الفقر وأطفال العمال..

الفقر وأطفال العمال..

أصبح الفقر اليوم من أكبر المشاكل الاجتماعية والاقتصادية في البلاد، ولم يعد الفقر يقتصر على مقدار الدخل رغم محدوديته، أو القدرة على تحصيل الحد الأدنى من الغذاء والكساء أو السكن فقط، بل يشمل قضايا أخرى لا تقل أهمية عن القضايا الأساسية، مثل: الصحة، والخدمات الاجتماعية الأساسية الأخرى، إضافة إلى التعليم، فالفقر هو حالة من الحرمان المادي تنعكس بانخفاض القدرة على تأمين الاحتياجات الأساسية للعاملين من الغذاء وما يرتبط بها من انخفاض مستوى الحالة الصحية والتعليمية، وتدني متطلبات السكن عن مستواها الإنساني، وباتت الطبقة العاملة وكافة الكادحين مهددين بالإصابة بسوء التغذية والمرض بشكل عام وبالتالي تصبح مناعتهم أكثر انخفاضاً، وهذا خطر جسيم على هؤلاء العمال، وخاصة في ظل جائحة الكورونا وانتشارها في البلاد.

أطفال العمال من أكثر الفئات الاجتماعية التي تتأثر بأحوال الفقر في الأسرة، وذلك لخضوعهم لنفس ظروف الأسرة التي يعيشون في كنفها، فعندما تقع الأسرة في أزمة اقتصادية وتصبح غير قادرة على تأمين ما يحتاجه أطفالها من طعام وكساء، وتكاليف الرعاية الصحية والمدرسية، تضطر هذه الأسر إلى إرسال أطفالها إلى سوق العمل، وخاصة إلى قطاع العمل غير المنظم، من اجل أن يساهموا في تلبية حاجات هذه الأسرة، وبطبيعة الحال سيؤدي ذلك أيضاً إلى ازدياد نسبة تسريب الأطفال من المدارس وزجهم في سوق العمل، وهذا بالضرورة سيعرض هؤلاء الأطفال للكثير من المخاطر الناجمة عن طبيعة العمل الذي يعملون فيه، فأغلب الأعمال التي يلتحق بها الأطفال متعبة وشاقة وبعضها خطرة أيضاً، ولا تلاءم بنية الطفل وتحد من استكمال نموه البيولوجي الطبيعي.
اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل تؤكد أن على الدولة إجراء تدابير تشريعية واجتماعية واقتصادية وتعليمية تكفل حماية الأطفال من الاستغلال الاقتصادي، ومن قيام الطفل بأي عمل قد يعرضه للخطر، ويكون ضاراً بصحة الطفل وبنموه البدني أو العقلي أو المعنوي والاجتماعي، أو يتعارض مع تعليمه الدراسي. كما وعرفت المنظمة الدولية من خلال الاتفاقية رقم /182/ الصادرة عام 1999 الطفل: أنه هو ذلك الشخص الذي دون سن الثامنة عشرة من عمره- ويصبح هذا الطفل أكثر تعرضاً لمجموعة من التهديدات منها الآنية والمباشرة، وأخرى مستقبلية تتعلق بحياته وبحياة المجتمع، تظهر في المستقبل بشكل تدريجي نتيجة ذلك، هذا وقد تضاعفت نسبة عمالة الأطفال وتشردهم وتسربهم أيضاً منذ انفجار الأزمة الوطنية في البلاد وخاصة للفئات العمرية بين 6 – 14 عام، نتيجة تلك السياسات الاقتصادية الليبرالية التي تنتهجها الحكومات ومازالت تسير على هذا المنوال.
إن تدني مستوى التعليم يفاقم من معاناة هؤلاء الأطفال، ويعقد ظروفهم، والأهم من ذلك يساهم في تهميشهم واستبعادهم عن دائرة الضوء المجتمعية. وبالتالي هم الأكثر عرضة لزجهم بالإعمال السوداء الخارجة عن القوانين، وقواعد وأخلاق المجتمع من سرقة وسطو وتجارة مخدرات وغيرها من الأعمال السوداء.
المعروف أن الأطفال هم رمز للمستقبل في المجتمع، لذلك لهم الأحقية بالرعاية والعناية ضماناً لسلامة المجتمع، فهم من أهم رأس المال البشري الذي هو ركيزة المجتمع ومستقبله. تقول الحكمة الشعبية: إن الفقر سبب كل علة في المجتمع، ومن المعروف أن سبب الفقر المباشر هو انخفاض مستوى الأجور إلى ما دون المعدل الوسطي لظروف المعيشة وتأمين متطلبات الحياة الأساسية للعمال، حيث أصبح ما يقارب من 90% من السوريين هم من الفقراء، وأكثر من 80% منهم هم تحت حد الفقر المعترف به دولياً. والسؤال الأكثر أهمية: ما هو موقف النقابات من ظاهرة عمالة الأطفال؟ وما هو الدور الذي لعبته ويمكن أن تقوم به من أجل الحد من عمالة الأطفال؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
984
آخر تعديل على الجمعة, 16 نيسان/أبريل 2021 14:53