المؤتمرات النقابية العقوبات وحسوماتها على الراتب الحالي.. والتعويضات على أساس أجور ورواتب القرن الماضي..
القطاع الخاص.. التوقيع على بياض على استقالات مسبقة وبراءات ذمة وعدم توثيق العقود والتهرب من تسجيل العمال
نشتري حواسيب لا تعمل وفق أنظمتنا؟!
إن المتتبع لمجمل أعمال المؤتمرات النقابية السنوية التي انتهت أواخر الشهر الماضي يلحظ العديد من القضايا الهامة التي أتت عليها التقارير النقابية السنوية المقدمة لهذه المؤتمرات والمداخلات المطروحة فيها.
فمن الملاحظ أن العديد من المطالب القديمة التي كانت ترد في التقارير والمداخلات خلال الأعوام الماضية قد غابت هذا العام، وذلك نتيجة المراسيم والقوانين الصادرة، لاسيما المتعلق منها بموضوع تثبيت العمال المؤقتين والوكلاء وتعديل قانون التأمينات الاجتماعية وغيرها، إلا أن جملة قضايا مطلبية قديمة جديدة حافظت على مواقعها في جسم التقارير والمداخلات، نذكر منها ضرورة تعديل القانون الأساسي للعاملين في الدولة، وذهب بعضهم إلى ضرورة نسف هذا القانون كاملاً. ثم رفع الأجور وتحسينها بحيث تتناسب ومستلزمات الحياة المعاشية وارتفاع الأسعار. كما طالبت المداخلات بأن تكون التعويضات على أساس الرواتب الحالية إذ من غير المعقول أن تكون العقوبات وحسوماتها على الراتب الحالي والتعويضات على أساس أجور ورواتب القرن الماضي. وكانت مسألة الوجبة الغذائية في صدراة العديد من المداخلات، ثم مطالب بشأن لباس العمل والهندام وبيئة العمل وتعديل جدول الأمراض المهنية. ومطالب جديدة تحدثت عن ضرورة التوسع في بناء المساكن العمالية بعدرا، وغيرها وضرورة العمل على تمليك هذه المساكن للمستفيدين منها والعمل على الحد من التلوث الكبير في هذه المدينة النموذجية، والتوسط لزيادة عدد باصات النقل الداخلي العاملة على خطوطها والسعي الجاد لمنع نقل الدباغات إلى معمل سكر عدرا حفاظاً على البيئة من جهة وعلى سكانها من جهة ثانية. أما المداخلات الأكثر سخونة فجاءت من ممثلي العمال في القطاع الخاص حيث تحدثت مداخلاتهم عن قضايا عديدة بينت الأساليب الملتوية لبعض أصحاب العمل لاسيما في موضوع التوقيع على بياض لاستقالات مسبقة وبراءات ذمة وعدم توثيق العقود والتهرب من تسجيل العمال لدى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية أو تسجيلهم بأجور أقل من أجورهم الفعلية يضاف إلى ذلك ما يمارسه أصحاب العمل على عمالهم من ضغوطات أو نقل لإجبارهم على الاستقالة وترك العمل وأحياناً قد تصل إلى الاتهامات بالسرقة لاسيما في قطاع السياحة، ومداخلة من قطاع الصناعات الخفيفة أشارت صراحة إلى تواطؤ بعض العاملين في مديرية العمل مع صاحب العمل لإغلاق معمل وتسريح عماله وكانت هناك مداخلة ثم فقرة كاملة أخذت مكانها في تقرير نقابة عمال السياحة تتعلق بإغلاق استراحة الوادي وتشريد عمالها. كما اشتكت العديد من المداخلات من مؤسسة التأمينات الاجتماعية التي تقوم باحتساب تعويض الدفعة الواحدة على أساس متوسط أجر السنوات الخمسة الأخيرة بدلاً من سنتين، إضافة إلى عدم دفع المؤسسة تعويضات العمال عن عمل آخر قاموا بسداد التزاماتهم مع أصحاب عملهم للمؤسسة بحجة منع الإزدواج التأميني علماً بأن الأموال المدفوعة هي بمثابة وديعة مستحقة الدفع. ولعل الغريب في الأمر أن يكون عذر المؤسسة في ذلك أن الحاسوب الذي تعمل عليه المؤسسة واشترته لهذا الغرض يعمل وفق النظام المصري وهو أي الحاسوب لايقبل إدخال اشتراكين لعامل واحد.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ترى على أي أساس نشتري حواسيب لا تعمل وفق أنظمتنا؟!! ولماذا لا نقوم بتعديل نظامها حتى وإن كان هذا التعديل يحتاج لأموال كثيرة؟ فالمشكلة ليست مشكلة العامل المشترك، بل هي مشكلة الجهة التي استقدمت حاسوباً لا يصلح للعمل وفق أنظمتنا الخاصة!! ثم سؤال آخر يقول: مادامت المؤسسة لا تريد أن تدفع تعويض الدفعة الواحدة لعمل ثان فلماذا تقوم بإلزام العمال وأصحاب العمل على الاشتراك عنهم؟! ترى ألا يساعد مثل هذا الإجراء على تهرب العمال من الاشتراك في التأمينات ويفوت على المؤسسة مبالغ طائلة؟! ألا يصب ذلك في صالح أصحاب العمل الذين سيجدون مبررات أمام عمالهم لاقناعهم بعدم الاشتراك في المؤسسة ويقومون باستخدام عمال مسجلين في الدولة فيفوتون الكثير من فرص العمل على الكثير من الشباب؟!
أسئلة كثيرة باتت بحاجة ملحة للإجابة عنها بشكل علمي وموضوعي وقد اقترحت المداخلات والتقارير بشأنها العديد من المقترحات التي تساعد على إيجاد الحلول الجذرية لها، ويأتي في مقدمتها ضرورة العمل بعقد العمل الفردي النموذجي وتوثيقه في مكتب االنقابة ومديرية العمل وإصدار النظام الداخلي النموذجي للقطاع الخاص، واقتراحات عديدة أخرى يمكن العودة بشأنها إلى جملة التقارير التي قدمتها النقابات لمؤتمراتها,
بقي أن نقول أخيراً أن الكثير من هذه القضايا تم طرحها أمام وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل التي تابعت أعمال مؤتمر نقابة عمال الدولة والبلديات حتى نهايته، وهي لم تخف استغرابها واندهاشها مما سمعته عن ممارسات أصحاب العمل ومعاناة عمال القطاع الخاص، حيث لخص رئيس اتحاد عمال دمشق هموم ومشاكل عمال القطاع الخاص وبين الحلول لها. وقد وعدت السيدة الوزير بالعمل على إيجاد الحلول اللازمة لجملة هذه القضايا بالتعاون مع النقابات..
* نبيل عيسى
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 170