التأمين الصحي؟... (2)
تقع خدمات الرعاية الصحية للعاملين في قطاع الدولة بجزء كبير منها على عاتق أرباب العمل، أمّا عمّال القطاع الخاص فالقسم الأعظم منهم لا يحمل أرباب العمل أية مسؤولية للرعاية الصحية اتجاه العاملين لديهم، مما يشكل على هؤلاء العمال عبئاً كبيراً وخاصة مع ارتفاع أسعار الأدوية المستمر، إضافة إلى أسعار أجور المعاينات الطبية، هذا غير أسعار التجهيزات الطبية التي يحتاجها المرضى. بالمقابل، ما زالت الأجور تراوح في مكانها.
من المعروف أن تأمين الرعاية الصحية في معظم دول العالم يواجه بعض الصعوبات، ولكن الأبرز فيها: ارتفاع تكاليف العلاج المختلفة، وبالتالي، تعمل معظم هذه الدول على تمويل الخدمات الصحية والمحافظة على جودتها، وهي تسعى دائماً لتطويرها وتحسين جودتها لأن التأمين الصحي يعتبر الخيار الأصح، وهو يعتبر أحد أشكال التكافل الاجتماعي بين الأفراد والدولة بحيث يؤمن جزءاً من العدالة الاجتماعية بين المواطنين من خلال تأمين الاحتياجات الطبية لأكبر شريحة في المجتمع، ومن أفضل دول العالم في تقديم خدمات التأمين الصحي كندا، حيث تقدم التأمين الصحي لجميع المواطنين وتقوم بتقديم حوالي 70% من نفقات العلاج المختلفة والرعاية الصحية للمواطنين، رغم بعض السلبيات التي يعاني منها، ويقدم نظام التأمين الصحي أفضل مستوى من الخدمة في العالم، حيث يتميز بانخفاض أسعار بوليصة التأمين بمستوى متوسط المعيشة هناك، وشموله لكل الخدمات الصحية الأساسية، حتى أنه يشمل الطلبة والعمال الوافدين وأصحاب الإقامات وحتى السائح يمكنه الاستفادة من هذا النظام.
نحن هنا لسنا بصدد المقارنة بين نظام التأمين الصحي في كندا والتأمين الصحي لدينا، خاصةً وأنه لا يوجد لدينا تشريع واضح يستطيع ضبط هذه العملية بكل تفاصيلها، لذلك يعاني ما يعاني التأمين الصحي هذا، إضافة إلى اعتبار الاستثمار في هذا المجال الغاية منه الربح والربح فقط، ولو كان ذلك على حساب صحة المؤمّن عليهم، ومما ساهم في ذلك تشتت الأنظمة التأمينية في سورية، وغياب الرؤية الشاملة بسبب عدم وجود قانون ينظم العملية، ودخول شركات التأمين الخاصة، ووجود أشكال مختلفة من نماذج الضمان الصحي المقدمة للعاملين في الدولة أو القطاع الخاص، وتوجد في سورية أربعَ عشرة شركة تأمين، تأسست الأولى: في عام 1952 وهي المؤسسة العامة السورية للتأمين. والثانية: تأسست في عام 1974 ومنذ صدور المرسوم التشريعي 43 لعام 2005 القاضي بالترخيص لشركات التأمين في القطاع الخاص. والترخيص لشركات إدارة النفقات الصحية تأسست اثنتا عشرة شركة تأمين خاصة ما بين عام 2006 و2008 ويُقيّم العمال واقع التأمين الصحي بالسيئ من خلال معاناة العمال حاملي البطاقة الصحية مع مزودي الخدمات الطبية بشكل عام، هذا إضافة إلى فقدان الثقة بين الطبيب والشركات المتعاقدة من حيث رفض الكثير من إجراءات الأطباء وتشخيصاتهم للحالات المرضية، والاعتراض من قبل شركات التأمين على ذلك، مما انعكس سلباً على العامل وامتناع الكثير من الأطباء عن التعاقد مع الشركات التي تعمل على تقليص خدماتها والاعتراض على كل كبيرة وصغيرة أثناء المعاينات الطبية وأسعار الأدوية وغيرها الذي ينعكس سلباً على العامل حامل البطاقة التأمينية. هذا غير قيام مزودي الخدمات باستبدال العديد من المستلزمات الطبية بأنواع رديئة ومستهلكة أحياناً، بهدف تحقيق الربح على حساب صحة العامل، وكذلك امتناع العديد من المشافي الخاصة والصيدليات والأطباء عن استقبال حاملي بطاقة التأمين الصحي تحت ذرائع مختلفة وإهمال المريض. التأمين الصحي أداة فعالة لتطوير أداء وجودة تقديم الرعاية الصحية للمجتمع. وكلما كان التأمين الصحي أشمل، كانت الفرص أفضل لصالح المستفيدين.
إنّ التأمين الصحي يجب تطويره وتفعيله من قبل كل الجهات المعنية في الدولة، ولاسيما وزارة الصحة من حيث توفير المستلزمات الطبية وتحديد أجور وأسعار كشفيات الأطباء وتوفير الأدوية اللازمة بأسعار مقبولة، وهذا ما كفله الدستور كما ذكرنا آنفا من خلال تشريع واضح يتولى مسألة التأمين الصحي والعمل على تأمين المتقاعدين والأسرة بما يحدّ من سوء استخدام المؤمن لبطاقة التأمين، وإعادة الثقة المفقودة حتى لا يبقى الجميع موضع اتهام، بدءاً من حامل البطاقة التأمينية مروراً بالطبيب والصيدلي والمخبري
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 923