بصراحة: الطبقة العاملة السورية خيارها أمامها
التاريخ الوطني المجيد للطبقة العاملة السورية، الذي صنعته بجدارة وجسارة، أكسب الطبقة العاملة الحصانة والمناعة في مواجهة دعوات التفتيت المختلفة، وهذا التكون التاريخي ليس شيئاً عابراً أو مؤقتاً أو تكتيكياً، بل هو جزء أصيل من مكونها الفكري والسياسي والثقافي والطبقي، وبهذا تكون الطبقة العاملة مدافعاً حقيقياً عن المصالح الوطنيه العليا، لأن لها في ذلك مصلحة عميقة تتوافق مع مصالحها العامة والخاصة، ولا يمكن أن تنحاز عنها، بل ستدافع عنها بكل ما تملكه من قوى وإمكانات، وما تملكه شيء كثير إن استطاعت تنظيم قواها، والخلاص من المعيقات التي تكبل حركتها.
الطبقة العاملة تؤكد دائماً، على موقفها وموقعها الأصيلين اللذين تميزت بهما تاريخياً « الوطني والطبقي»، بالرغم من حالات الهبوط التي فرضها التغير في موازين القوى، ليس على الصعيد الداخلي فقط، بل أصاب القوى الثورية على الصعيد العالمي وهي تستعيد قدراتها الآن بفعل التغير الحاصل بميزان القوى الدولي، أي أن الأفق أصبح مفتوحاً أمام حركة الشعوب لتستعيد سلطتها الحقيقية على ثرواتها المنهوبة، وترسم مستقبلها بما يعبر عن مصالحها الحقيقية، وهذا التطور الجاري سيعكس نفسه بالضرورة على الطبقة العاملة السورية وعلى الشعب السوري.
إن الطبقة العاملة السورية كانت أكثر المتضررين قبل وأثناء الأزمة بسبب الهجوم الواسع الذي شنته الليبرالية على حقوقها ومكاسبها الاقتصادية والديمقراطية، وأهم ما في ذلك: حقها بأجرٍ عادلٍ يؤمن كرامتها، وحقها بمكان العمل الذي يؤمن استمرارها واستقرارها، ويمنع عنها شبح البطالة المخيم على رؤوس العمال، ويتهددهم بالتسريح في أية لحظة، وخاصة عمال القطاع الخاص الذين فُرض عليهم قانون عمل غير عادل، وغير منصف ومنحاز لأرباب العمل وقوى السوق، وهنا لابد من الإشارة إلى أن قطاعاً واسعاً من القوى الوطنية بما فيها الكثير من الكوادر النقابية قد رفضوا ما جاء في القانون من مواد جائرة بحق العمال في القطاع الخاص، ولكن الأدوات المفترض استخدامها لرد الظلم عن مصالح العمال كانت قاصرة ومقيدة بفعل المادة الثامنة القديمة من الدستور السوري القديم، وهذا يطرح على الحركة النقابية والعمالية مهمة إزالة أثارها طالما يجري الحديث الآن عن تعديلٍ للدستور، أو كتابة دستور جديد يضمن بشكل فعلي استقلالية الحركة النقابية والعمالية بما يمكنهما من الدفاع عن حقوقهما ومصالحهما.