حرف تأكلها  السياسات الليبرالية

حرف تأكلها السياسات الليبرالية

في حوار مطول مع بعض الحرفيين أخذ مناحٍ عدة، منها ما هو سياسي، ومنها ما هو مرتبط بأوضاعهم المعيشية التي تزداد سوءاً بسبب قضايا عدة مرتبطة بمهنهم المباشرة، 

وما يترتب عليها من مستحقات تفرضها عليهم الضرائب التي تفرض على مهنهم، وهي ضرائب مجحفة تأخذ منهم جل تعبهم، خاصة وأن حجم العمل الذي يؤدونه هو قليل جداً مع تعقد الظروف المعيشية بشكل عام، وأولويات الناس المنصبة أولاً على تأمين مستلزمات المعيشة اليومية، وهذا الوضع يعكس نفسه بالضرورة على حاجة الناس للتصليح، أو شراء بديل عمّا هو تالف لديهم، التي يجري تأجيلها لحين يأتي «فرج من عند الله» إن جاء ذلك الفرج، وعندها يبدأ التفكير خارج القضايا المعيشية اليومية.
الحرفيون ليسوا أحسن حالاً من الصناعيين في مجال عملهم الحرفي، فهم منتشرون في أصقاع البلاد وفي الحارات والأزقة، ويعانون ما يعانون بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية التي يعملون بها، وكذلك بسبب الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي مما يجعلهم يلجؤون إلى تشغيل المولدات الكهربائية العاملة على البنزين والمازوت لساعات طويلة، وهذا الأمر يرفع تكاليف العمل الحرفي ويجعل إمكانية العمل والتشغيل في حدودها القصوى، ويجعل المواطن الراغب في عمل شيء ما كالنجارة والحدادة وغيرها من الأعمال يفكر مليّاً قبل الإقدام على طلب العمل، وهذا يسبب للحرفيين بطالة مقنعة، فهم يعملون ولا يعملون، وإن عملوا فيكون ضمن الحد الأدنى المتوفر بين أيديهم من مواد أولية، أو من الزبائن الراغبين بالعمل.
إنَّ هذا الوضع السائد الذي يعيشه الحرفيون يجعلهم أقرب إلى العمال من حيث مستوى معيشتهم وإمكاناتهم في تأمين ما يحتاجونه من غذاء وكساء ومتطلبات أخرى، كأجور السكن التي زادت بمقادير مضاعفة، مما رتب على جميع الفقراء أعباء إضافية زادت من معاناتهم.
من المفترض أن يعبر اتحاد الحرفيين والجمعيات الحرفية عن مصالح الحرفيين للمهن المختلفة، ولكن السؤال: هل فعلاً هذا الاتحاد والجمعيات الحرفية التابعة له تمكنت من تنظيم الحرفيين وضمهم إليه؟ هذا أولاً، وثانياً: هل تمكن الاتحاد من مساعدة الحرفيين في تأمين مستلزمات إنتاجهم التي ترتفع أسعارها بشكل دائم كما هو حال بقية المستلزمات كي لا يتعرضوا للبطالة ويستمروا في أعمالهم التي أخذت العديد منها في الزوال من خارطة الإنتاج الحرفي؟ والتي كانت تشتهر بها الصناعة السورية كصناعة النسيج والموبيليا وغيرها على مدى سنين طويلة.
الواقع المعاش للحرفيين يقول عكس كل ما يقال إعلامياً أنهم يدعمون أصحاب المشاريع الصغيرة، ويدعمون الحرفيين وغيرهم، وهذا الواقع يدفع الحرفيين إلى إعادة تنظيم حرفهم دفاعاً عن لقمة عيشهم ومصالحهم المهددة بكل لحظة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
984