نحن لا نكذب.. بل نتجمل!

إن بعض المدراء العامين وأنت تقرأ تصريحاتهم الصحفية أو المقابلات التي يجريها معهم بعض الصحفيين يتغير مواقفهم وانقلابها وتتمنى لو أنك لم تقرأ هذه التصريحات أو أنك لا تعرف هؤلاء المدراء.

وبالإشارة إلى المقابلة الصحفية الواردة في عدد صحيفة الثورة رقم 12252 تاريخ 7/11/2003 مع المدير العام للشركة العامة للدراسات والاستشارات الفنية بعنوان: علاقة الوحدات الهندسية والمكاتب الفنية في الوزارات أضعفت العمل الهندسي فإن ماورد في مقدمة المقابلة من أن: «سوق الأعمال الاستشارية السورية أثر على الوجه الحضاري والعمراني والمدني للبلد..» فيجب الاعتراف بأن بعض أسباب هذا التأثير السلبية هي تحول العمل الاستشاري والهندسي إلى أسلوب تجاري وفق قوانين السمسرة والعمولات والربح السريع وليس وفق قوانين العلم والعمران والغريب أن صاحب السؤال والمجيب اتفقا على تعبير سوق الأعمال الاستشارية!!؟ وفي حديث المدير العام حول البلاغ الوزاري رقم 22/ب تاريخ 17/9/2000 فإن البلاغ المذكور الذي حدد توزيع الأعمال الهندسية منع الجمع بين التدقيق والإشراف عدا شركة الدراسات والاستشارات الفنية وربط ذلك بموافقة الجهات صاحبة المشروع.

وفي موضوع دخول السمسرة يجب القول (وهذا ما يعرفه أغلب العاملين في الشركة من مدراء وموظفين) أن الشركة العامة للدراسات والاستشارات الفنية وبعد تسلم مديرها العام الحالي الإدارة العامة كانت السباقة إلى ممارسة دور السمسرة عبر إعطاء الوحدات الهندسية في الجامعات السورية بعض المشاريع المكلفة هي بدراستها وبعقود مقاولة بعروض أسعار وهمية وبأرقام مالية كبيرة /عقود غير نظامية/ ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

■ عقد مقاولة لإجراء التجارب المخبرية لمياه الصرف الصحي لبعض محطات المعالجة لتجمعات قرى في محافظات (حمص ـ حماة ـ إدلب) مع وحدة دراسات الهندسة البيئية و الصحية بجامعة البعث علماً أن هناك عرضاً من وحدة الهندسة الكيميائية للتحاليل والدراسات أقل مالياً من العرض الذي تم توقيع العقد على أساسه ولكن يبدو أن المدير العام فقط القادر على تقييم أداء الوحدات الهندسية وبالتالي تحديد الجيد منها والتعاقد معه وغير الجيد يستبعده، ولكن السؤال: وفق أي أسس وأي قوانين؟ خاصة إذا علمنا بأن المدير العام لشركة الدراسات أصدر تعليمات إدارية بالقرار رقم 841/ش د يحصر بيده قبول الأعمال المعروضة على الشركة أو الاعتذار عنها دون العودة إلى اللجنة الإدارية أو أي هيئة هندسية فنية في الشركة ويقود عمل الشركة بمركزية شديدة.

■ العقد رقم 25/ع م تاريخ 16/4/2002 لتقديم دراسة أولية لمشروع كلية الهندسة البترولية والكيميائية بجامعة البعث مع وحدة الدراسات الشرقية في كلية الهندسة المعمارية علماً أن جامعة البعث متعاقدة مع الشركة لإنجاز هذه الدراسة. رغم أن مكتب دراسات جامعة البعث في مركز الشركة بدمشق قد قام بدراسة كافة المباني المشادة في جامعة البعث.

■ العقد رقم 5/ع تاريخ 5/8/2002 لدراسة تربة موقع قرية زيزون الجديدة مع وحدة دراسات ميكانيك التربة والمنشآت الهندسية بجامعة دمشق رغم توفر مخبر مركزي لدى الشركة بدمشق قادر على إنجاز العمل وبكلفة بسيطة جداً مقارنة بالقيمة النهائية للعقد.

■ عقد لتقديم دراسة أولية لمشفى جامعة البعث.

■ إضافة إلى تزايد عقود الخبرة الجزئية مع بعض أعضاء الوحدات الهندسية حيث وصلت إلى أكثر من ستين عقداً تبلغ قيمتها المالية حوالي الستة ملايين ليرة سورية سنوياً وهي تفوق الكتلة المالية للمكافآت السنوية للعاملين في الشركة والبالغة نسبة 5% من كتلة الرواتب والأجور.

هذه الحقائق تتعارض مع ما ورد على لسان المدير العام لشركة الدراسات والاستشارات الفنية تحت بند: والأجور أيضاً حيث يتوفر في الشركة الكادر الهندسي والفني القادر على إنجاز هذه الأعمال عبر إيجاد الوسائل الناجعة في تحفيز هؤلاء العاملين وتأمين مستلزمات العمل ووسائله بين أيديهم.

وحول ماورد بأن: «هناك الكثير من المشاريع التي أخذتها جهات معينة لا تتمتع بأي اختصاص فنرى مختص ميكانيك يدرس مشروعاً مدنياً وآخر عمارة يدرس مشروع ميكانيك». فإن هذه الميزة يعود الفضل فيها إلى المدير العام الحالي لشركة الدراسات والاستشارات الفنية حيث أصبح من الطبيعي تكليف دكتور مهندس عضو هيئة تدريسية مديراً لمشروع جامعة البعث /دراسات وإشراف/ وهو من خارج ملاك الشركة وخاضع لقانون التفرغ الجامعي وملتزم بعقد خبرة جزئي مع شركة الدراسات المائية ويعطي ساعات تدريس إضافية في المعهد المتوسط الهندسي بحمص وكذلك تكليف مهندس اختصاص ميكانيك كرئيس للجنة تعديلات معمارية لأحد المشاريع في جامعة البعث، وتكليف مهندس اختصاص كهرباء مديراً للإشراف المركزي علماً أن أعمال الكهرباء لا تتجاوز نسبة 8% من أعمال المشاريع، كذلك تكليف مهندس بإدارة ستة مشاريع إشراف في جامعة البعث. فهل هذا لمصلحة الهندسة الحقيقية حيث ورد على لسان المدير العام بأن: «العمل الذي يتطلب أربعة مهندسين يجب أن ينفذه أربعة مهندسين والمشكلة ليست في الزيادة بل في سوء التوزيع»!!؟

 

إن ماورد في المقابلة الصحفية مع المدير العام لشركة الدراسات والاستشارات الفنية من اتهام المكاتب الفنية في الوزارات لا ينبع من رغبة في إيجاد حل سليم لتطوير واقع العمل الاستشاري أو الهندسي بقدر ما ينطلق من مبدأ الرغبة في المنافسة للسيطرة على السمسرة والعمولات، وإذا افترضنا أن المكاتب الفنية في الوزارات تقوم بالسمسرة؟؟ فكيف يمكن توجيه الاتهام لها من جهة تمارس نفس مبدأ السمسرة؟! ثم ألا يعتبر ذلك تهجماً على الجهات الوصائية التي تشرف على عمل هذه المكاتب؟ وفي أسوأ الأحوال يمكن التوقع بأن المكاتب الفنية في الوزارات تقوم بتكليف الوحدات الهندسية مباشرة عن طريقها دون الحاجة إلى شركة الدراسات والاستشارات الفنية كوسيط آخر من باب التوفير أو إقلال عدد المشاركين لزيادة قيمة الحصص.