ضعف العمل النقابي

ضعف العمل النقابي

بالاعتماد على فكرة «لا توجد حركة ثورية بدون نظرية ثورية وثوريين» التي سطرها قائد ثورة العمال في روسيا، نستطيع أن نستخرج منها العديد من المقولات المتشابهة والمتطابقة في العمل النقابي. ومنها على سبيل المثال: لا توجد حركة نقابية سليمة بدون قادة نقابيين، أو لا توجد حركة نقابية مسؤولة اتجاه العمال بدون أدوات وممارسات كفاحية مسؤولة، كذلك أيضاً، لا توجد حركة نقابية مؤثرة بدون طبقة عاملة منظمة. 

وأخيراً، نستطيع القول: أنه لا توجد حركة نقابية حقيقية بدون برنامج عمالي واضح يلبي مصالح الطبقة العاملة، وإذا نظرنا إلى واقع الحال للطبقة العاملة خلال جائحة الكوفيد 19 وما قبلها، من حيث مطالبها وحقوقها المختلفة، نجد أنّ العمال قد فقدوا الكثير منها، وخاصة فيما يتعلق بمستوى معيشتهم. حيث تحيط اليوم بالطبقة العاملة ظروف ووقائع في ظل جائحة عالمية يحدق فيها الخطر الأكبر على الطبقة العاملة، وهي التي عانت- أي الطبقة العاملة- منذ انفجار الأزمة عام 2011 ما عانته من فقر وبؤس وشقاء في ظل شكل غير مسبوق من تسارع النهب لمقدرات وإمكانات وثروات البلاد والعباد، مستغلين ظروف هذه الجائحة، هذا عدا عن منع تقدم وتطور الصناعة وإعادة ترميمها وتطورها إلاّ لذوي الحظوة من كبار الفاسدين والناهبين في البلاد.

فشل السياسات الحكومية

صحيح أن جائحة الكوفيد 19 لم تفرق بين غني وفقير، فهي تنتشر بين الناس رغم كل المحاولات العالمية لمنع تفشيها كالنار، لكن المفارقة بين الغني والفقير في هذه الأزمة (الوباء) أن الغني يمتلك قوت أيام وأشهر لا بل سنوات، غير أن العمال قد ضاقت بهم السبل من قبل هذا الوباء وبعده، وبات في حكم المؤكد أن أزمة هذا الوباء المستجد التي تعصف بالبلاد هي أشد وطأة على العمال الفقراء. ونتيجة لهذه الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية ولفشل السياسات الحكومية البعيدة عن مصالح الطبقة العاملة وكافة الفئات الشعبية، فقد أصاب الإحباط الكثير من الفئات الشعبية، وخاصة الطبقة العاملة، وفقدت الأمل بالمستقبل. مما قد يدفع البلاد إلى تعريض الأمن الاجتماعي وتماسك المجتمع إلى حافة الخطر، بسبب تزايد ظاهرة الفساد وآلية نهبها والاستحواذ على مقدرات المال العام وتبديدها. من المؤكد أنه هناك تداعيات اقتصادية لوباء كورونا، لكن ليس على العمال تحمل تكلفته، بل على الدولة أن تضمن دخلاً مناسباً لتكاليف الحياة المعيشية للعمال كافة في قطاع الدولة والقطاع الخاص على حد سواء، وليس عبر صدقات كما تفكر الحكومة، ويطالب به بعض النقابيين من خلال ما يسمى المنحة أو زيادة متممات الأجور وغيرها كما كان يجري.

النقابات ليست جمعية خيرية

تدل التجارب النقابية السابقة أن محدودية مطالبها تؤدي إلى تغيير صفتها كنقابة، وتتحول إلى مجرد جمعية خيرية بسيطة وتفقد قدرتها على تنظيم العمال في صفوفها، وخاصة في القطاع الخاص المنظم منه وغير المنظم، إن الترجمة العملية التي تؤكد فيها الحركة النقابية عن وعيها اتجاه التناقض بين مصالح العمال ومصالح قوى رأس المال، هي وضع برنامجها الملموس واستخدام أدواتها النضالية المختلفة من احتجاجات واعتصامات بما فيها التظاهر والإضراب، وليس انتظار الوعود، أو انتظار سحابة صيف من الطبقة السائدة كي تمطر بعض الإصلاحات. ونريد أن نؤكد ونقول من خلال هذه النافذة: إن العمل النقابي، إذا لم يكن معتمداً على برنامج واضح لدى الحركة النقابية ورؤية سياسية تعبر عن مصالح الطبقة العاملة الاقتصادية والديمقراطية والمهنية من خلال قوانين وتشريعات واضحة، تهدف إلى التغيير الجذري الشامل، لن تستطيع الحركة النقابية أن تبني التراكم القادر على التأثير في موازين القوى لصالح الطبقة العاملة، وليس فقط النقابية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
965
آخر تعديل على الجمعة, 16 نيسان/أبريل 2021 15:11