حكايتنا طويلة
في السنوات السابقة لصدور قانون العمل رقم 17 الخاص بعمال القطاع الخاص، جرى تمهيد واسع النطاق عبر الإعلام المقروء والمكتوب منه تمهيداً للقبول بهذا القانون وإقراره مع كل التبريرات التي قدمت من الأطراف المختلفة، في مقدمتهم وزيرة العمل السابقة التي وضعت المعنيين به طبعاً هنا (العمال ليسوا من المعنيين ولم يُؤخذ رأيهم ولا موقفهم منه بالاعتبار»
وهم أمام خيارين لا ثالث لهما: إما القبول به وهذا يعني من وجهة نظر الحكومة صاحبة السياسات الليبرالية سيفتح الطريق واسعاً أمام دخول المستثمرين وأموالهم، لأن القانون فيه من المواد ما يجعلهم مطمئنين على استثماراتهم من ردة فعل العمال لو حاولوا المطالبة بحقوقهم، ومنها: تحسين أجورهم الضعيفة التي اعتبرتها الحكومات السابقة بأنها ميزة إضافية للمستثمرين يستفيدون منها لتعظيم أرباحهم التي لا خوف عليها من أن يقاسمهم العمال إياها.
والخيار الثاني في حال رفض من يمثل العمال: الإقرار بتلك التوجهات والإقرار بالقانون، وسيتحملون وزر هروب تلك الأموال القادمة التي ستجعل الشعب السوري، ومنه الطبقة العاملة السورية: تعيش بهناء وسرور ورغد العيش.
الآن، وكأننا في مرحلة شبيهة بتلك المرحلة حيث طرحت وزارة التنمية الإدارية كتعديلٍ لقانون العاملين أربعة قوانين بديلة، فَصّلتها على مقاس السياسات المتبعة في عمليات الضبط والربط لمصالح العمال، مع العلم أن النقابات قد طرحت بعض التعديلات على القانون وليس استبداله بأربعة قوانين ستسهم بالتأكيد في قسم الطبقة العاملة على أساس ما هو جار طرحه، وتجربة وجود قانونين للعمال ما زالت ماثلة أمامنا، والعمال يعانون الأمرين فيها ولا يخلو اجتماع أو مؤتمر نقابي من تناول القانونين وضرورة تعديلهما بما يقر بحقوق العمال وشكل تحصيل تلك الحقوق.
إن الذهاب نحو تعدد قوانين العمل ليس بريئاً من وجهة نظر المصالح والحقوق العمالية، والمقصود به تشتيت وفسخ وحدة الطبقة العاملة ووحدة مصالحها وحقوقها عبر تعدد القوانين التي سيضطر فيها العمال والنقابات النضال على جبهات متعددة لتحصيل حقوقهم، والدفاع عن مطالبهم المشروعة في الوقت نفسه حيث يعاني العمال ما يعانونهُ بسبب النهب العالي لمنتوج عملهم الأمر الذي جعلهم أقرب إلى العبيد.
المطلوب، تعزيز وحدة الطبقة العاملة وتطوير أدواتها في تحصيل حقوقها والدفاع عن مطالبها في مواجهة السياسات الليبرالية التي انتزعت من العمال حتى الهواء الذي سيستنشقونه، وهنا تتحمل النقابات مسؤوليتها القانونية والدستورية في هذا الأمر.