نبيل عبد الفتاح نبيل عبد الفتاح

الطبقة العاملة والأول من أيار

أنهى التنظيم النقابي مؤتمراته السنوية من نقابات واتحادات نقابات المحافظات إضافة إلى الاتحادات المهنية، وقد استعرضت قاسيون هذه المؤتمرات وأهم ما كان يطرح فيها من هموم ومطالب وحقوق للطبقة العاملة، من أجور وغلاء وضعف الأمن الصناعي والصحة والسلامة المهنية، إضافة إلى الحقوق التشريعية المتعلقة بقوانين العمل النافذة.

هذه القوانين العاجزة عن تلبية حقوق ومصالح الطبقة العاملة، سواء في قطاع الدولة أو القطاع الخاص، وغيرها من المشاكل والقضايا الملحة والضرورية لتطوير واقع اليد العاملة والمنشآت الصناعية المختلفة.
السؤال الذي يطرح
ما هي القرارات التي اتخذتها الحركة النقابية من أجل حقوق ومطالب من تمثلهم؟ وما هي الأدوات والأساليب الناجعة التي يجب أن تمتلكها هذه المنظمة من أجل تحقيق تلك الحقوق والمصالح التي يتم التعدي عليها باستمرار من قبل أرباب العمل سواء في «قطاع الدولة أو القطاع الخاص»؟، وعندما يصوت أعضاء المؤتمر في النقابات على مجريات هذا المؤتمر من تقارير ومداخلات مختلف الأعضاء، والسؤال الأهم: لماذا لا ينعكس ذلك في تقارير المؤتمرات الأعلى على اعتباره قراراً تم التصويت عليه في المؤتمرات، فعلى سبيل المثال لا الحصر: عندما يطالب العمال بفتح سقوف الرواتب، أو حق الإضراب الذي ضمنه الدستور، كما ضمن الأجر اللائق وحماية قوة العمل بما يخدم الاقتصاد الوطني من خلال المادة /13/ من الدستور، أو إلغاء مواد التسريح التعسفي من قانوني العمل.
كيف استطاع التنظيم النقابي أن يترجم ما جاء في الدستور من حقوقٍ للعمال على أرض الواقع لتحصيل تلك الحقوق، وما هي فاعلية تلك الإجراءات والأدوات أو الآليات التي يستخدمها التنظيم النقابي من مذكرات وكتب واجتماعات في أورقة الحكومة؟
يوم شحذ الهمم
نحن اليوم على أبواب الأول من أيار اليوم العالمي لتضامن العمال، يوم إعادة شحذ الهمم والنضال من أجل حقوق ومصالح العمال المسلوبة، اليوم الذي تعبر فيه الطبقة العاملة وتنظيمها النقابي عن استمرار نضالها لتحصيل حقوقها، من خلال المظاهرات والإضرابات والاعتصامات لتذكر قوى رأس المال بأن هذه الأدوات لا يمكن أن تستغني عنها.
هذا اليوم الذي جاء تتويجاً لنضال العمال وكفاحهم المرير لنيل حريتهم وحقوقهم الاقتصادية والتشريعية والديمقراطية من براثن الاستغلال، ونتيجة للكثير من التضحيات الكبيرة، استطاع العمال آنذاك انتزاع العديد من الحقوق الهامة والمكتسبات الضرورية، ودفعوا ثمناً باهظاً لتحقيق ذلك من شهداء واعتقالات وسجون.
وبهذه المناسبة العالمية والأممية شرف لنا أن توجه إلى عمال وطننا الكادحين القابضين على الجمر، بالتهنئة بهذا اليوم المجيد الذي يرمز إلى الكرامة والحرية، ونتمنى ألّا يكون الاحتفال بهذا اليوم مجرد تظاهرة بروتوكولية نتحدث فيها عبر الميكرفونات في مهرجانات خطابية عن مكانة العمال وإنجازاتهم، في الوقت الذي تعاني فيه الطبقة العاملة في ساحات الوطن ظروفاً تعسفيةً لا تحترم فيها إنسانية العامل وحقه في العيش بكرامة، من خلال فرض الشروط القاسية على العمال، كالأجور التي لا تتناسب بالمطلق مع مستوى المعيشة بسبب الغلاء والفساد المستشري في البلاد.
الطبقة العاملة هي البوصلة
لقد حققت الطبقة العاملة السورية من خلال تنظيمها النقابي في خمسينيات القرن الماضي مكاسب وحقوقاً هامة، من تثبيت الساعات الثماني للعمل والضمان الاجتماعي، والأجر المناسب وغيرها، إلا أن حجم هذه المكاسب والحقوق بدأ بالتراجع في العقود الثلاثة الماضية، بسبب تلك السياسات الاقتصادية الليبرالية التي تبنتها الحكومات المتعاقبة من خلال التشريعات القانونية المختلفة، من قوانين عمل وقوانين الاستثمار، مما زاد في معدلات البطالة والتهميش وصولاً لانفجار الأزمة.
الطبقة العاملة اليوم تبحث عن تنظيمها النقابي المتخفي تحت قبعة الإخفاء المهداة له من قبل السلطات، ورغم وجوده المتمثل بمقراته المختلفة في المحافظات ووجود مقره العام، إلا أن الطبقة العاملة لا تراه بسبب بعده عن قضاياها المختلفة، وقربه من مصالح أصحاب العمل في الدولة وفي القطاع الخاص، لكنها ستجده وتخلع عنه تلك القبعة السوداء.