مؤتمرات عمال دمشق في أسبوعها الثاني
سمر علوان سمر علوان

مؤتمرات عمال دمشق في أسبوعها الثاني

يواصل اتحاد عمال دمشق مؤتمراته الدورية السنوية لمناقشة واقع العمال في كل نقابة على حدة، حيث شهد الأسبوع الماضي عقد مؤتمرات الصناعات الخفيفة والكيماوية والبناء والإسمنت، إلى جانب المصارف والطباعة والزراعة.

وعلى غرار الأسبوع السابق، اتسمت المؤتمرات في أغلبها بمحدودية الجرأة في الطرح، وغلبة الطابع الخطابي على حساب المناقشات الحقيقية، ما قاد إلى مزيد من إفراغ هذه المؤتمرات من أهميتها، وتحويلها إلى جلسات لتلاوة التقارير المعدة مسبقاً والتصويت عليها فقط!
عمال البناء
مؤتمر البناء كان الأكثر فرادة الأسبوع الماضي إذ شهد مناقشات عديدة وطرح قضايا مهمة، أبرزها: رفض القطاع الخاص لترميم الشواغر النقابية عن طريق التعيين، بدلا من الانتخاب، وهو ما يتعارض مع قانون التنظيم النقابي 84، كما أنه ينطوي على مخالفة دستورية، حيث يتنافى مع استقلالية الحركة النقابية، كما طالب عمال الشركة العامة للطرق، بمنح اللجان النقابية صلاحيات حقيقية لحماية العمال من النقل التعسفي، في حين دعا عمال الإسكان إلى تعديل كل من قانون التنظيم النقابي، والنظام الداخلي لنقابة البناء والأخشاب، بما يحقق مصالح العمال.
لا لإعادة الإعمار بأيد أجنبية
وفي الجانب الاقتصادي طالب ممثلو عمال البناء، بدعم القطاع الحكومي، وإعادة العمل بالمجلس الأعلى للشركات، والذي يتولى توزيع العمل بين الشركات، مع التأكيد على أن يكون لقطاع الدولة النصيب الأكبر، كما رفض عمال البناء إدخال الشركات الأجنبية في مرحلة إعادة الإعمار، مطالبين بإعادة تأهيل شركات القطاع العام الإنشائية، ورفدها بآليات حديثة تلبي مقتضيات المرحلة المقبلة، واستنكر أحد ممثلي العمال خبراً تداولته وسائل التواصل الاجتماعي، حول تسليم بناء الصوامع في القطر لشركة ماليزية ، وهوما يشكل خطراً على الشركات الوطنية، التي أثبتت كفاءتها في بناء الصوامع طوال العقود الماضية، وهو توجه يتلاقى مع نهج الحكومة القائم على تغييب القطاع العام، فالشركات الأجنبية تفرض شروطاً  تتنافى مع مصلحة الطبقة العاملة، وتهدد بجلب عمالة خارجية، في حين يعاني عمالنا من البطالة، مع التذكير بالتجربة السيئة للشركات الأجنبية في مطار دمشق الدولي، والتي انتهت بتصدع أحد الأسقف بعد مدة وجيزة.
عمال الاسمنت: «لا للخصخصة»
بدورهم أكد عمال الاسمنت على ضرورة  تشغيل معامل القطاع العام المتوقفة بعيداً عن الخصخصة، بكل المسميات التي تحاول الحكومة تمريرها باستمرار كالتشاركية، مع التشديد على ضرورة وضع حد للمنافسة غير العادلة بين القطاعين الخاص والحكومي، ورفض سياسة إغراق الأسواق السورية بمنتجات مستوردة من الدول الأخرى، وخاصة العربية، والتي تسببت بإغلاق الكثير من المعامل، وتشريد الآلاف من أسر العمال، وكذلك وقف استيراد السيراميك الأجنبي لدعم الصناعة الوطنية.
عمال المصارف
لم يكن عمال المصارف أفضل حالاً، إذ حملوا إلى مؤتمرهم مطالب كثيرة ما عادت تحتمل التسويف، أبرزها: زيادة الأجور للعاملين في المصارف العامة للحد من تسربهم إلى المصارف الخاصة، وإيجاد نظام خاص موحد لكل المصارف فيما يتعلق بالحوافز، إضافة إلى إعادة النظر في منح القروض السكنية للعاملين في المصارف، وضرورة رفع سقفها، وتخفيض الفوائد عليها.
كما أكد عمال المصارف على ضرورة إعادة النظر في موضوع عودة العمال إلى دير الزور، في حين ما تزال لا تتوافر فيها مقومات الإقامة  والعمل، إلى جانب تطوير التشريعات المالية، بخصوص الضرائب غير المباشرة، بإيجاد لصاقة تختصر أشكال الطوابع المختلفة، أسوة بالمصالح العقارية، وأن تعود قيمة هذه اللصاقة إلى صناديق النقابة، مع التذكير بلزوم إعفاء كفلاء العمال الذين غادروا البلاد أسوة بالعسكريين، وتحصيل حق المصرف من التأمينات الاجتماعية.
عمال الكيماوية
في مؤتمر عمال الصناعات الكيماوية تلاقت أصوات عمال القطاعين الخاص والحكومي، على ضرورة رفع الأجور، وتحسين الوضع المعيشي للطبقة العاملة، وأهمية إيجاد آلية للتنسيق بين القطاعين الخاص والحكومي، فيما يتعلق بالأدوية المتماثلة، كي لا يتم إغراق السوق بأدوية معينة على حساب أخرى.
وكان النصيب الأكبر من المداخلات للقطاع الخاص، الذي أكد عماله على ضرورة عدم فصل العامل الذي يؤدي الخدمة العسكرية والاحتياطية، وتفعيل دور الحضانة في الشركات الخاصة، ولا سيما أن أغلب عمالها من الأمهات، إضافة إلى  فتح باب الشراء بالتقسيط، من المؤسسات العامة لعمال القطاع الخاص أسوة بالعام.  
مطالب خفيفة
أما مؤتمر الصناعات الخفيفة فاتسم بقلة المطالب العمالية، والعجلة في إنجازه حيث تم التطرق إلى مطالب عديدة، كالمبيت العمالي، ورفد الصناعات التحويلية بأيدٍ عاملة فتية، وعدم الكيل بمكيالين بين القطاعين الخاص والحكومي، ورفع قيمة الوجبة الغذائية.


«رح نضل نعيدها»
ورغم أن النسبة الأكبر من المطالب العمالية التي حملتها المؤتمرات لم تكن سوى قضايا جرى طرحها في الأعوام السابقة، دون أن تلقى ردودا فعلية، فإن العمال أصروا على المطالبة بها، باعتبارها حقوقاً مشروعة لا يمكن التنازل عنها، ولو تطلب الأمر إعادتها كل مؤتمر، وفي طليعتها المسائل المتعلقة برفع الأجور وتحسين الوضع المعيشي المتردي للطبقة العاملة، وتعديل القانون 17 وقانون العاملين الأساسي، وصرف بدل الإجازات، وبدل عطلة يوم السبت لمن يداومه دون أجر، إلى جانب رفع سوية الطبابة، والتأمين الصحي للعمال، وإيجاد آليات تضمن تنسيب عمال القطاع الخاص للتأمينات الاجتماعية، وتعديل قيمة الحوافز، وبدل اللباس والوجبة الغذائية، والتعويض العائلي، وتوزيع نسبة من الأرباح على عمال الشركات الرابحة، إلى جانب رفد شركات قطاع الدولة بالأيدي العاملة الفنية والخبيرة، وتزويدها بآلات جديدة، وإصلاح خطوط الإنتاج المتوقفة، وخفض أسعار حوامل الطاقة ودعم القطاع الحكومي.