بصراحة السياحة قاطرة النمو؟
تركت الأزمة الوطنية العميقة ، آثاراً تدميرية على شعبنا، وتكاليف إعادة إعمار ما نتج عن هذه الكارثة باهظة، فقد قدرتها مصادر مختلفة بمئات المليارات من الدولارات، ويبدو أن وزارة السياحة ستبدأ من طرفها أولاً في إعادة الإعمار، من خلال ما تطرحه من مشاريع استثمار سياحي بلغت إلى هذا الوقت ما مقداره 178 مشروعاً سياحياً، وزعتها على محافظتي اللاذقية وطرطوس، حيث تبلغ قيم المشاريع المرخصة 842 مليار ليرة سورية، وهو رقم ليس بالقليل، سيكون استثماره وفقاً للتسهيلات التي تعلن عنها الحكومة عادةً من أجل جذب رأس المال الذي سيقوم بعملية الاستثمار في تلك المناطق المحددة له، والتسهيلات الممنوحة عادةً ما تكون بتسهيل دخول وخروج الأموال بما فيها الأرباح المحققة من عملية الاستثمار، وهذه الأموال دورانها سريع لا يحتاج لمدد زمنية طويلة، كما هو الاستثمار في الاقتصاد الحقيقي الصناعي والزراعي، ولا يحتاج ليدٍ عاملةٍ كثيرة، كما هو الوضع في الصناعة والزراعة، ولا تخضع لقوانين العمل السوري كما يجب، ويريح بال الحكومة من أن تكون لها اليد الطولى في توظيف الأموال، في مشاريع تعمل على تخفيض نسب الفقر، والبطالة، وتكون عائديتها الأساسية لخزينة الدولة لتؤمن من خلالها الاحتياجات الأساسية، والمتطلبات الضرورية التي تحتاجها أغلبية الشعب السوري، من سكن، وهو قد ضرب أرقاماً قياسية في تكاليفه، ومن تعليم، ونسبة التهرب من التعليم عالية بسبب ضيق حال الفقراء وإضطرارهم لتشغيل أولادهم، ومن صحة، وقد حلقت تكاليف التداوي والعلاج في السماء، ولا قدرة للأغلبية من الفقراء على التداوي والعلاج، وشراء الدواء اللازم وغيره وغيره من القضايا التي لا مجال لذكرها.
إن التوجه نحو الاستثمار السياحي ليس وليد اللحظة، بل هو توجه قديم مع الحكومات السابقة كلها ومع كل حكومة جديدة يتعزز هذا التوجه، ويأخذ شكلاً متجدداً في كل الخطط والتوجهات التي تطرحها الحكومات، ليبقى الاستثمار في المجالات الأخرى الصناعية والخدمية والزراعية، التي هي القاعدة التي سيرتكز عليها النمو الحالي واللاحق، مرهوناً للظروف والتغيرات التي يمكن أن تحدث، وتغير الاتجاه نحو الاستثمار في الاقتصاد، الذي يؤمن التنمية الحقيقية لهذا الشعب المكلوم.