النقابات اليوم..

النقابات اليوم..

قوة العمل، هي التي تنتج الثروة الاجتماعية في الصناعة والزراعة، ورغم ذلك فإن الحكومة وقوى الفساد والنهب تقوم بتهميش أصحاب قوة العمل- أي: الطبقة العاملة- عن عملية توزيع هذه الثروة التي ينتجونها، سواء في القطاع الخاص أو قطاع الدولة. ومنذ انفجار الأزمة تراجع الإنتاج الصناعي والزراعي إلى نسب متدنية، وخاصة الصناعات النسيجية بمختلف مراحلها من غزل ونسيج وغيرها، إضافة إلى هروب كثير من الاستثمارات، وخاصة تلك التي استفادت من الإعفاءات الضريبية والدعم الحكومي غير المبرر لها، بحجة التنمية الصناعية والإستراتيجية، وكذلك أيضاً اتسعت البطالة في سوق العمل.

النضال المطلبي

يقع على عاتق النقابات العمالية الكثير من المهام من أجل حماية مصالح العمال وصون حقوقهم، ويعتبر النضال المطلبي الركن الأساس، وهو أحد أهم مبررات وجودها كنقابات، لما تمثل من قوة فاعلة، ومؤثرة من قواعد عمالية في المجتمع، وتعد النقابات من أكبر قوى المجتمع التي تقوم على مبدأ العمل التطوعي، وهي تستمد- أي: النقابات- قوتها من القاعدة العمالية، وشرعية وعدالة مطالبها، وتماسكها وصلابتها وتمترسها حول حقوق العمال، حيث تمثل قواعد عمالية عريضة، وتزداد أهميتها وفاعليتها في المجتمع بحسب قوة دورها وكفاحها المطلبي، الهادف لتحسين ظروف وشروط العمل، وتحسين واقع العمال، وحفظ كرامتهم، وقدرتها على التأثير والتغيير في جميع قضايا وحقوق العمال، من خلال النضال النقابي المطلبي، حيث يعتمد بجوهره على القضايا ذات البعد الاقتصادي الذي من المفترض أن تعتبره النقابة أولوية نضالية وعمالية في عملها اليومي، فهو مرتبط بتحسين الدخل والأجور، وتوفير متطلبات الأسرة واحتياجاتها المعيشية، بما يضمن حياة كريمة ومناسبة للعامل وأسرته.

الأوضاع المعيشية

وأنا اكتب هذه المادة تبادرت إلى ذهني بعض الأسئلة التي طرحها بعض الأصدقاء، ومنها هل النقابات يُمكن أن تشطب من قائمة مطالبها أحد البنود أو المطالب؟ وهل لدى النقابات تلك البيانات والإحصائيات والمعلومات حول الأوضاع المعيشية والاقتصادية التي تعيشها الطبقة العاملة والمتغيرات وانعكاساتها على واقع العمال؟ لكي تشطب هذا المطلب أو ذاك؟ وأردف يقول: إن قيمة الوجبة الغذائية اليوم أصبحت تعادل ما يقارب ثمن بيضة ورغيف، بينما عندما أُقرت سابقاً كانت تعادل ثمن صحن بيض!! والسؤال الأهم: هل ارتفعت قيمة الوجبة أم سرقت من العمال؟ فقلت له: في الحقيقة إني لا أستطيع الإجابة عن هذا الأسئلة، فهي يجب أن تكون برسم النقابات التي شطبت بعض مطالب العمال، ورفعت أخرى إلى إشعار آخر، مثل: الزيادة الحقيقية للأجور التي تناسب متطلبات المعيشة، وهناك شكل آخر من أشكال العمل النقابي، النضال الاجتماعي، وهو من الأولويات من أجل استقرار العمال في علاقاتهم الاجتماعية والعائلية، والبيئة المحيطة بعلاقات العمل، لا بد أن تعمل النقابات العمالية من أجل الحفاظ على العامل كإنسان، حيث يعيش في وسط اجتماعي يحتاج دائما للحفاظ على استقراره، والمحافظة على التوازن بين العلاقات الاجتماعية والعائلية وعلاقات العمل، وبالأخص بما يتعلق بالعمل الكريم لما له أثر على العلاقة بين العمال، وبين نقابتهم، النقابات العمالية على دراية واضحة بهموم العمال ومشاكلهم، وعليها تحديد القضايا المطلبية الأخرى من تحسين بيئة العمل وأساليب الوقاية والسلامة والمهنية والصحية، ومتابعة إجراءات وظروف العمل، وخاصة الأعمال الشاقة والخطرة، مثل: عمال الحمل والعتالة، حيث إنهم أكثر الفئات العمالية مهضومة الحقوق، فالأغلبية الساحقة منهم غير مشمولين لدى مظلة التأمينات الاجتماعية، والضمان الصحي، وكذلك عمال الطباعة...

سلاح الطبقة العاملة

ما زالت الحكومة وأرباب العمل، يصوبون النار على سلاح الطبقة العاملة، وهو الإضراب، والقيام بفصل العمال المضربين في حال استخدموا هذا السلاح، وبحملة تضليلية ضد المضربين، وتُصر الحكومة على السير في الخيارات الاقتصادية والاجتماعية القائمة نفسها وعلى تحميل العمال وكافة الكادحين تكلفة الأزمة التي تعيشها البلاد، ليس منذ انفجارها فحسب، بل منذ انتهاجها تلك السياسات الاقتصادية المعادية لعموم الكادحين، والتي خلفت بطالة وتسريحات وتثبيتاً للأجور، هذا فضلا عن إصرار الحكومة على تفتيت قطاع الدولة وخصخصته. إن انتزاع حق الإضراب للطبقة العاملة لا يتم إلا بالإضراب، فلن يفل الحديد إلّا الحديد.

معلومات إضافية

العدد رقم:
991
آخر تعديل على الجمعة, 16 نيسان/أبريل 2021 14:51