، أو تثبته شهادة الشهود. فإذا كانت المدة الفاصلة أكثر من سنة كانت الدعوى ساقطة بالتقادم.
الاختصاص النوعي
تعتبر الدعاوى العمالية من الدعاوى التي تختص بها محكمة البداية المدنية العمالية، اختصاصاً نوعياً وشاملاً، فلا تخضع للاختصاص القيمي، فمحكمة البداية المدنية العمّالية تنظر بالدعاوى العمَّالية، مهما كانت قيمة الحق المدَّعى به.
ومن خلال الواقع العملي، يتبين أن أكثر الأخطاء التي يقع بها المدَّعي بالنسبة للاختصاص النوعي، هي قيامه بمخاصمة إحدى الجهات العامة مثلاً، والتي تخضع لأحكام القانون الأساسي في الدولة رقم 50 لعام 2004 أمام محكمة البداية العمالية بدلاً من اللجوء إلى القضاء الإداري، مما ينتج عنه رد الدعوى لعدم الاختصاص.
وكذلك من الأخطاء التي يتعرض لها المدعي في هذا المجال، ونظراً لتشابه عقد العمل مع الكثير من العقود الأخرى، كعقد المقاولة والخبرة والشراكة والوكالة وغيرها، هي أن يقوم المدعي صاحب الشأن بإقامة الدعوى أمام محكمة البداية المدنية العمالية عن عقد ليس بعقد عمل.
صحة الخصومة والتمثيل
أهم الأسباب الجوهرية التي تؤدي إلى رد الدعوى، هو: عدم صحة التمثيل والخصومة، وهي من الأمور الصعبة على العامل أن يعرف من عليه أن يخاصم في دعواه العمالية أي: أن يعلم قبل رفع الدعوى من يمثل المنشأة المراد الادعاء عليها أمام القضاء، وأن يخاصم مدير المنشأة، أو صاحب المنشأة، أو رئيس مجلس الإدارة ليس بصفته الشخصية بل إضافة إلى وظيفته، لا سيَّما إذا كانت الحقوق الناشئة عن عقد العمل لدى الشركة أو المنشأة، وليس عن عمله لدى صاحب العمل بصفته الشخصية، وكذلك الأمر إذا توفي صاحب العمل، فإن على العامل المدعي مخاصمة جميع الورثة، لأن هذا الأمر ينال من التركة، أما إذا كانت الدعوى من ورثة العامل المتوفى على صاحب العمل، فإن أحد الورثة يمكنه من إقامة الدعوى العمالية، لأن ذلك يجلب منفعةً للورثة.
لذلك ينصح العامل المدعي في هذه الحالة أن يستحصل على شهادة تسجيل الشركة، أو رخصة المنشأة لمعرفة من هو صاحبها، أو من يمثلها أمام القضاء قبل إقامة الدعوى.
عدم وجود بلاغ إصابة
في دعوى إصابة العمل
حدد قانون التأمينات الاجتماعية في الفصل الأول منه ما يتعلق بتأمين إصابة العمل من حيث التعويضات والمعاشات المستحقة منها، والإجراءات الواجب اتباعها عند حدوث الإصابة، والتحكيم الطبي، مما يعني: أنَّ الطريق الإداري أمام المصاب، أو ورثته للحصول على تعويض إصابة العمل مفتوحٌ، سواء أكان العامل مؤمناً عليه أم لا، وسواء قام صاحب العمل بإخطار مؤسسة التأمينات الاجتماعية عن الإصابة أم لا، حيث إن العامل، أو ورثته يستطيعون القيام بالإبلاغ عن الإصابة إدارياً في حال امتناع صاحب العمل عن تنظيم بلاغ بالإصابة، وقبل اللجوء إلى القضاء ورغبة من المشرع بعدم إرهاق القضاء بكل ملف إصابة عمل، يمكن أن يتم حلّه بين العامل المصاب، أو ورثته وبين مؤسسة التأمينات الاجتماعية إدارياً، فقد أتى بنص المادة رقم 100 في قانون التأمينات الاجتماعية، حيث جاء فيها (لا تقبل دعوى التعويض عن إصابة العمل إلا إذا كانت المؤسسة قد طُولبت كتابةً بالتعويض خلال خمس سنوات من تاريخ وقوع الحادث أو الوفاة أو الإخطار بانتهاء العلاج أو بدرجة العجز) ويعد أي إجراء تقوم به مديرية العمل المختصة في مواجهة المؤسسة في حكم المطالبة المشار إليها أعلاه.
ويعتبر عدم تقيد المصاب أو ورثته بنص المادة من أهم الأخطاء التي تؤدي إلى رد دعوى المدعي، لأن المشرِّع قد منع إقامة الدعوى بالتعويض عن إصابة العمل، طالما أن المصاب لم يطالب بالتعويض مباشرة تجاه المؤسسة، وهذا المنع هو منع قانوني، كون الشروط التي وضعها المشرع في قانون التأمينات الاجتماعية إنما هي شروط حيوية تتعلق بالنظام العام ولا يجوز إغفالها.
الاختصاص المحلي
من خلال التجربة العملية، تبين أن أغلب الدعاوى العمالية تم تسجيلها في محكمة البداية المدنية العمالية في دمشق، نظراً لكون الخصومة تشمل المدير العام لمؤسسة التأمينات الاجتماعية في دمشق، إضافة إلى وظيفته، مع التنويه أن قانون التأمينات الاجتماعية الجديد رقم 28 لعام 2014 قد أشار في المادة الثالثة منه الفقرة /ب/ على ما يلي: (يُمثل المدير العام المؤسسة أمام القضاء والغير، أما بالنسبة لفروعها فيمثلها مدير الفرع أمام المحاكم، بالإضافة إلى ما يفوض إليه من صلاحيات المدير العام، كلّ ضمن منطقة عمل فرعه وفق القوانين النافذة) بمعنى: أن الدعاوى القائمة بعد 1/2/2015 تاريخ نفاذ قانون التأمينات يجب أن تُقام بمواجهة مدير فرع التأمينات المختص.
لتحميل العدد 993 بصيغة PDF
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 993