العمال تقرع الطبول

العمال تقرع الطبول

لا أعتقد أن يختلف أحد اليوم بأن العمل النقابي يعيش صعوبات جمّة على مستويات عدة، وأهمها: يتجلى في ضعف التنظيم النقابي بين العمال في قطاع الدولة، وبالأخص في القطاع الخاص، وهو نتيجة للتراكمات السلبية التي جرت في هذا المجال، إضافة إلى غياب الديمقراطية الداخلية وفصل العمل النقابي عن القواعد العمالية التي لا تراه إلا وقت الانتخابات، وارتباطه، أي العمل النقابي بالحزبي الضيّق الذي لا يخدم إلاّ مصالح محددة

إضافة إلى عوامل أخرى تكمن في ضعف الوعي النقابي لدى عمال الدولة، ووقوع عمال القطاع الخاص تحت سيطرة أرباب العمل الذين يمتلكون كل أدوات السيطرة، بما فيها امتلاك القوانين والسطوة على المؤسسات التي من المفترض أن تراعي وتحمي حقوق العمال، أضف إلى ذلك سطوة أجهزة الحكومة على العمل النقابي والتدخل في الشؤون الداخلية للنقابات، عبر طبخ المؤتمرات والترويج لشعار نحن والحكومة شركاء، وكبح كل محاولات بناء أو توجّه نقابي جاد داخل الهرم النقابي. وما تقوم به الحكومة من اللجوء إلى العمل المؤقت في قطاع الدولة بقصد تسهيل إبعاد العمال عن التنظيم النقابي، في ظل قانون العمل الذي لا يخدم العمال، واستكمال مسلسل الخصخصة الذي بدأته الحكومة منذ بداية التسعينات حسب توصيات الدوائر المالية الدولية من صندوق النقد الدولي وغيره، وكذلك قانون العمل رقم /17/ الناظم لعمل عمال القطاع الخاص بما فيه القطاع المشترك الذي لا يخدم أيضاً إلاّ الشركات الكبرى وأرباب العمل الذين يمتصون دماء العمال في هذا القطاع. والاقتصار على المطالب الضيقة في حدودها الدنيا، وعدم ربطها بحركة الطبقة العاملة ونبضها، وهذه العوامل وغيرها تضع العمل النقابي والحركة النقابية في مأزق يثقل كاهلها، ويبعد النقابة عن الحركة العمالية، حتى باتت الطبقة العاملة تتساءل بصمت: هل النقابات تمتلك مشروعها النضالي الذي يلبي مصالحها ويؤمن حقوقها الضائعة في هذه المتاهات، ولكن العمال وحدهم الذين لا يصمتون وهم بحركة دائمة، وإن صمتهم دائماً يعني الاستعداد للفعل، لأن الصمت يُقتل عندما لا يعني الحركة، كما أن هناك الكلام الذي يعني الصمت، وهذا ما تعيشه اليوم النقابات، فهي تتكلم كثيراً، وفي نفس الوقت لا تقول شيئاً، فهي تمارس الصمت.. إن النقابات باعتبار أن دورها ومهمتها الدفاع عن المصالح الاقتصادية والاجتماعية والمعنوية للعمال يتحدد دورها على إنجاز المهام التالية: - معرفة مشاكل ومطالب العمال، ووضع اقتراحات وحلول بشأنها من أجل حلها. - إعداد ملفات مطلبيه للحاجات المستجدة للعمال، وطرحها على السلطة التنفيذية لاتخاذ القرارات بشأنها وفق ما تقتضيه المصلحة العامة من جهة، وحقوق العمال من جهة ثانية. - الاتصال بالعمال داخل  وخارج أوقات العمل. - إن للمفاوضات الجماعية والحوار دوراً هاماً في مجال العمل النقابي باعتباره أحد الأساليب المهمة لفض النزاعات بين العمال وأصحاب العمل، سواء في الدولة أو في القطاع الخاص، لذلك أولته القوانين والتشريعات الدولية اهتماماً كبيراً. - رفع دعاوى وتقديم طعون قضائية في حالة انسداد أبواب الحوار وعدم التوصل إلى تسوية مناسبة للخلافات، في حال وجود عراقيل ذاتية وموضوعية سياسية أو اقتصادية. وقد ضمن المُشرّع للنقابات هذه الحقوق لتمكينها من ذلك. - اللجوء إلى تنظيم الاحتجاجات والإضراب في حالة عدم الاستجابة لمطالب العمال، فقد أقر الدستور أن حق الإضراب مضمون، ويقوم القانون بتنظيم الإجراءات التي يمكن معها ممارسة هذا الحق، وهذا القانون لم يصدر بعد. ونحن نسأل اليوم هل: بدأت الطبقة العاملة بقرع الطبول؟ إن كل من لا يقرع الطبول فهو صامت، ووحدهم الأموات هم الذين لا يقرعون الطبول.

معلومات إضافية

العدد رقم:
961
آخر تعديل على الجمعة, 16 نيسان/أبريل 2021 15:14