الصناعات الكيماوية تربح.. الصناعات النسيجية تخسر
نص قانون العاملين الأساسي في الدولة رقم 50 في المادة 98 منه على منح تعويض طبيعة العمل والاختصاص الفني حسب ما يلي :
أ - يمنح تعويض طبيعة العمل والاختصاص للعاملين لقاء: 1 – الطبيعة الخاصة للعمل، 2 – صعوبة الإقامة في منطقة العمل، 3 – المخاطر التي يتحملونها في العمل، 4- الإجهاد الجسمي والفكري، 5 – العمل الفني المتخصص.
وقد حدد المشرع في المادة نفسها مقدار هذا التعويض، حسب كل حالة من الحالات السابقة، وأحال إلى مجلس الوزراء تحديد أنواع ومقادير استفادة كل منها وشروط وقواعد حجبه.
القرار رقم 20
وقد أصدر مجلس الوزراء القرار رقم 20 لعام 2005 الذي جدد نسب تعويض العمل الفني المتخصص وفقاً للأجر بتاريخ أداء العمل كما يلي: (المهندسون... والمساعدون الفنيون وخريجو المدارس الصناعية وحاملو الشهادات الفنية والمهنية في وزارة الصناعة، والجهات التابعة لها المشمولون بأحكام المرسوم 2882 لعام 1969 وأمثالهم في مصافي النفط بنسبة 6،5 من الأجر.
بين الجهاز والوزارة ومجلس الوزراء ضاع حق العمال
وبناءً، على قرار مجلس الوزراء، أصدرت وزارة الصناعة قرارات بمنح العاملين لديها تعويض العمل الفني المتخصص، وفق النسب المحددة بالقرار، إلا أنها وبعد 4 سنوات عادت وعدلت عن قرارها، حيث أصدرت القرار رقم 2014 لعام 2009 القاضي بوقف منح التعويض المذكور لعمالها بحجة أنهم معينون بعد عام 1986 ولا يشملهم المرسوم 2882 لعام 1969 وبالتالي لا ينطبق عليهم قرار مجلس الوزراء رقم 20 وذلك استناداً إلى رأي الجهاز المركزي للرقابة المالية!، وقد تم رفع الأمر إلى رئاسة مجلس الوزراء في حينها لتفسير القرار 20 إلا أن لجنة القرار لم تصدر قرارها حتى الآن.
مع الإشارة إلى أن المادة 98 من القانون رقم 50 قد نصت صراحة على منح تعويض العمل الفني المتخصص، والقرار رقم 20 لم يأت على ذكر أية شروط أخرى، بل حددها بتاريخ بدء العمل ولم ينص على ذكر سنة التعيين،بالإضافة إلى أن رئيس مجلس الوزراء قد وافق عام 2005 على تشميل جميع العاملين بوزارة الصناعة بأحكام القانون رقم 2882 بناءً على طلب من وزارة الصناعة، ونتيجةً لذلك أصبح جميع عمال وزارة الصناعة والجهات التابعة لها ينطبق عليهم القرار رقم 20 لعام 2005 دون استثناء.
لجوء العمال إلى القضاء
بعد المماطلة لسنوات من قبل الحكومة لحل هذه المشكلة توجه العمال إلى القضاء للمطالبة بحقوقهم، وتقدم العمال في شركة النايلون والجوارب بدعوى أمام القضاء عام 2013 للمطالبة بإلغاء قرار وزارة الصناعة رقم 2014 وإعادة صرف التعويض لهم، وحكمت المحكمة الإدارية العليا لصالح العمال وألغت قرار وزارة الصناعة وحكمت بإعادة صرف التعويض للعمال من تاريخ توقفه عام 2009.
كما حكمت المحكمة الإدارية في 7/3/2016 لصالح العمال في شركة الصناعات الكيماوية، وحكمت بأحقيتهم بتعويض العمل الفني المتخصص وإلغاء قرار وزارة الصناعة.
المحكمة الإدارية وعمال النسيج
ولكن المستغرب هو خسارة عمال شركات النسيج للقضية التي رفعوها ضد وزارة الصناعة، لإلغاء القرار نفسه فقد أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكما في 9/3/2016 بناءً على طعن تقدمت به وزارة الصناعة ألغت بموجبه حكم المحكمة الإدارية لعام 2015 التي حكمت بأحقية عمال النسيج بتعويض الاختصاص وفقاً لأحكام القانون رقم 50 لعام 2004 وإعادة منحه لهم من تاريخ توقفه.
وقد جاء في أسباب قبول المحكمة الإدارية العليا للطعن المقدم من قبل وزارة الصناعة بإلغاء القرار الصادر عن المحكمة الإدارية باعتباره مخالفاً لأحكام القانون !! مع أن المحكمة أصدرت حكمها تأسيساً على أحكام القانون العاملين رقم 50 وقرار مجلس الوزراء رقم 20، وعلى أن المدعيين تتوافر فيهم شروط استحقاق التعويض المطالب به كما بينت في منطوق حكمها.
أما المحكمة الإدارية العليا: فقد استندت على قبول طعن الوزارة في أن القضية لم تستوفي إجراءاتها الشكلية من حيث الخصومة فقد اعتبرت أن الدعوى غير مقبولة لعدم تماثل الأوضاع الوظيفية للعاملين المدعين ومن حيث أنهم ليسوا عمالاً بمؤسسة واحدة !! ولكن هذا غير صحيح طالما أن النقابة هي التي رفعت القضية وهي تمثلهم جميعاً، وإن كانوا موجودين بعدة مؤسسات فدعوى عمال شركة الصناعات الكيماوية المرفوعة عن طريق رئيس النقابة أيضاً وهو ممثل للعمال بعدة شركات كشركة سار وتاميكو وشركة الدهانات وشركة الصناعات الزجاجية وهؤلاء ليسوا عمال بمؤسسة واحدة ومع ذلك كسبوا الدعوى المرفوعة من قبلهم.
أما عن باقي الأسباب فهي ليست كافية لقبول الطعن ايضا فحجة أن الجداول المقدمة التي تبين الحالة الوظيفية للعمال والمقدمة من قبل النقابة ليست صادرةً عن الجهة المدعى عليها،وأنه لم يأتِ ذكر ماهيّة المعهد الذي تخرج منه العمال إلخ، من الأسباب غير الجوهرية الذي لا تغير من موضوع القضية ولا تؤثر فيها وهي أسباب لا تتعلق بالنظام العام التي لا يجوز مخالفته قانوناً، فالقرار 20 نفسه، لم يشر إلى ضرورة ذكر ماهية المعاهد، أما من حيث أن القوائم مقدمة من قبل النقابة فالنقابة أيضاً معترف بها رسمياً، ولها جداول وقوائم بأسماء عمالها وهي جهة ملزمة بالدفاع عن مصالحهم وتمثيلهم وهذه وظيفتها أساساً.
كان من المفترض وحسب ما هو متوقع منطقياً أن تحكم المحكمة الإدارية العليا لصالح العمال، لا أن تلغي الحكم الذي ينصفهم وخصوصاً أنها أصدرت حكمً سابقاً يقضي بإلغاء قرار وزارة الصناعة وإعادة منح تعويض العمل الفني المتخصص للعمال وأصبح قطعيا وعنوانا للحقيقة والعدالة، فالأسباب التي تلتها المحكمة الإدارية لقبول الطعن ليست جدية ولا تجعل حكم المحكمة الإدارية جديراً بالإلغاء. كما أنها حرمت العمال من حقوقهم المشروعة، وقرارها صدر منحازاً للحكومة وسياساتها، فالرد الذي تقدمت به دائرة قضايا الدولة على دعوى العمال كان أوضح من قرار المحكمة وأسبابها فقد أوضح وبكل صراحة: بأنه: سبق التوجيه من قبل رئيس مجلس الوزراء عام 2013 بالتريث بإعادة فتح مثل هذه المواضيع، وذلك للعبء المالي الذي يشكله منح هذه التعويضات على الموازنة العامة، وعملاً بتعليمات ترشيد الإنفاق وضبط النفقات!! فالحكومة تسير بسياسة حرمان العمال من حقوقهم بحجة الظروف الحالية، وعليهم وحدهم تحمل تبعات الأزمة فقط، فهي لا ترى المليارات في جيوب قوى الفساد ولا تلاحق مستثمرين سحبوا قروضاً من خزائنها حتى أفلسوا مصارفها، بل ترى فقط تلك القروش في جيوب العمال لتسدد من خلالها فاتورة قوى الفساد.
من هنا كنا نعول على القضاء الإداري أن يقف مع العمال وحقوقهم ويوقف تجاوزات الحكومة بسياساتها للقوانين.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 808