بحثا عن سلامة مهنية
أقامت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية الاحتفالية الرابعة للصحة والسلامة المهنية، برعاية وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وتحت شعار «من أجل جيل آمن وصحي» بالتعاون مع الاتحاد العام لنقابات العمال وشركات من القطاع الخاص، ورغم أهمية هذه المناسبة والدور المنوط بها في تحسين واقع العمالة السورية، فقد غلب عليها الطابع العمومي والجانب النظري، وعرض المشكلات دون تقديم حلول حقيقية، كما تحولت الفعالية في حيز واسع منها إلى فرصة للتسويق لبعض الشركات الخاصة، عبر عرض منتجاتها والحديث عن تجاربها ونجاحاتها.
كثير من الحشو
الواقع الذي صار إليه مؤتمر الصحة والسلامة المهنية هذا العام لا يكاد يختلف عن الأعوام السابقة، وهو يجرد موضوعاً بمثل هذه الأهمية والحساسية من قيمته الحقيقية، ويحوله إلى فرصة لعرض العضلات والتغني بالإنجازات، إلى جانب إغراق بعض المحاضرات بسيلٍ من الأرقام والمعلومات، لتبقى إشارات الاستفهام حاضرة حول الحلول الواقعية التي تتوقف عليها حياة آلاف العمال، في المقابل فقد نجت محاضرات أخرى من فخ النمطية والسرد، لتتمكن من عرض قضايا حساسة تمس التشريعات السورية لعمالة الأحداث، وتسلط الضوء على مواطن الخلل فيها.
أين دراساتنا؟
تمحور المؤتمر حول عمالة الأحداث والأطفال، وتم طرح وقائع مؤرقة حول الاستغلال الذي تواجهه هذه الشريحة، والمخاطر التي تتعرض لها نتيجة مزاولة مهن شاقة وخطرة، لكن المؤسف أن سائر المعطيات والأرقام أخذت من منظمة العمل الدولية، في حين لم تقدم وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أية بيانات خاصة بها، وهو ما يعكس استمرار التقصير غير المبرر في إجراء دراسات محلية عن واقع سوق العمل السوري، رغم أن ثمة ميزانية تنفق لهذا الشأن كما يفترض.
أين نقاباتنا؟
تنوعت الأطراف المشاركة في المحاضرات كوزارة الصحة، وبرنامج الغذاء العالمي، وبعض الشركات الخاصة وغيرها، في حين غاب الاتحاد العام لنقابات العمال، والذي يتوجب أن يكون طرفاً أساسياً في مؤتمر يمس العمال بالدرجة الأولى، وباستثناء مشاركته بإلقاء كلمة عجلى في الافتتاح، لم يحمل الاتحاد شيئاً من هموم الطبقة العاملة، أو يعبر عن جانب من معاناتها، واكتفى بالحضور شكليا وكأنه جهة غير ذات صلة.
ليست مجرد مؤتمرات
التعامل مع المؤتمرات التي تمس العمال باختلاف أنواعها ودواعيها بكثير من اللامبالاة، وعدم الاكتراث، وتحويلها إلى مناسبة لإلقاء الكلمات والتقاط الصور لا أكثر، جرد هذه المؤتمرات من أهميتها كمنابر حقيقية لإيصال صوت الطبقة العاملة والنضال في سبيل حقوقها، وقاد إلى اتساع الهوة أكثر فأكثر بين العمال وقياداتهم النقابية، فهل ستدرك النقابات ذلك قبل فوات الأوان؟