الأول من أيار... من أجل ثماني ساعات عمل..من أجل حق الإضراب
أكتسب عيد العمال أهميته، ليس من الشعارات التي رفعها عمال شيكاغو في مواجهة قامعيهم، والتي أصبحت الشعارات الرئيسة التي رفعها العمال لاحقاً في مظاهراتهم وإضراباتهم في أمريكا فقط، بل في أوروبا أيضاً، لمواجهة قوى رأس المال الناهضة، حيث كانت من أجل « ثماني ساعات عمل.. ثماني ساعات نوم .. ثماني ساعات فراغ للراحة والاستمتاع ».
بل أهميته تكمن في أن الطبقة العاملة بدأت تعي ذاتها كطبقة لها حقوق، وهذا يعكس ضراوة الصراع بين رأس المال وقوة العمل في تلك الحقبة، التي كانت فيها الرأسمالية تنمو وتتطور بسرعة محققة تراكماً هائلاً في الثروة، على حساب قوة العمل التي نمت وكبرت مع نمو رأس المال، وطورت من أدواتها وأشكال مواجهتها السياسية والتنظيمية.
كومونة باريس باكورة المواجهة
وفي هذا السياق فإن انتفاضة باريس عام 1871 كانت المواجهة الأولى بين البروليتاريا والبرجوازية، التي انتهت بخسارة العمال لهذه المعركة الطبقية والسياسية، ولكنها كانت تجربةً عظيمةً للطبقة العاملة العالمية التي تعلمت كيف تخوض صراعها مع عدوها الطبقي دفاعاً عن حقوقها، التي كانت تنمو كلما ازدادت درجة الاستغلال والقمع الممارسة ضدها، حتى وصلت لتحقيق المطالب ممكنة التحقيق، في ظل توازن القوى السائد في كل مرحلة من المراحل، التي دفع العمال من أرواحهم ثمناً لها، ليس في أمريكا فحسب بل في المناطق كلها، حيث يتعرض العمال فيها لعملية استلاب واضطهاد وممانعة، لتحقيق مطالبهم من قبل قوى رأس المال.
العمال السوريون على الطريق
في بلادنا، التي جاء إليها رأس المال متأخراً بشكله الأوربي، وذلك مع قدوم الاستعمار الفرنسي، ودخول الشركات الأجنبية معه، الأمر الذي أدى إلى بداية تكون الطبقة العاملة السورية في تلك الشركات، التي تطور عملها وتطور معها نضال العمال السوريين، من أجل حقوقهم ومطالبهم، التي كانت من ضمنها تأسيس نقابات لهم، والمحرمة عليهم وفق قانون الشغل العثماني، الذي بقي معمولاً به حتى في زمن الاستعمار الفرنسي، فلجأ العمال إلى تنظيم أنفسهم في نقابات، كانت تعمل بشكل سري إلى أن انتزعت حقها بالعمل العلني، وخاضت نضالات مهمةً تمكنت عبرها من تحقيق جزء من مطالبها، وعززت من وزنها السياسي والاجتماعي، عبر مشاركتها الفاعلة في المقاومة الوطنية، إلى جانب القوى والأحزاب الوطنية من أجل استقلال سورية، ومن أجل حقوقها.
أي، أن الطبقة العاملة السورية قد خاضت الصراع على اتجاهين: الأول: ضد المستعمر، والأخر في سبيل حقوقها من أجل ثماني ساعات عمل وزيادة أجورها وحقها في الإضراب واستقلالية عملها وقرارها، الأمر الذي جعل منها قوةً لها وزنها في العمل السياسي الوطني والطبقي، وهذا الأمر تؤكده الوثائق والدراسات، مع قلتها.
ويمكن أن نأتي بمثل واحد يوضح واقع الحركة النقابية والعمالية المتكون، وهو إعلان الاتحاد العام لنقابات العمال الإضراب العام في سورية أثناء انعقاد مؤتمره الخامس، وذلك عام 1946، والذي أتى مع انعقاد المجلس النيابي، الذي كان ضمن جدول أعماله مناقشة وإقرار أول قانون عمل سوري بعد اندحار المستعمر، وكان مطلب النقابات الأساسي هو: وضع حد أدنى للأجور وحق الإضراب، حيث استجاب المجلس النيابي لهذه المطالب، وأُبلغت النقابات بواسطة رئيس الوزراء الذي قدم إلى مقر المؤتمر المنعقد.
تغير في الموازين..تغير في شروط العمل
مع غياب شروط العمل النقابي والعمالي، وفي مقدمتها استقلالية الحركة النقابية في قرارها المعبر عن مصالح منتسبيها الطبقية، تراجع ذاك الدور المتكون تاريخياً، تباعاً، منذ عهد الوحدة السورية المصرية، حيث تغيرت وتبدلت الأدوات وأشكال النضال وطرقه، وتم تخسير الطبقة العاملة السورية ذاك الوزن الضاغط، في مراكز الإنتاج والشارع لصالح طرق وأشكال أخرى من العمل، جعلت من الطبقة العاملة السورية الحلقة الأضعف في علاقات الإنتاج السائدة التي تستباح فيها حقوقها ومصالحها، دون أن يكون لديها القدرة على المواجهة دفاعاً عن مصالحه.
وتعزز هذا الواقع مع تبني السياسات الاقتصادية الليبرالية، التي لها الدور الأساس في تعزيز الفقر عند العمال أكثر فأكثر، مترافقاً مع أشكال من العمل التنظيمي، بمعنى أنّ الطبقة العاملة قد فقدت الإمكانية، ولو لبعض حين، أن تنتج كوادرها الحقيقية القادرة على صياغة دور مستقل للحركة النقابية، في مواجهة السياسات الافقارية المعمول بها، ليس تجاه العمال فقط، بل تجاه أغلبية الشعب السوري المكتوي بنار تلك السياسات.
حراك متصاعد في ظل الأزمة...
إن الطبقة العاملة، التي ليس لديها ما تخسره سوى أغلالها كما قيل، أخذ يتصاعد حراكها على النطاق العالمي، مع وصول الليبرالية الاقتصادية إلى مرحلة الأزمة الخانقة، التي لا فكاك منها إلا بزوالها، وهذا الحرك المتصاعد للعمال في الشارع يعكس التحولات العميقة في موازين القوى، مما يعني انفتاح الأفق، أمام حركة الشعوب، ومنها الطبقة العاملة، لانتزاع حقوقها الأساسية في أن تكون سيدة نفسها، أي: أن تستعيد ثروتها المنهوبة وتطيح بعروش ناهبيها.
عاشت الطبقة العاملة.. عاش الأول من أيار رمز الوحدة الطبقية لعمال العالم. عادل ياسين
بل أهميته تكمن في أن الطبقة العاملة بدأت تعي ذاتها كطبقة لها حقوق، وهذا يعكس ضراوة الصراع بين رأس المال وقوة العمل في تلك الحقبة، التي كانت فيها الرأسمالية تنمو وتتطور بسرعة محققة تراكماً هائلاً في الثروة، على حساب قوة العمل التي نمت وكبرت مع نمو رأس المال، وطورت من أدواتها وأشكال مواجهتها السياسية والتنظيمية.
كومونة باريس باكورة المواجهة
وفي هذا السياق فإن انتفاضة باريس عام 1871 كانت المواجهة الأولى بين البروليتاريا والبرجوازية، التي انتهت بخسارة العمال لهذه المعركة الطبقية والسياسية، ولكنها كانت تجربةً عظيمةً للطبقة العاملة العالمية التي تعلمت كيف تخوض صراعها مع عدوها الطبقي دفاعاً عن حقوقها، التي كانت تنمو كلما ازدادت درجة الاستغلال والقمع الممارسة ضدها، حتى وصلت لتحقيق المطالب ممكنة التحقيق، في ظل توازن القوى السائد في كل مرحلة من المراحل، التي دفع العمال من أرواحهم ثمناً لها، ليس في أمريكا فحسب بل في المناطق كلها، حيث يتعرض العمال فيها لعملية استلاب واضطهاد وممانعة، لتحقيق مطالبهم من قبل قوى رأس المال.
العمال السوريون على الطريق
في بلادنا، التي جاء إليها رأس المال متأخراً بشكله الأوربي، وذلك مع قدوم الاستعمار الفرنسي، ودخول الشركات الأجنبية معه، الأمر الذي أدى إلى بداية تكون الطبقة العاملة السورية في تلك الشركات، التي تطور عملها وتطور معها نضال العمال السوريين، من أجل حقوقهم ومطالبهم، التي كانت من ضمنها تأسيس نقابات لهم، والمحرمة عليهم وفق قانون الشغل العثماني، الذي بقي معمولاً به حتى في زمن الاستعمار الفرنسي، فلجأ العمال إلى تنظيم أنفسهم في نقابات، كانت تعمل بشكل سري إلى أن انتزعت حقها بالعمل العلني، وخاضت نضالات مهمةً تمكنت عبرها من تحقيق جزء من مطالبها، وعززت من وزنها السياسي والاجتماعي، عبر مشاركتها الفاعلة في المقاومة الوطنية، إلى جانب القوى والأحزاب الوطنية من أجل استقلال سورية، ومن أجل حقوقها.
أي، أن الطبقة العاملة السورية قد خاضت الصراع على اتجاهين: الأول: ضد المستعمر، والأخر في سبيل حقوقها من أجل ثماني ساعات عمل وزيادة أجورها وحقها في الإضراب واستقلالية عملها وقرارها، الأمر الذي جعل منها قوةً لها وزنها في العمل السياسي الوطني والطبقي، وهذا الأمر تؤكده الوثائق والدراسات، مع قلتها.
ويمكن أن نأتي بمثل واحد يوضح واقع الحركة النقابية والعمالية المتكون، وهو إعلان الاتحاد العام لنقابات العمال الإضراب العام في سورية أثناء انعقاد مؤتمره الخامس، وذلك عام 1946، والذي أتى مع انعقاد المجلس النيابي، الذي كان ضمن جدول أعماله مناقشة وإقرار أول قانون عمل سوري بعد اندحار المستعمر، وكان مطلب النقابات الأساسي هو: وضع حد أدنى للأجور وحق الإضراب، حيث استجاب المجلس النيابي لهذه المطالب، وأُبلغت النقابات بواسطة رئيس الوزراء الذي قدم إلى مقر المؤتمر المنعقد.
تغير في الموازين..تغير في شروط العمل
مع غياب شروط العمل النقابي والعمالي، وفي مقدمتها استقلالية الحركة النقابية في قرارها المعبر عن مصالح منتسبيها الطبقية، تراجع ذاك الدور المتكون تاريخياً، تباعاً، منذ عهد الوحدة السورية المصرية، حيث تغيرت وتبدلت الأدوات وأشكال النضال وطرقه، وتم تخسير الطبقة العاملة السورية ذاك الوزن الضاغط، في مراكز الإنتاج والشارع لصالح طرق وأشكال أخرى من العمل، جعلت من الطبقة العاملة السورية الحلقة الأضعف في علاقات الإنتاج السائدة التي تستباح فيها حقوقها ومصالحها، دون أن يكون لديها القدرة على المواجهة دفاعاً عن مصالحه.
وتعزز هذا الواقع مع تبني السياسات الاقتصادية الليبرالية، التي لها الدور الأساس في تعزيز الفقر عند العمال أكثر فأكثر، مترافقاً مع أشكال من العمل التنظيمي، بمعنى أنّ الطبقة العاملة قد فقدت الإمكانية، ولو لبعض حين، أن تنتج كوادرها الحقيقية القادرة على صياغة دور مستقل للحركة النقابية، في مواجهة السياسات الافقارية المعمول بها، ليس تجاه العمال فقط، بل تجاه أغلبية الشعب السوري المكتوي بنار تلك السياسات.
حراك متصاعد في ظل الأزمة...
إن الطبقة العاملة، التي ليس لديها ما تخسره سوى أغلالها كما قيل، أخذ يتصاعد حراكها على النطاق العالمي، مع وصول الليبرالية الاقتصادية إلى مرحلة الأزمة الخانقة، التي لا فكاك منها إلا بزوالها، وهذا الحرك المتصاعد للعمال في الشارع يعكس التحولات العميقة في موازين القوى، مما يعني انفتاح الأفق، أمام حركة الشعوب، ومنها الطبقة العاملة، لانتزاع حقوقها الأساسية في أن تكون سيدة نفسها، أي: أن تستعيد ثروتها المنهوبة وتطيح بعروش ناهبيها.
عاشت الطبقة العاملة.. عاش الأول من أيار رمز الوحدة الطبقية لعمال العالم.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 808