في اجتماع مجلس الاتحاد العام لنقابات العمال: النقابات بين مطالب العمال وسياسات الحكومة
خرج المجلس العام لاتحاد نقابات العمال الذي عقد بحضور وزراء الحكومة بخفي حنين كما هو متوقع، فمعظم القضايا التي طرحت لم تكن جديدة رغم كثرتها، وتعاملت الحكومة معها وفقاً للمثل الشعبي الشهير: «أذن من طين وأذن من عجين» فهي تسمع ما يقال وليست مجبرة على الاستجابة له، وتبريراتها جاهزة على الدوام، ليس هذا فحسب فالوزراء في كل اجتماع يحضرونه يمارسون ضغطاً معنوياً على أعضاء المجلس، من خلال المحاضرات التي يلقونها كردود على ما يطرح أمامهم.
إن معظم ما طرح في المجلس من مداخلات كان موزوناً ومتفقاً مع آداب العلاقة التشاركية التي يجب على النقابات التعامل بها مع الحكومة، على الرغم من أن الحكومة لا تتعامل مع مطالب النقابات وفق هذه الآداب، التي تعتبرها النقابات نقطة حاسمة تحدد كل سياساتها ومواقفها وقراراتها، حتى وإن كانت تلك التشاركية سبباً في منع النقابات من أن تكون حازمة وحاسمة في قراراتها تجاه من يضعف الموقف الوطني بنهج الاقتصاد الليبرالي، وتجاه من يخلق بؤر التوتر الاجتماعية، من خلال تحرير الأسواق، ورفع الأسعار، وإضعاف الأجور، وتعزيز البطالة، وبهذا يضعف الوحدة الوطنية التي هي الأداة الأساس التي يمكن من خلالها مواجهة كل أشكال العدوان الداخلي والخارجي.
نحن نعتقد جازمين أن الطبقة العاملة لن توافق على ذلك، لأن خيارها منذ نشأتها وحتى الآن كان دائماً خياراً وطنياً، ولأن مصالحها الجذرية تقتضي بأن يكون الوطن قوياً اقتصادياً وسياسياً، وأن يلبي في الوقت ذاته المتطلبات المعيشية والحياتية لمواطنيه، وأن يكون هناك توزيع عادل للثروة يعكس مصالح الشعب السوري بعماله وفلاحيه وحرفييه.
لم يكن المجلس العام بكل مجرياته وبمعظم مداخلاته متناسباً تماماً مع ما يجري على الأرض من سياسات اقتصادية تفرط بما بناه شعبنا خلال عقود، وبما حققته الطبقة العاملة من مكاسب، فما هي الإجابات التي سيضعها المجلس العام أمام القواعد العمالية عن:
- القطاع العام الصناعي وشركاته التي هي قاب قوسين أو أدنى من الانهيار.
- أجور العمال في الشركات المتوقفة، والتي هي مهددة بالانقطاع مع مطلع عام 2009.
- أجور العمال في القطاع العام والخاص غير المتناسبة مع مستوى المعيشة وغلاء الأسعار.
- مكتسبات العمال التي منحتها قوانين العمل الخاص والعام، والتي يجري الهجوم عليها.
- أموال العمال في التأمينات الاجتماعية التي تجري مصادرتها والبالغة /140 مليار ل.س/ بغير وجه حق، ليعاد نهبها في أماكن أخرى!!
- الضمان الصحي لكل العمال الذي يُنتقص منه كل عام بحجة عدم توفر موارد كافية.
- اعتماد توجيهات ودراسات صندوق النقد الدولي في الهجوم على حقوق العمال ومكاسبهم.
- تسليم المرافئ لشركات أجنبية.
- طرح أراضي الشركات، والشركات عينها للاستثمار السياحي وغير السياحي.
- البطالة وتعاظم جيش العاطلين عن العمل.
- هجرة الفلاحين من أراضيهم بفعل رفع الدعم، وخسارة سورية لأهم المحاصيل الاستراتيجية بسبب سياسات الحكومة.
- إن استمرار الواقع على ما هو عليه يعني أن الحركة النقابية لن تستطيع تعزيز التفاف القواعد العمالية حولها بالسرعة التي تفرضها الأحداث، وأن الطبقة العاملة السورية وحركتها النقابية لن تبقى طويلاً تحمل صليبها على كتفها، وتدير خدها الأيمن لمن يصفعها على خدها الأيسر.
افتتح رئيس الاتحاد العام محمد شعبان عزوز اجتماع المجلس بمداخلة حول آخر التطورات السياسية على الصعيدين الدولي والإقليمي، ثم بدأ أعضاء المجلس بتقديم مداخلاتهم:
بلسم ناصر:(عضو مجلس الاتحاد العام -نقابات دمشق ):
دور الدولة المشرف والرقابي هو الضمان
أريد أن أؤكد على ضرورة عودة دور الدولة المشرف.. الرقابي.. الأبوي، سموه ما شئتم، فللدولة دور لم يستطع أي نظام مالي عالمي أن يستغني عنه، فالثابت والمؤكد أن الاقتصاد القوى المتوازن يقوم على الدور القوي للدولة في التخطيط والتنفيذ والرقابة والمحاسبة، ونحن كعمال نطالب أن يكون للدولة دور اجتماعي واقتصادي قوي، يعيد توزيع الثروة بشكل عادل، ويتحكم باتجاهات التطور الاقتصادي والتنمية. كفانا اقتداءً بتجارب الآخرين ونظرياتهم التي تثبت عجزها وفشلها، فعلينا النظر بمسؤولية وطنية أكثر إلى خصوصية اقتصادنا ومصالح شعبنا وثوابتنا، والانطلاق من كل ذلك لمعالجة مختلف القضايا التي تخص القطاعات الإنتاجية والخدمية والزراعية. إن الحكومة تسرب عبر وسائلها عن طرح 28 شركة من شركات القطاع العام للاستثمار، وهنا فإن على التنظيم النقابي أن يتحمل مسؤوليته تجاه الحكومة وتجاه العمال.
وتابعت النقابية بلسم بطرح مجموعة من القضايا العمالية أهمها:
حول تعميم تثبيت العمال المؤقتين الصادر عن رئيس مجلس الوزراء، فهذا التعميم لا يلبي مصالح العمال بل ينتقص من حقوقهم ومكتسباتهم، وطالبت بضرورة إعادة النظر بهذا التعميم دون انتقاص من حقوق العمال، وخاصةً أجورهم وتعويضاتهم التي يتقاضونها بوضعهم الراهن دون تثبيت.
الوجبة الوقائية تمنح للعاملين المتعرضين أثناء عملهم للسموم، بموجب موافقات من وزير الزراعة منذ 1999، وتشمل الطيارين الزراعيين، والعاملين في الصحة الحيوانية والإنتاج الحيواني، ولكنها أوقفت ولم تعد تمنح لمستحقيها.
ضرورة منح الحوافز الإنتاجية للعمال العاملين في القطاع الزراعي، خاصةً العاملين بالتشجير المثمر وتطوير المنطقة الجنوبية، حيث أوقفت الحوافز منذ بداية 2008.
وأخيراً قدمت النقابية بلسم ناصر اقتراحاً إلى قيادة الاتحاد، بضرورة استثمار أموال الاتحاد الفائضة بمشاريع حيوية تنعكس عائداتها على العمال، وأن يساهم الاتحاد في إقامة مشاريع استثمارية ذات جدوى اقتصادية، مثل إنشاء مصافي البترول أو المشاريع الزراعية.
مصطفى هزاع: (عضو مجلس الاتحاد العام -نقابات دير الزور)
تساؤلات مشروعة عن ممارسات غير مشروعة
قدم تساؤلات عدة عن الممارسات الحكومية في منطقة دير الزور، وانعكاساتها الاجتماعية والاقتصادية الخطيرة، حيث قال:
لماذا امتنعت مؤسسة إكثار البذار عن استلام الذرة الصفراء بعد أن سعَّرتها بـ /17 ل.س/، مما أدى إلى عزوف الفلاحين عن زراعة الحنطة والتوجه نحو زراعة الذرة الصفراء التي باعها الفلاحون مضطرين للقطاع الخاص بسعر /7 ـ 9 ل.س/. وأضاف: هل ستستلم الحكومة الحنطة من الفلاحين، أم ستمتنع عن ذلك بعد أن سعَّرت الكيلو بـ /17 ل.س/ وهبط سعره العالمي إلى /8 ل.س/ للكيلو غرام.
لماذا لا تعيد الحكومة النظر بأسعار المشتقات النفطية التي هبط سعرها عالمياً لأكثر من 30%؟
لماذا الحكومة أوقفت العمل بخطوط السكك الحديدة الواصلة بين دير الزور والبوكمال منذ أكثر من أربع سنوات، ولماذا أغلقت معمل الكونسروة في الميادين، وغيرها من منشآت القطاع العام التي من المفترض تطويرها وزيادتها في هذه المحافظة، التي ترتفع فيها نسب البطالة، مما أدى إلى تفشي الجريمة المنظمة، والمخدرات، والحركات الأصولية.
لماذا يحرم حملة الشهادة الفنية من تعويض الاختصاص الذي منحه القانون /50/ لهم؟
يوسف فرحة: (عضو مجلس الاتحاد العام- نقابات حمص)
الفقراء يزدادون فقراً والأغنياء يزدادون غنىً
من الواضح أن الحكومة العتيدة حسمت أمرها بشأن قضايا التوجه الاقتصادي، حيث تدير الظهر لقضايا التطور الاجتماعي في سورية، وتتغاضى عن المنعكسات السلبية لنهجها الاقتصادي على طبقتنا العاملة تحت شعار «اقتصاد السوق الاجتماعي»، وبالتالي فإن الأزمة تطال أوضاع العاملين كافة في القطاع العام ومؤسسات الدولة، وفي القطاع الخاص، وكذلك العمال الزراعيين والفلاحين الفقراء.
وتابع قائلاً: تمَّ مؤخراً تسليم 16 شركة للاستثمار السياحي بعد أن تقرر إيقافها عن العمل، ويتقاضى عمالها أجورهم من وزارة المالية التي أعلنت أنها لن تدفع أجور العمال إلى ما لا نهاية.
وبالنسبة لعمال القطاع الخاص فهم يعيشون معاناة حقيقية ويتم أبعادهم عن الانتساب إلى النقابات والاشتراك بالتأمينات الاجتماعية، ويجبرون على توقيع عقود إذعان وبأشكال مختلفة، وخاصةً في شركات النقل التي أُنشئت على أساس قانون الاستثمار، وفي القطاع الصحي (المشافي والعيادات الخاصة)، وكذلك في قطاع صناعة الألبسة.
وأضاف النقابي يوسف فرحة بأن التقرير الذي قدمه رئيس مجلس الوزراء في اجتماع قيادة الجبهة الأخير يشير إلى أن متوسط زيادات الأسعار في سورية خلال عام /2008/ بلغ 18% فقط، بينما التقرير الاقتصادي الذي قدمه الاتحاد العام إلى اجتماع المجلس يقول أن نسبة ارتفاع أسعار السكن بلغ 40% على الأقل، والإيجارات 50%، والمواد الاستهلاكية 40%، وترافق ذلك مع ارتفاع معدل البطالة والفقر إلى ما يزيد عن 12%.
وأكد في مداخلته أيضاً على مجموعة من القضايا العمالية الهامة منها:
التأكيد على دور مؤسسة التأمينات الاجتماعية وفقاً للقانون /92/ لعام 1959 في تأمين الضمان الصحي للعمال خلال سنتين، وتأمين البطالة خلال ثلاث سنوات.
التأكيد على تثبيت العاملين وفقاً للقانون الأساسي للعاملين في الدولة، ولاسيما المادتين 169 و164 اللتين نصتا على تسوية أوضاع العمال المؤقتين، واعتبارهم مثبتين بشواغر مضافة حكماً.
التأكيد على ضرورة تطبيق الضمان الصحي على العاملين كافة.
وأخيراً أكد على دور الحركة النقابية والعمالية السورية في التصدي لهذه السياسات، وتفعيل النقابية المطلبية، وتطوير التشريعات التي تحمي النقابات ودورها في هذا المجال.
نزار العلي:(عضو مجلس الاتحاد العام- نقابات حمص)
النقابية المطلبية طريقنا للحفاظ على حقوق العمال
إن التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها سورية خلال الفترة السابقة لها أهمية كبرى، لأنها تمثل نموذجاً لضرر الانتقال إلى اقتصاد السوق بشكل سريع، فقد جرى نقل الاقتصاد السوري من اقتصاد مركزي رأسماله بيد الدولة، إلى اقتصاد حر رأسماله بيد طبقة برجوازية قوية، سائدة ومالكة، وذلك يجري وفقاً للوصفات الليبرالية.
وتابع قائلاً: لقد أصبح معروفاً أن القطاع العام يساهم بنسبة أكثر من 80% من إجمالي الرسوم والضرائب المحققة من ناتج إجمالي محلي نسبته 40%، بينما القطاع الخاص يساهم بنسبة أقل من 15% من الضرائب والرسوم، وهذا يدل على التهرب الضريبي الكبير في القطاع الخاص، الذي تجاوز قدره /200 مليار ل.س/.
وحول أسعار المشتقات النفطية، وتصريح وزير المالية حولها قال: هل سنشهد إعادة للدعم السابق وفقاً لتصريح وزير المالية؟ أم تخفيض أسعار المحروقات بما يتناسب مع دخل المواطن؟ وأكد الوزير أيضاً أن الديون الخارجية على سورية تبلغ 13% من الناتج المحلي للبلاد، والسؤال من أين هذه الديون؟ طالما أن الحكومة في تصريحاتها السابقة تنفي وجود ديون خارجية؟
وبالنسبة لتصريح وزير الصناعة أمام المجلس العام في دورته ما قبل الماضية، حول بيع بعض الأراضي التابعة للقطاع العام الصناعي، والاستفادة من ثمنها في بناء معامل جديدة، وذكر منها أراضي معمل الشاشات في حلب، ومعمل أسمنت عدرا، وشركات أخرى، لأنه إذا لم تستفد الوزارة من ثمن هذه الأراضي فستأتي جهات أخرى لتستفيد منها.
إن هذا التصريح هو جزء من نهج سياسة الحكومة التي تريد أن تطرح أي معمل للبيع تحت حجة أنه خاسر. ومن الواضح أن وراء الأكمة ما وراءها، فالقطاع العام يعاني اليوم من محاولة خصخصته بعد أن أنهكه النهابون، وأن كل ما يقال حول إصلاحه ما هو إلا ذر للرماد في العيون.
وأخيراً والقول موجه للاتحاد العام والمكتب التنفيذي:
ما هي النتائج التي تم تحقيقها في الاجتماع الأخير مع الحكومة؟ من حقنا أن نتحفظ بشكل كبير على رفاقنا النقابيين الذي حضروا اجتماعات فروع الجبهة، ولم يتكلموا عن واقع العمل والعمال، وعن السياسات الاقتصادية والواقع المعيشي للمواطن، وأقول هنا: إن رفع المذكرات والعرائض لا يكفي للتعبير عن آلام الطبقة العاملة وهمومها ومشاكلها، ولابد من إجراءات أكثر تعبيراً عن غضب الطبقة العاملة، علينا الآن أن نرفع الشعارات النقابية المطلبية، لأنها طريقنا الحقيقي للحفاظ على حقوقنا كطبقة عاملة.
جميلة دبانة:(عضو مجلس الاتحاد العام- نقابات اللاذقية)
نطالب بلجنة وطنية للحفاظ على حقوق العمال
نطالب بإصدار قانون مماثل للمرسوم /8/ عام 2001 لتثبيت جميع العمال المؤقتين. فقد تميز عام 2008 بارتفاع أسعار المحروقات، واجتياح الغلاء للبلاد، وتعميم الفوضى السعرية في الأسواق، وتراجع القدرة الشرائية للمواطن، وكل ذلك ترافق مع تراجع دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي.
وبعد اهتزاز المراكز الرأسمالية العالمية، وانهيار البورصات والبنوك الكبرى وظهور عمليات التأميم في المراكز الليبرالية، واعتراف حكومتنا بإفلاس هذا النهج، ما الداعي لافتتاح سوق الأسهم لدينا؟ نحن نتمسك ونطالب بقطاعنا العام، ولا نرغب بتحويله إلى شركات مساهمة.
وقالت أخيراً: نطالب بتشكيل لجنة وطنية من الاتحاد العام والحكومة وأرباب العمل، مهمتها المحافظة على الحقوق المكتسبة لعمالنا سواءً في القطاع الخاص أو العام.
محمد مضر طرابيشي: (عضو مجلس الاتحاد العام- نقابات حلب)
نطالب الحكومة بإعادة النظر بأسعار المحروقات
إن هجوم البنك الدولي على حقوق ومكاسب العمال في التأمينات الاجتماعية هجوم خاطئ، فبدلاً من أن تحقق الطبقة العاملة المكاسب بفضل أموالها الموجودة في التأمينات، والتي إذا استثمرت بشكل صحيح ستصبح الطبقة العاملة بألف خير، نرى الحكومة للأسف تهلل لتوجيهات صندوق النقد الدولي، وتضرب عرض الحائط بالقانون /78/ الذي يمنح العامل بعد ثلاثين عاماً من العمل أجراً تقاعدياً يبلغ 75% من الراتب!!
وتابع قائلاً: نطالب الحكومة بإعادة النظر في أسعار المحروقات، وخاصةً مادة المازوت، وذلك بعد انخفاض أسعارها عالمياً.
جمال القادري:(عضو مجلس الاتحاد العام- نقابات دمشق)
ليس هناك بديل للقطاع العام
إن شروط تحقيق التعميم الصادر عن رئيس مجلس الوزراء حول تثبيت العاملين محققة في كل موقع، وخاصةً شرط توفر الشاغر والاعتماد، لأن العمال يقبضون أجورهم بطبيعة الحال. وأضاف: إن التعميم لم يعط النتائج المرجوة منه، ونتمنى إعادة النظر به، من خلال شروط أكثر وضوحاً، أو إصدار مرسوم شبيه بالمرسوم رقم /8/.
وبالنسبة للتأمينات الاجتماعية قال: لقد سمعنا أن هناك بعثة لصندوق النقد الدولي اقترحت تخفيض نسبة الاشتراك التأميني للعامل من 21% إلى 14%، والأسباب أن المؤسسة بخطر!! مع العلم أن ما يقتطع في سورية من اشتراكات هو الأقل عالمياً!!
وأضاف: سمعنا أيضاً أن تعديل قانون العمل /91/ لعام 1959 قد رفع إلى رئاسة مجلس الوزراء مرفقاً بملاحظات العمال وأرباب العمل، وتوجد في هذا القانون إيجابيات كثيرة، ولكن هناك نقطتين خلافيتين مع الوزيرة وهما: مكاتب استخدام العمالة الأجنبية ومكاتب التشغيل، وأيضاً المرسوم /49/ الخاص بلجان قضايا تسريح العمال. لقد اعترضنا على مكاتب استخدام العمالة لأنها لا تحقق الصلة بين رب العمل والعامل، حيث تكون الصلة بين رب العمل ومكتب الاستخدام، وهذا مخالف للعملية الإنتاجية. أما بالنسبة للمرسوم /49/، فمن أهم ما فيه إنشاء لجان قضايا لتسريح العمال، وإذا كان لديكم اعتراض على الاسم فلنغيره إلى: «لجان قضايا حل الخلاف»!!
وأيضاً ورد في مشروع موازنة الحكومة أنها ستؤمن 59 ألف فرصة عمل، والسؤال: كيف سيحدث هذا والحكومة متوقفة تماماً عن الاستثمار في القطاع العام؟ في حين أن القطاع الخاص يعاني من الكثير من المشاكل في ظل الأزمة المالية العالمية الحالية.
وتابع: مازلنا كطبقة عاملة نقول: ليس هناك من بديل جاهز يحل محل القطاع العام، حيث أن القطاع الخاص لا يستطيع أن يحل قضية البطالة.
لقد صدر المرسوم /54/ وبدئ بتنفيذه منذ بداية عام 2008، ولكن بعد أن تحولت المعامل وخطوطها الإنتاجية إلى خردة، ولحل هذا الإشكال فإننا نقترح أن تكون وزارة الصناعة وحدة مالية مستقلة، لتحل مشاكل القطاع العام الإنتاجية والأجرية.
وبالنسبة للمصارف الخاصة، فهذه المصارف لم تساهم في تمويل التنمية في سورية، بل مولت شراء السيارات وشراء المنازل، وحولت الاقتصاد إلى اقتصاد ريعي تجاري، فأصبحنا مثل دول الخليج حيث كل شيء مرهون للمصارف.
عمر الحلو:(رئيس الاتحاد المهني لعمال الغزل والنسيج)
صناعة النسيج تحتضر
إن الحريق الذي حصل في معمل غزول اللاذقية قد أتى على المعمل بكامله، وهذه خسارة فادحة وكبيرة. وقال: إن وزارة المالية تقوم بتحصيل فوائض الأموال من الشركات النسيجية دون الأخذ بعين الاعتبار حاجة هذه الشركات لاستبدال آلاتها وخطوطها الإنتاجية، ووزارة المالية اتبعت سياسة جديدة وهي اقتطاع الفوائض منذ بداية العام، على أساس الخطة الموضوعة، دون الانتظار لنهاية العام، ويتم الاقتطاع عن طريق التحويلات الواردة إلى وزارة المالية من الشركات الأخرى، وبالتالي يتم إرباك شركات الغزل والنسيج بهذا الإجراء. إن الشركات التابعة للمؤسسة النسيجية تدفع فوائض سنوية تقدر بـ /2 مليار ل.س/ لوزارة المالية.
وبالنسبة لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم /7998/ الذي سمح ببيع الغزول داخلياً للصناعيين، فقد قامت المؤسسة النسيجية برفع مذكرة بينت فيها: إذا صدر هذا القرار سوف تخسر المؤسسة 2 مليار ل.س، ورغم ذلك فقد تمَّ تطبيقه.
كان المخزون قبل صدور قرار رئيس مجلس الوزراء وعند أول المدة يبلغ حوالي 375 مليون ل.س، وبعد صدور قرار البيع بالسعر العالمي، وحتى نهاية الشهر الحادي عشر، ازداد المخزون بمقدار مليار ونصف عن مخزون أول المدة، حيث انعكس ذلك سلباً على بيع الغزول داخلياً وخارجياً.
و حذر رئيس الاتحاد المهني بأن الوضع إذا بقي على حاله، واستمرت الحكومة بعدم دعم صناعة النسيج، فإن هذه الصناعة سوف تموت مستقبلاً، بعد أن وصلت الآن إلى مرحلة الاحتضار.
وأخيراً تقدم بمجموعة من الاقتراحات:
استبدال وتجديد الخطوط الإنتاجية.
تحسين الرواتب والأجور.
الاهتمام بالجانب الصحي للعمال.
تعيين عمال شباب في صناعة الغزل والنسيج.
خالد الخضر: (رئيس الاتحاد المهني لعمال البناء والأخشاب)
الحكومة تزيد من معاناة الشركات الإنشائية!!
إن شركاتنا الإنشائية لا زالت تعاني من:
قلة جبهات العمل، وعدم تأمين عقود بالتراضي، وخاصةً في فرع الشركة العامة للمشاريع المائية بالحسكة.
تأخير صرف الكشوف المستحقة في وقتها.
عدم إصدار الأنظمة التي نصَّ عليها المرسوم التشريعي رقم 84 لعام 2005.
عدم دفع ديون النقابات، وهذه الديون حسب قانون التنظيم النقابي أمانات لدى الإدارة، فمثلاَ نقابة عمال الاستصلاح بالحسكة وصلت ديونها إلى ما يزيد عن 21 مليون ليرة سورية.
دراسة أوضاع الشركات الإنشائية يتطلب الدراسة الجدية لكل شركة على حده، لمعالجة هذه الأوضاع.
منح عطلة يوم السبت للشركات الإنشائية أو دفع البدل عنها.
ونؤكد على وزير الصناعة بضرورة منح المكافآت التشجيعية لعمال الشركات الرابحة في مجال المؤسسة العامة للأسمنت.
وكذلك نؤكد على منح بدل الإجازات السنوية الإدارية، على الأقل للشركات الرابحة والمحققة لخطتها.
نزار ديب: (عضو مجلس الاتحاد العام -نقابات حمص)
الحكومة لا تمثلنا كعمال
إن المواطن السوري وصل إلى حالة اليأس من تصريحات الحكومة، وعدم مصداقيتها، خاصةً فيما يتعلق بتطوير القطاع العام الذي يتحمل مسؤولية الرعاية الاجتماعية للمواطنين، وتصريح السيد وزير المالية الذي يقول «إن القطاع العام هو قطاعنا، ولا يدعي أحد حرصاً أكبر عليه، فهذا القطاع ملك الشعب أولاً وأخيراً» لم يقنع أحداً.
وإن مستقبل القطاع العام، ومن ضمنه القطاع العام الصناعي، وعدم خصخصته، مضمون بقرارات سياسية كان آخرها المؤتمر القطري، وإذا كانت الخطة الخمسية قد رصدت منذ عام 2005 مبلغ /21/ مليار ليرة سورية لإصلاح القطاع العام خلال سنوات الخطة، نلاحظ أن هذا المبلغ يدور من عام إلى عام، والمشاريع التي تنفذ يجري إنشاؤها بقروض إيرانية وصينية، وهذا المبلغ المرصود لا يكفي للنهوض بالصناعة والقطاع العام، بعد أن تم إيصال أكثر من /90/ شركة إلى الخسارة، وأغلق الكثير منها، حيث أغلقت أخيراً /14/ شركة، و/4/ شركات أخرى قيد الإغلاق.
كان الأجدى بالحكومة ووزارة المالية أن ترد المبالغ التي سحبتها من القطاع العام عبر الفترة الزمنية الماضية، وتخصصها لإصلاحه.
فلماذا تلجأ الحكومة إلى المواربة لتخفيف حدة الانتقاد لسياستها، التي يتلخص جوهرها بتغير نمط العلاقات الاجتماعية والبنى الاقتصادية وتوازنات القوى، وهذا ما أكده النائب الاقتصادي عبد الله الدردري لإحدى الصحف المحلية، حيث قال أن التحول إلى اقتصاد السوق يسير بشكل جدي لجهة التشريعات التي تخدم هذا التوجه.
فهل الذين يريدون للقطاع العام أن يتطور ويعود ليأخذ دوره في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية يعرقلون مسيرة الاستثمار؟ نحن لسنا ضد الاستثمار، وإنما مع الاستثمار الذي يحقق نتيجة فعلية، تنعكس إيجابياً على الطبقة العاملة، حيث تؤكد الدراسات الاقتصادية كافة بأن قاطرة النمو هي الصناعة والزراعة اللتان يجري الآن توجيه ضربات موجعة لهما، من خلال السياسة الاقتصادية المتبعة لتحقيق النمو في القطاعات الهامشية، على حساب القطاع المنتج.
وهل تجربة تأجير الرصيف رقم /7/ من مرفأ طرطوس لشركة أجنبية حققت الغاية التي ترجوها الحكومة منها؟ هل استقدمت الشركة المستثمرة وكالات بحرية جديدة، وقدمت خدمات للسفن للتحميل والتنزيل حسبما تعهدت به؟ الجميع يعرف أنها بقيت على حالها من حيث عدد الحاويات التي كانت تقدمها شركات التوكيلات الملاحية العامة.
من حقنا هنا أن نطرح السؤال التالي: لماذا لا تتم محاسبة الشركة الجديدة، وما هي الشروط الجزائية بحق هذه الشركة، فيما السفن بعرض البحر تنتظر التفريغ؟
واليوم تحقق الانجاز الثاني للحكومة بخصخصة محطة حاويات مرفأ اللاذقية، ولكن تحت أسماء مواربة، فهل تستطيع الحكومة تقديم إجابة عن مصير العائلات التي ستتشرد نتيجة تسريح عدد كبير من العمال حسب بنود العقد، نتيجةً لاستخدام عمال أجانب لا نعلم أصلهم أو فصلهم؟!
إلى متى ستظل حكومتنا رهن إشارة صندوق النقد الدولي وإملاءاته التي لا تخدم إلا فئة مالية قليلة، وتجرُّ البلد إلى كوارث اقتصادية واجتماعية؟
إن الحكومة التي تدعو ليل نهار للانخراط بركب الرأسمالية وقوانين سوقها، ومنها قانون العرض والطلب الذي يفعل فعله في كل دول العالم واقتصادياتها إلا في بلدنا، نراها تتأثر فقط برفع أسعار جميع المواد الغذائية والنفطية، ضاغطة على المستوى المعيشي للمواطنين، دافعة بهم إلى خط الفقر، ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية الرأسمالية العالمية التي انفجرت مؤخراً، نلحظ انخفاضاً ملحوظاً في أسعار السلع والمواد والخامات العالمية إلا عندنا.
فما السر بالموضوع؟ وهل تقدم الحكومة تفسيراً لهذا؟ أعتقد أن التفسير الوحيد هو حماية للمحتكرين الذين يتخذون من الاندماج بالرأسمال العالمي ذريعة لتحقيق أرباح طائلة لهم، ويتعامون عنه عندما ترتئي مصالحهم غير ذلك، وإلا ما سبب بقاء الأسعار على حالها؟
أهذا هو الجانب الاجتماعي في اقتصاد حكومتنا؟ المشكلة ليست بالفريق الاقتصادي وحده، وإنما هي في نهج حكومة لا تمثل مصالح الطبقة العاملة، وإنما تمثل مصالح الطبقة الرأسمالية فقط.
إن عمالنا ينتقلون من خيبة أمل إلى أخرى بسبب سياسة الحكومة تجاه حقوقهم ومكاسبهم، فهل تمثل هذه الحكومة العمال؟ في الواقع هي لا تمثلنا ولا تمثل الطبقة العاملة، فمن حقنا أن نطالب بحكومة تنتهج نهجاً اقتصادياً واجتماعياً يمثل غالبية فئات الشعب، ومنحازة للغالبية الفقيرة.
حسن السفان: (عضو مجلس الاتحاد العام- نقابات الرقة)
نحن لسنا بمنأى عن تبعات الأزمة المالية
بين السفان انعكاسات الأزمة المالية العالمية على الصعيد العربي، منوهاً إلى أننا في سورية لسنا بمنأى عن تبعات الأزمة المالية الاقتصادية الراهنة، وأن الاتحاد العام لنقابات العمال يؤكد دوماً على دور الدولة الرعائي، وضرورة تواجدها في القطاعات الاقتصادية المختلفة عبر القطاع العام، الذي يجب إصلاح مؤسساته من خلال أنظمة إدارية متطورة، تقوم على المحاسبة والمساءلة ومكافحة الهدر.
وأكد أن النهوض بالعملية الزراعية لا يكون بزيادة الأسعار عند الضرورة فحسب، بل هو سلة متكاملة تبدأ من تأمين مستلزمات الإنتاج بالكميات والأصناف المطلوبة، وعدم زيادة أسعار مادة المازوت، والاستمرار في استصلاح الأراضي، ودراسة ديون الفلاحين الناجمة عن الظروف المناخية وتقسيطها، والأهم هو إيجاد ثقة حقيقية قابلة للاستمرار بأن الزراعة ضمن اهتمامات الحكومة ومؤسساتها المختصة بالعمل الزراعي.
إن انعكاس رفع أسعار مادة المازوت كما يعرف الجميع كان صعباً على العملية الزراعية والعاملين بها، على صعيد حياتهم الاقتصادية والاجتماعية، فالآلاف من المزارعين والعمال الزراعيين في المحافظات الشرقية هجروا أراضيهم التي تروى بالمحركات، و بالآبار الارتوازية، وقد خلت العديد من القرى من ساكنيها وأصبحت مرتعاً للصوص والمجرمين، في ظواهر اجتماعية لم يعتدها الناس.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 385