الطبقة العاملة وكورنا
تشهد معدّلات الإصابة بفيروس كوفيد 19 ارتفاعاً كبيراً، وخاصة في القسم الجنوبي من أوربا كإيطاليا وإسبانيا بسبب ضعف البنية التحتية المعدّة لمواجهة الوباء، فهذه الدول لم تشهد زيادات في معدّلات النمو، ولا حتى في توزيع الفائض في موازناتها لصالح الشعب، منذ أزمة عام 2015 المعروفة بسياسات التقشّف، وهي لا تزال تعاني من تبعاتها بالنقص الحالي في التجهيزات الخاصّة باحتواء الوباء، وهو نتيجة الخضوع للترويكا التي جعلت كلّ نتاجها يصبّ في خدمة الديون المتراكمة عليها.
وتواجه الطبقة العاملة في سورية هذا الوباء في ظل نظام صحي لا يملك الكثير من الوسائل الطبية الضرورية، ومقيد بسياسات اقتصادية ليبرالية حرمته من أبسط مقومات الوقاية والاستشفاء، وتغطية صحية ضعيفة لآلاف العمال، وخاصة العمال الذين خارج مظلة التأمينات الاجتماعية، أو أية حماية اجتماعية أخرى، وتعاني من أجور هزيلة لا تستطيع سدّ رمق العامل، وقلة في المواد الاستهلاكية الأساسية وتضخم أسعارها، وبالموازاة مع تصاعد احتمالات الإصابة بفيروس كوفيد 19 وعدم المساواة أمام الموت مقارنة بقوى النهب والفساد، تتعرض الطبقة العاملة لحرب اجتماعية طاحنة، إذ تستغل قوى النهب والفساد هذا الواقع الجديد، وكل ذلك بمساعدة الدولة ومستفيدين من إجراءات مفصلة على مقاس مصالحهم تساهم في زيادة رفع أسعار كافة السلع الأساسية، وخاصة الخبز من خلال ما يسمى المعتمدين لبيع الخبز، وخاصة في أرياف دمشق حيث تجاوز سعر الربطة الواحدة 100 ليرة سورية، ولا جدال أننا في البلاد نواجه مصاعب كبيرة مع جائحة الكوفيد 19 وهي أشبه بحرب العصابات، وفي حكم المؤكد أن أزمة هذا الوباء الجديد التي تعصف بالعالم ستكون أشد وطأة على العمال الفقراء، وهذا ما عبّرت عنه قوى ومؤسسات دولية ومحلية وخبراء، أن مثل هذه الأزمات تؤثر بدرجة أكبر على الطبقة العاملة والفقراء عموماً، ورغم أنّ كوفيد 19 لم يكن كغيره من الأوبئة التي شهدها العالم واستهدف أعداداً أكبر من الفقراء، وأظهر بأنه لم يفرق بين غني وفقير وبين مسؤول ومرؤوس، غير أنّ تبعاته الاقتصادية ستكون أكبر وأقسى على الأفقر سواء على مستوى الأفراد أو على مستوى البلدان.
إن الطبقة العاملة الفقيرة هي أكثر تأثراً بالأزمات، فالخلل في ميزان توزيع الثروة وملكية أدوات الإنتاج لا تأتي في صالح هذه الطبقة الفقيرة، وإن هذا الخلل ليس في مستوى الدخل فقط وكذلك أيضاً هو تنموي، وترى هذا الفقر على مستوى كافة المحافظات والمناطق، وهذا الخلل في توزيع الثروة نتيجة وجود طبقة مستغِلّة وطبقة مستغَلة فقيرة ويجعل هذه الطبقة التي لا تحصل على تكاليف الحياة الضرورية وتعيش كفاف يومها،هي دائما عرضة للنهب والاستغلال والأوبئة، ومطلوب منها وحدها التضحية ليبقى رأس المال ويبقى التهميش والظلم الاجتماعي. وفي المقابل تقوم القوى المهيمنة بوصف هذه الطبقة بأنها متخلّفة وخاصة عندما تطالب بحقوقها من خلال وسائل الإعلام والمحللين لديها، وتقوم بفرض الحقيقة المناسبة لمصالح الاستغلال
ونرى ذلك عندما أظهرت وسائل الإعلام مثل هؤلاء في المناطق الأفقر في المحافظات وهم يتهافتون على الخبز، لأن رغيف الخبز بالنسبة للفقراء يمثل الحياة، في المقابل، إنّه ليس ضرورة بالأساس بالنسبة «للأغنياء» المستغِلين، وأن أزمة الكوفيد 19 أظهرت للجميع أن جهاز الدولة الذي يستطيع أن يؤمن مستلزمات المجتمع ومتطلباته بشكل عام وخالٍ من الفساد والنهب- ويعمل على توزيع ثروة المجتمع بأكثر عدالة- قادر على مواجهة مختلف الأزمات.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 959