حرفيون بدون عمل
تكثَّفت الاجتماعات الحكومية في الآونة الأخيرة مع الفعاليات الاقتصادية التجارية والصناعية للتباحث في الوضع السائد الذي تعيشه الصناعة بكل أطيافها وأشكالها، وبعدها تتوالى التصريحات الحكومية بما أنجزته من وعود للصناعيين، وما ستقدمه لهم من تسهيلات للخروج من عنق الزجاجة التي وُضعوا فيها، وتأتي التصريحات من الجانب الآخر التي تعكس عدم الثقة بأنّ هناك تحسناً سيطرأ على أوضاع صناعاتهم، وخاصة من صناعيي حلب الذين يعانون الويلات من جرّاء افتقادهم لحوامل الطاقة من كهرباء ومشتقات نفطية لتدوير عجلات الإنتاج عندهم بالرغم من الإعلان المستمر عبر كل الوسائل الإعلامية بأن مئات من المصانع أخذت بالعودة إلى المناطق الصناعية، وهي في طور التجهيز الفني للبدء بالعمل، ولكن صدمتهم كبيرة عندما تكون الوقائع على الأرض غير ما يُعلن عنها في المجالس ووسائل الإعلام المختلفة.
الحرفيون ليسوا أحسن حالاً من الصناعيين في مجال عملهم الحرفي فهم منتشرون في أصقاع البلاد وبين الحارات والأزقة، ويعانون ما يعانون بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية التي يعملون بها، وكذلك بسبب الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي مما يجعلهم يلجؤون إلى تشغيل المولدات الكهربائية العاملة على البنزين والمازوت لساعات طويلة، وهذا الأمر يرفع تكاليف العمل الحرفي ويجعل إمكانية العمل والتشغيل في حدودها القصوى، ويجعل المواطن الراغب في عمل شيء ما كالنجارة والحدادة وغيرها من الأعمال يفكر مليّاً قبل الإقدام على طلب العمل، وهذا يسبب للحرفيين بطالة مقنعة فهم يعملون ولا يعملون، وإن عملوا فيكون ضمن الحد الأدنى المتوفر بين أيديهم من مواد أولية أو من الزبائن الراغبين بالعمل.
إنَّ هذا الوضع السائد الذي يعيشه الحرفيون يجعلهم أقرب إلى العمال من حيث مستوى معيشتهم وإمكاناتهم في تأمين ما يحتاجونه من غذاء وكساء ومتطلبات أخرى كأجور السكن التي زادت بمقادير مضاعفة، مما رتب على جميع الفقراء أعباءً إضافية زادت من معاناتهم.
من المفترض أن يعبر عن مصالح الحرفيين اتحاد الحرفيين والجمعيات الحرفية للمهن المختلفة، ولكن السؤال هل فعلاً هذا الاتحاد والجمعيات الحرفية التابعة له تمكنت من تنظيم الحرفيين وضمهم إليه؟ هذا أولاً، وثانياً هل تمكن الاتحاد من مساعدة الحرفيين في تأمين مستلزمات إنتاجهم كي لا يتعرضوا للبطالة ويستمروا في أعمالهم التي أخذت العديد منها في الزوال من خارطة الإنتاج الحرفي، والتي كانت تشتهر بها الصناعة السورية على مدى سنين طويلة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 951