مقدمات التعديل على قانون العمل 17
عادل ياسين عادل ياسين

مقدمات التعديل على قانون العمل 17

قانون العمل 17 هو من أكثر القوانين التي جرى حولها جدل ونقاش واسعان وهذا طبيعي، كونه يمس مصالح ملايين من العمال، وعليه تتوقف الإمكانية في تحسين مستوى معيشتهم وتأمين حقوقهم.

 هذا القانون جاء إصداره في ذروة الانفتاح الاقتصادي، والسعي المحموم من قبل الفريق الاقتصادي السابق، لإنتاج قانون يقدم الضمانات الضرورية والمطمئنة في مواده المتعددة التي تضمنها القانون لقوى رأس المال الخارجي والمحلي، بأن استثماراتهم ستكون بعيدة عن المخاطر المحتملة التي قد يتعرض لها، ومنها: التحركات العمالية المطالبة بزيادة أجورها، أو تحسين شروط عملها وغيرها من المطالب الأخرى التي تحمل الأهمية ذاتها.
لقد اشتدت المطالبة بتعديل القانون سواء من قبل النقابات أو العمال، بعد سبع سنوات من معاناة العمال، وخضوعهم للمارسات المجحفة وخسارتهم للكثير من حقوقهم، وأهمها: حقهم بالعمل الذي يكفله الدستور السوري، ولكن القانون قد تجاوز الدستور، وأصبح سيفاً مسلطاً على رقاب العمال، حيث تعرض مئات الألوف منهم للتسريح والتشرد في أصقاع الأرض، بحثاً عن فرص عمل جديدة دون أن يجدوا أية حماية من أية جهة كانت.
 النقابات بمستوياتها التنظيمية المختلفة تعمل على تقديم المقترحات في تعديل القانون، ومنها: نقابات دمشق، التي نشرت على صفحتها ورقة تضمنت بعض التعديلات التي ترى أنها هامة، وخاصةً مقدمة الورقة التي تلخص ما هو مفترض أن يكون أساساً لا يجوز التنازل عنه من قبل النقابات، حتى تتمكن من تحقيق ذاك التوازن المطلوب في قانون العمل، والذي سيمكن الطبقة العاملة ليس في القطاع الخاص فقط، بل في القطاعات الأخرى جميعها من انتزاع مطالبهم وأهمها: زيادة أجورهم.
جاء في عنوان الورقة :«اقتراحات لتعديل القانون 17 لعمال القطاع الخاص
الحد من تعسف رب العمل، وزيادة الأجور الدورية، مع حق الإضراب».
إنها ثلاثُ قضايا أساس تتلخص في موقف واحد، دونه لن تتمكن الطبقة العاملة من تحقيق القضيتين الأخريين وهي: حق الإضراب للطبقة العاملة السورية، هذا الحق المغيب منذ عقود من الزمن، والذي بسبب غيابه شبه الكلي فقدت الطبقة العاملة إمكانات انتزاع حقوقها الأساسية، بما فيها حقها بزيادة الأجور التي تتناسب مع وسطي الأسعار، وهذه مهمة اللجنة الوطنية للحد الأدنى للأجور المغيبة عن ساحة الفعل الحقيقي، من أجل زيادة أجور العمال، كما نص عليه القانون، وحتى تكون هذه اللجنة فاعلة لابد من تغيير قوامها وأن تكون قراراتها توافقية، وليست بالتصويت باعتبار تركيبتها الغالبة من أرباب العمل، حتى لو كان فيها طرف أو أطراف من الحكومة فهذا لا يغير من واقعها في شيء والبديل عن هذه التركيبة، أن تكون ثلاثية من أطراف الإنتاج: حكومة، وممثلي العمال، وممثلي أرباب العمل، كي لا تضيع «الطاسة» وتصبح القرارات لصالح الطرف الغالب في تعداد اللجنة.
إن المطالبة بأن يتضمن تعديل القانون حق الإضراب المهني كما أسمته الورقة المنوه عنها، لابد أن يترافق معه إجراء تعديل جذري على قانون التنظيم النقابي من حيث تعزيز الحريات النقابية والديمقراطية، باعتبارها المدخل الفعلي لوصول قيادات عمالية قادرة على حمل المهام الكفاحية، وقادرة على مواجهة الصعاب وتجاوزها بما يحقق المطالب العمالية المختلفة، وهذا سيتم عند  تضمين التعديلات الضرورية على صلاحيات اللجنة النقابية كقائد فعلي في موقعها، ولها صلاحية اتخاذ القرار المناسب للدفاع عن حقوق العمال في تجمعها، وأن تكون مرجعيتها الهيئة العامة، والمفترض النص على دورها في الموافقة على ما تقوم به اللجان النقابية بما فيها سحب الثقة من اللجان إذا لم تكن قادرة على القيام بدورها كممثل ومدافع عن حقوق العمال.
إن النقاش والعمل على تعديلٍ حقيقي لقانون العمل، لا بد أن يستمر ويتوسع مع أصحاب المصلحة الحقيقية، وهم: العمال وبأشكال مختلفة!