عمال القطاع الخاص:لم تفتِ الفرصة بعد!
في موادنا السابقة سلطنا الضوء على عمال القطاع الخاص، ومدى علاقتهم بالمنظمة التي تمثلهم، وحاولنا قدر المستطاع التشديد على النقاط الأهم، التي من الممكن الاستفادة منها في تكوين الرؤية الموضوعية للعمل النقابي مع الشريحة الأوسع ضمن الطبقة العاملة، وسنلخص في هذه المادة مجمل النتائج لننتقل للإجابة عن السؤال الذي لا بد من الإجابة عنه ما العمل؟ فالفرصة لم تصل بعد!
يتوزع العاملون في القطاع الخاص على شرائح متعددة يمكن تلخيصها كالتالي:
عمال منظمون وفق القانون رقم 17 وهم فئتان الأولى: مشمولة بالتأمينات ومنتسبة للنقابات. والثانية: خارج إحدى المظلتين أو كلتاهما، ومعظمهم ضمن تجمعات عمالية كبيرة فمن منشآت المناطق الصناعية الكبرى كمدينة عدرا الصناعية، وتجمعات الكسوة والقدم والقابون وصحنايا.
عمال غير منظمين بلا عقود عمل تنظم علاقتهم بأرباب العمل ولا تأمينات اجتماعية أو تنظيم نقابي، ومعظمهم ضمن تجمعات عمالية صغيرة ومتوسطة، كمعامل وورشات دمشق القديمة ومجمع الزبلطاني والكباس وعشوائيات المدينة كنهر عيشة والدحاديل وحي الزهور ومناطق متفرقة بمدينة جرمانا.
عمال المياومة أو العمال الموسميون وغالبيتهم من الطلاب الجامعين والمتسربين من مهن متوقفة أو غير مجدية من الناحية المعيشية، وهذه الشريحة تعمل غالبيتها في العتالة وأعمال البناء وفي الأكشاك وعلى البسطات وفي الأسواق التجارية (شقيعة) وسائقين عند أصحاب وسائل النقل العمومي من تكاسي ومكرو باصات إضافة إلى العمل في المولات التجارية والمطاعم والمقاهي، وعمال توصيل طلبات وعمال خدمات في صالات المناسبات.. إلخ من نوعية الأعمال هذه.
الوعي الطبقي
ودور النقابات به
يتغير مستوى الوعي الطبقي من شريحة لأخرى ومن فئة لأخرى، ويمكن تصنيفهم وفق ذلك لفئات ثلاث:
العمال الأكثر وعياً لموقعهم الطبقي ودور السياسات الحكومية في تردي أوضاعهم إضافة لإداركهم لآلية استغلال قوة عملهم من قبل أرباب العمل، وهؤلاء تحديداً يعون بشكل أو بآخر أهمية التنظيم النقابي وضرورة الحفاظ عليه وتفعيل دوره وأدواته عبر اللجان النقابية المتواجدة في منشآتهم، وضمن هذه الفئة الواعية آخرون أخذوا موقفاً آخر يتحركون بطريقتهم الخاصة عبر المفاوضات الجماعية أو الإضرابات لتحسين شروط عملهم وواقع أجورهم ومعيشتهم، فيخفقون تارة وينجحون تارة أخرى.
عمال يعلمون بوجود منظمة تمثلهم طبقياً، ولكنهم لا يرون فيها غير صناديق المساعدة الاجتماعية والهوية النقابية ولوائح التزكية والمؤتمرات الخطابية والشراكة مع الحكومة ومهادنة أرباب العمل.
العمال المغتربون عن نقاباتهم، وهم الشريحة الأوسع فلا علم لهم لا بحركة نقابية ولا هم يحزنون، ويناضلون فراداً كل في موقع عمله، منطلقين من واقعهم المآساوي، وينحتون الصخر، وتضغطهم الحياة والمسؤوليات وينزلقون لمستوى التهميش بشكل متسارع وبأعداد كبيرة.
بعض أدوات العمل المجدي
يمكن للمنظمة من وجهة النظر هذه أن تنطلق بعملها من العام إلى الخاص، والتركيز على النقاط التالية كأسس أولية لبرنامجها القادم:
تعميم مبدأ الانتخابات على التجمعات العمالية كافة التي تتواجد بها لجان نقابية وضمان عدم تدخل رب العمل بها، وتبني برنامج عملها ودعم وحماية أي تحرك عمالي لتحصيل الحقوق، وعدم إعاقة عمل اللجنة أو النأي بالنفس، وتنظيم عقود جماعية وفرض تسجيل العمال بالتأمينات الاجتماعية بأجورهم الحقيقية.
إلحاق اللجان المنتخبة بدورات الإعداد النقابي الفرعية والمركزية ودورات الصحة والسلامة المهنية وعدم ممانعة ترشحهم للمواقع القيادية الأعلى تحت أية مبررات.
التنسيق مع التأمينات الاجتماعية من أجل العمل على تنسيب العمال للنقابات وفق قانون التنظيم النقابي.
إقامة مراكز ثابتة تابعة للنقابات المعنية في التجمعات الكبرى للإعلان عن وجودها ومتابعة العمال في مواقع عملهم، سواء كانوا منتسبين أم لا، على أن يكون المركز بارزاً بالإضافة إلى توزيع نشرات وملصقات، وكل ما من شأنه استقطاب العمال لنقاباتهم.
تأمين جولات يومية على المنشآت الصغيرة كافةً المنتشرة في المدن والعشوائيات على شكل حملة نقابية تعريفية تصل للغالبية العظمى.
تطوير الاستثمار في أموال النقابات من أجل تأمين الموارد اللازمة لإنشاء عشرات المراكز الطبية العمالية غير الربحية في التجمعات الكبرى والمتوسطة والأحياء المكتظة بالعمال.
ما زال في الوقت متسع!
تبدو هذه النقاط والتي اعتبرناها أدوات ضرورية للعمل النقابي مع عمال القطاع الخاص ليست بتلك الصعوبة، بل هي ممكنة التحقيق ضمن الظروف والتعقيدات التي تمر فيها الطبقة العاملة والحركة النقابية، والذهاب باتجاهها سيضع الأساس اللازم لأن تتعزز علاقة الحركة النقابية بالوزن العالي الذي يشغله عمال القطاع الخاص، خاصةً في مراكز عملهم الأساسية في المدن والتجمعات الصناعية المنتشرة الآن، والتي أعلنت الحكومة في بياناتها عن عودة الآلاف منها للعمل مرةً آخرى.