نحن والحكومة لسنا شركاء..
خالد العلي خالد العلي

نحن والحكومة لسنا شركاء..

بحث المكتب التنفيذي في الاتحاد العام لنقابات العمال خلال اجتماعه الأخير مجموعة من القضايا العمالية والاجتماعية والاقتصادية التي تتعلق بواقع العمل والإنتاج، وإعداد مذكرات تفصيلية تتضمن مطالب الطبقة العاملة لرفعها إلى رئاسة الوزراء، ومن هذه المطالب تحسين متممات الأجور للعمال من حوافز وتعويض اختصاص وطبيعة العمل وموضوع الوجبة الغذائية والنقل والطبابة، كما أكد المجلس على ضرورة تكثيف الجهود والتعاون مع الحكومة لتحسين واقع الطبقة العاملة.

مطالب ليست ب
مستوى المعاناة
على ما يبدو أن الاتحاد العام لنقابات العام ما زال يتأمل شيئاً من الحكومة عبر سياسة الحوار والتفاهم معها، ولم يفقد الأمل بعد من شعار «نحن والحكومة شركاء» الذي يعطل عمل النقابات ويُسوّف مطالب العمال من سنة إلى أخرى، فمطالب العمال لا تتغير، بل الذي يتغير هو تاريخ وسنة هذه المطالب فقط، وحتى المطالب التي يطالب المكتب التنفيذي بإعداد مذكرات تفصيلية لها لعرضها على الحكومة هي مطالب صغيرة وليست جوهرية، وليست هي محط اهتمام الطبقة العاملة حالياً، وإذا كانت الحكومة تتلكأ في إقرار هذه الحقوق البسيطة منذ سنين، فماذا سنقول عن حقوق الطبقة العاملة الأساسية من زيادة الأجور بما يتناسب مع ارتفاع الأسعار إلى إقرار حق الإضراب للطبقة العاملة، ورفع الوصاية الحكومية والحزبية عن نقابات العمال وإلغاء التسريح التعسفي في قوانين العمل، فربما نحتاج لقرون لمناقشة هذه الحقوق مع الحكومة.
حوار مع مَنْ؟
إذا كانت الحكومة لا تستطيع تأمين أبسط احتياجات المعيشة للمواطنين من محروقات وكهرباء وغاز وضبط للأسعار، ومع ذلك لا يمر يوم دون أن يخرج علينا أحد من الوزراء ليذكرنا بفاتورة الدعم، وكأنه يَمُنّ علينا وليست هذه وظيفة الحكومة الأساسية، فكيف نستطيع إقناع العمال بأننا يمكن أن نصل إلى تفاهمات مع الحكومة حول حقوق العمال عبر الحوار فقط؟
الحكومة لا تريد الحوار معنا
رئيس مجلس الوزراء أعلن بنفسه منذ سنة تقريباً، بأن حكومته ليست حكومة عمال وفلاحين، وبالتالي أعلن رسمياً أن حكومته تقف إلى جانب قوى رأس المال ولا تعتبرنا شركاء معها، فماذا سنستفيد من الحوار مع هكذا حكومة، وهل استفدنا سابقاً لنستفيد اليوم؟ ألا يجدر بنا البحث عن أدوات نضالية نواجه بها هذه الحكومة وسياساتها؟ والدستور سلح العمال بالوسائل المشروعة للوصول إلى حقوقهم من حق الإضراب إلى العدالة الاجتماعية وحماية قوة العمل، وهنا نكون كطبقة عاملة لا ندافع فقط عن حقوقنا بل عن دولة القانون والدستور بوجه حكومة تقوم بانتهاكه ليل نهار.
الحقوق تُنتزع ولا تعطى
لن تسمع الحكومة وقوى رأس المال من خلفها أي صوت للعمال ومنظماتهم طالما أنها تعلم أنهم لا يشكلون أية قوة أو تأثير على الأرض، والتاريخ علمنا أن الحقوق تُنتزع ولا تُعطى، وبالتالي الحوار مع الحكومة فقط من دون اللجوء إلى الأساليب النضالية الأخرى يبقى جعجعة بلا طحين، والخاسر الأكبر في هذه الدوامة ليس العمال فقط، بل النقابات أيضاً، حيث ستفقد ثقة الطبقة العاملة كطرف ممثل لها ومدافع عنها وسينفض من حولها، وهذا ما تسعى الحكومة للوصول إليه عبر إفراغ النقابات من مضمونها، وتشتيت نضال الطبقة العاملة، ولا ننسى مشاريع قوانين العمل التي تطرح كل فترة في الإعلام، وتتحدث عن ضرورة وضع قانون عمل لكل قطاع تحت حجة لكل قطاع خصوصيته، ولكن الهدف الحقيقي وراء ذلك هو: تفريق مطالب العمال وتشتيت نضالهم. في المقابل يُعلن عن تكتل قوى رأس المال على شكل شركات قابضة لا تفرق بين قطاع وآخر، وتأكل الأخضر واليابس.
لا نحتمل فشلاً أخر!
السؤال الذي يجب أن يطرحه العمال والقائمون على الاتحاد اليوم: ماذا سيكون موقفهم إذا لم تأخذ الحكومة مطالبهم على محمل الجد كعادتها؟ ماذا في يدنا أن نفعل؟ هل سنبقى نُدوّر مطالبنا من عام إلى آخر؟ وبالتالي يتم إفراغ المؤتمرات النقابية من مضمونها وجعلها مجرد مؤتمرات خطابية تكلف العمال مصاريف من جيوبهم، ولا تعود عليهم بأية فائدة تذكر، أم علينا البحث عن أدوات جديدة للدفاع عن مصالح العمال؟ أدوات من شأنها إعادة ثقة العمال بالنقابات كطرف يمثلهم حقيقة