القطاع غير المنظم.. بوابة للاستغلال
ينشأ القطاع غير المنظم مع غياب دور الدولة وضعف برامجها، وخططها التنموية الاقتصادية والاجتماعية التي لا تأخذ بعين الاعتبار معدل النمو السكاني، وزيادة الفقر والبطالة في البلاد، وتكون عملية توظيف الاستثمارات ذات طابع عشوائي، حيث لا تلبي إلّا حاجة فئة محددة ومحدودة. وعجز القطاع المنظم عن إيجاد فرص العمل الضرورية كي يتم استيعاب أعداد العمال الجدد الداخلين إلى سوق العمل نتيجة النمو السكاني، مما أدى إلى توسع القطاع غير المنظم، وأدى هذا التوسع إلى زيادة الشرائح الاجتماعية خارج التنظيم والحماية، هذا إضافة إلى التخلف والفقر.
فالعاملون في القطاع غير المنظم يمارسون أعمالاً مختلفةً، منها: الخدمات ومنتجات السلع الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى الأعمال الشاقة والخطرة، وذلك دون أن ترى عملهم هذا الحماية القانونية من قبل الدولة، أو التنظيم النقابي الذي لا يعرف عنهم إلا اليسير، وهم بالتالي لا يعرفون أو يدركون أهمية النقابات في الدفاع عن حقوقهم، وهم غير مشمولين بمظلة التأمينات الاجتماعية، ففي القطاع غير المنظم تمارس على العاملين فيه أبشع أشكال الاضطهاد، وهو يضم شرائح متعددة من الأعمار، وخاصة الأطفال، وقد بدأت عمالة الأطفال تزداد مع بدء الحكومة تبني اقتصاد السوق والسياسات الاقتصادية الليبرالية ومع ازدياد نسب الفقر، كما أن وجود فرص العمل للأطفال في القطاع غير المنظم شجع الأطفال وصغار السن على التسرب من المداس، وخاصة عند الأسر الفقيرة ذات الدخل المنخفض الذي لا يوفر لهم الحد الأدنى من المعيشة، ومن الجدير ذكره أن الطفل يُعاني خلال العمل من الحرمان من كل أشكال الرعاية الاجتماعية والصحية وحتى النفسية، حيث يقوم بأعمال لا تتناسب مع طبيعة جسمه وبنيته البيولوجية، التي ما تزال في طور النمو. والنساء لسهولة استغلالهن حيث تتمركز أعمال النساء في هذا القطاع في الورشات الصغيرة والمتوسطة التي تتطلب عمالاً ما بين /5 – 20/ عاملاً وخاصة في القطاعات الغذائية، وفي قطاع الخدمات، والعمل الزراعي الموسمي، إضافة إلى ذوي الاحتياجات الخاصة بسبب تجاهل الحكومة لهذه الفئة في المجتمع وتهميشها والتطنيش عن مطالبها وحقوقها، وهي اليوم بازدياد نتيجة الحرب المستمرة منذ أكثر من سبع سنوات.
ويتميز هذا القطاع بأنه : - اقتصاد لا يخضع لرقابة الدولة، والأهم لا تدخل مدخلاته ومخرجاته في الحسابات العامة للدولة (الموازنة العامة). – التهرب من الاستحقاقات كافة الواجبة عليه اتجاه الدولة، من ضرائب وبيانات إحصائية رغم أنه يستفيد من معظم الخدمات التي تقدم للقطاعات الأخرى بكل أشكالها، وليس لديه دفاتر حسابات نظامية أو موثقة. – لا يعترف بالتشريعات العمالية النافذة، وهو بعيد عن أعين الرقابة المختلفة. – أكثر القطاعات فيه لا تتطلب رؤوس أموال كبيرة. – يستخدم غالباً تكنولوجيا غير متطورة. – أغلب المنشآت موجودة في مناطق المخالفات. – معظم منتجاته تصرف في السوق الداخلية ودون رقابة.
ويعاني العمال الذين يعملون في القطاع غير المنظم، الكثير من الحرمان لحقوقهم ومنها :- تدني الأجور مقابل ساعات العمل الطويلة. – الحرمان من الطبابة والضمان الصحي. – الحرمان من الإجازات مدفوعة الأجر. – العمل تحت التهديد الدائم بفقدان فرصة العمل بسبب زيادة نسبة البطالة. – فقدان الأمن الصناعي في مكان العمل، وكثرة التعرض لإصابات العمل الخطيرة منها والبسيطة.