بصراحة التناقض مع رأس المال...المحرك الرئيس للصراع؟
مع انفجار الأزمة العامة للرأسمالية العالمية وتعمقها ووصولها إلى الإنتاج الحقيقي، بدأت تظهر في المراكز الرأسمالية الرئيسة والطرفية بوادر لحراك شعبي واسع، طبعته الطبقة العاملة بطابعها، كونها المتضرر والمحرك الأساس لهذا الحراك، لتنضم إليه قطاعات واسعة من المتضررين بمصالحهم، كأساتذة الجامعات والثانويات وقطاعات أخرى لها دور مفصلي في الحياة العامة.
الرفاه الاجتماعي السابق لم يعد موجوداً مع تفجر الأزمة للرأسمالية، وأخذ الهجوم الواسع على مكتسبات الطبقة العاملة يتعمق بالأشكال كلها، ومنها: الهجوم على أجورها وحقوقها الديمقراطية ومستوى معيشتها، الذي تأثر كثيراً بالضرائب الجديدة المفروضة، ليس هذا فحسب؛ بل تجري الآن عملية تغيير واسعة لقوانين العمل والمعاشات التقاعدية، وعمليات تسريح بالجملة للعمال ومنهم: عمال السكك الحديدية، كما جرى في فرنسا، الأمر الذي أدى إلى نزول مئات الألوف من العمال إلى الشارع، رافضين لتلك القوانين وفي مواجهة مباشرة مع قوى القمع، قوى الرأسمال.
الآن، تتجدد الدعوات في بلدان رأسمالية عديدة للنزول إلى الشارع، وفي هذه المرة أيضاً الطبقة العاملة تقود هذا التحرك، متجاوزةً لقياداتها التقليدية التي ساومت كثيراً على حقوقها، عبر التوافق مع حكوماتها التي قد رشتها بأشكال مختلفة، في مواجهة عمليات التقشف الواسعة، التي تسعى إليها الحكومات الأوربية في المراكز والأطراف، من أجل التخفيف من أزمتها المستعصية على الحل، والتي وصلت إلى طريق مسدود.
إن الطبقة العاملة التي استطاعت انتزاع حقوقها الديمقراطية والاقتصادية في ظل توازن دولي للقوى في مراحل سابقة، ستتمكن من الدفاع عن حقوقها المختلفة مع انفتاح الأفق الجديد والتغير في ميزان القوى، الذي لم تعد الإمبريالية الأمريكية وحلفاؤها القطب الوحيد في هذا العالم.
جاء في مشروع برنامج حزب الإرادة الشعبية «إن حزب الإرادة الشعبية المستند إلى قناعة علمية بأسباب هزائم النصف الثاني من القرن العشرين، التي لم تكن إلا انسداد أفق تاريخي مؤقت في وجه الحركة الثورية العالمية، وانفتاح مؤقت لأعدائها.. ومستندة إلى يقين علمي، بأن الأزمة الرأسمالية العظمى، التي تنبأت بها منذ أيامها الأولى، ستغلق الأفق التاريخي نهائياً أمام الرأسمالية العالمية، وبالمقابل فإنها ستفتح الأفق التاريخي واسعاً أمام الحركة الثورية».