مشروع قانون لترخيص مكاتب استقدام العاملات المنزليات.. تمكين اليد العاملة في المهن المنزلية سيعود بفوائد اجتماعية واقتصادية كبيرة

صدر قرار تنظيم المكاتب الخاصة العاملة في استقدام واستخدام العاملات والمربيات في المنازل من غير السوريات بموجب القرار 27 الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء بتاريخ 6/12/2007، ثم أصدر رئيس مجلس الوزراء القرار 108 /م/و لعام 2009، وشروط وقواعد استخدامهن داخل الأراضي السورية وإلغاء القرار 27 المعمول به حالياً اعتباراً من تاريخ نفاذ القرار 108، الذي أضيف إليه مجموعة من التعديلات والإضافات من حيث الكفالة النقدية للمصرف الواجب دفعها من أصحاب المكاتب إضافة إلى تسيير معاملة الخادمة من صاحب العلاقة أو وكيله القانوني كما شمل القرار في أحكامه العامة توسيع صلاحيات وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في التدخل بآلية عمل المكاتب والعلاقة مع المستفيد. ‏

على الرغم من كل التعديلات وقعت بعض مكاتب استقدام العاملات الأجنبيات في شرك المساءلة العلنية بسبب الرشوة والابتزاز والتزوير، أما سوء معاملة العاملات الأجنبيات فقضية أخرى، تطرح من باب رفع العتب على الرغم من أنها في بعض الأحيان وصلت لحد الانتهاك.
ويا ما سمعنا وقرأنا أن عاملة أجنبية تقفز عن شرفة المنزل، وأخرى تنتحر بمادة سامة، وأخرى تفضل الاختفاء بسبب الضرب المبرح لها من رب البيت، وتلك تسرق انتقاما منهم، إنها العبودية التي يرى البعض أن العالم قد تخطاها منذ سنوات طويلة، لكنها لا تزال تقبع في زوايا الكثير من البيوت السورية.
 
بين الحقوق والواجبات
وكان آخر ما صدر بخصوص العاملات ما كشفه أحمد الحسن عضو المكتب التنفيذي لشؤون العمل في الاتحاد العام لنقابات العمال عن أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل انتهت من إعداد مشروع قانون يتضمن أحكام وشروط ترخيص المكاتب الخاصة باستقدام العاملات في المنازل من غير السوريات وشروط وقواعد استخدامهن داخل سورية، بدلاً من القرار رقم 108 /م/و لعام 2009، أي أن التعديل الثالث على الطريق.
وجاءت تصريحات الحسن عبر صحيفة «الوطن» حين قال: «إن العديد من الجهات شاركت في إعداد ومناقشة مشروع أحكام وشروط ترخيص المكاتب الخاصة باستقدام العاملات في المنازل من غير السوريات مثل وزارات العدل والمالية والخارجية والإدارة المحلية والاقتصاد والتجارة واتحاد نقابات العمال واتحاد غرف التجارة وإدارة الهجرة والجوازات وإدارة مكافحة الاتجار بالأشخاص، وغيرها من الجهات».
وأكد الحسن: أن «مشروع القانون يتضمن شروط وإجراءات الترخيص، وقواعد عمل المكتب والتزاماته، والشروط الواجب توافرها في المكاتب والمقار المؤقتة لمبيت العاملات، وإجراءات استقدام العاملات وإقامتهن، وآلية التنازل عن العاملات، وحقوقهن وواجباتهن، إضافة إلى الالتزامات المالية وغير المالية المترتبة على المستفيدين السوريين والعرب والأجانب».
 
الحفاظ على الكرامة الإنسانية
وبيّن الحسن  في تصريحه: أن «مشروع القانون الجديد يركز على الناحية الإنسانية فيما يتعلق بحقوق العاملة الأجنبية ويضمن حقها بالحصول على وسائل العلاج واللباس والغذاء ومكان الإقامة اللائق، وحقها في الحفاظ على كرامتها الإنسانية وعدم تعرضها للاعتداء أو الضرب أو إساءة المعاملة أو السب والشتم أو الاستغلال أو التعذيب أو التمييز على أساس العرق واللون والجنس والدين والانتماء الوطني أو الأصل الاجتماعي، كما يضمن لها حق ممارسة شعائرها الدينية داخل المنزل، وحق الاحتفاظ بوثائقها الشخصية ووثائق سفرها، والحق في الإجازات السنوية وفترات الراحة اليومية».
وأضاف الحسن: «كما يترتب على العاملة بحسب مشروع القانون، الالتزام بشروط عقد عملها، والمحافظة على موجودات المنزل وعلى كرامته وسمعته وشرفه وعدم إدخال الغرباء إليه، وعدم الإساءة إلى المستفيد وأفراد أسرته بالقول أو بالفعل، وعدم مغادرة المنزل دون علم المستفيد، والتقيد بتعليماته».
وأشار الحسن إلى: أن «مشروع القانون يمنح العاملة الأجنبية إقامة بقصد العمل مدتها أربع سنوات غير قابلة للتمديد، ويشترط أن تكون العاملة كاملة الأهلية القانونية، وأن تنتمي بجنسيتها إلى واحدة من الدول المسموح باستقدام العاملات منها مثل نيبال وسيريلانكا ونيجيريا وفيتنام وبنغلادش وإندونيسيا وغيرها، وأن تثبت سلامتها من مرض الإيدز وألا تكون معوقة حركياً أو ذهنياً وألا تكون حاملاً عند دخولها الأراضي السورية».
وتابع الحسن بالقول: «يشترط مشروع القانون ألا تقل مساحة مكتب استقدام العاملات الأجنبيات عن 50 متراً مربعاً، وألا تقل مساحة المقر المؤقت لمبيت العاملات عن 70 متراً، متضمنة غرفة نوم مستقلة وصالة لاستراحة العاملات ومرافق صحية، ومزودة بالأثاث والتجهيزات المنزلية الملائمة، ويستوفي المكتب من المستفيد بدل أتعاب بنسبة 15% عن السنة الأولى من مجموع قيمة أجر العاملة السنوي المتفق عليه بين المستفيد والعاملة، إضافة إلى المصاريف المثبتة بموجب إيصالات وفواتير نظامية، كما يستوفي منه نسبة 10% للسنوات الثلاث المتبقية».
 
يجب الاستغناء عن العاملات الأجنبيات
وأشار الحسن إلى: أن «موقف الاتحاد العام لنقابات العمال على الرغم من مشاركته في إعداد مشروع القانون المذكور إلا أنه يدعم فكرة الاستغناء عن العاملات المنزليات الأجنبيات والاستعاضة عنهن بعاملات سوريات يتم تأهيلهن وتدريبهن وفق برامج ودورات تنظمها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل مقدراً عدد العاملات المنزليات الأجنبيات في سورية بثلاثين ألف عاملة».
وأضاف الحسن: إن «الهيئة العامة للتشغيل وتنمية المشروعات في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تحضر لإطلاق برنامج «تمكين اليد العاملة في المهن المنزلية» وقد نظمت ورشة عمل في 27 آذار الماضي بهدف وضع خطة العمل وتحديد المسؤوليات تمهيداً لإطلاق البرنامج الهادف للمساهمة في دخول المرأة السورية إلى سوق العمل واستبدال اليد العاملة المنزلية الأجنبية، من خلال التدريب على مهارات ومهن الخدمات المساعدة للأسرة».
ونوه الحسن بالقول: «على الرغم من أن القانون يسمح للعمال الأجانب بالانتساب إلى نقابات العمال في سورية، إلا أن الاتحاد يعتبر أن الأولوية من حق العمال السوريين، وإن تمكنا في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد والتي سُرّح معها عشرات الآلاف من العمال، أن نؤمن 30 ألف فرصة عمل لعاملات سوريات أو نصفها على الأقل، فإن هذا سيصب أولاً وأخيراً في مصلحة الوطن، وسيسهم بحل جزء من مشكلة البطالة، كما أن هذا التوجه سيعود بفوائد اجتماعية واقتصادية كبيرة على المستفيدين من هذه الخدمة».
إن ثلث القرارات التي صدرت في عهد الوزيرة السابقة ديالا الحج عارف بحاجة إلى تعديلات، وما نتمناه من الاتحاد العام لنقابات العمال أن يلعب دوره المناط به كمشارك في إعداد القانون المذكور، ولعل موقف الاتحاد الداعم لفكرة الاستغناء عن العاملات المنزليات الأجنبيات والاستعاضة عنهن بعاملات سوريات يتم تأهيلهن وتدريبهن وفق برامج ودورات تنظمها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل فيه كل الصواب للقضاء على مشكلة أكثر من ثلاثين ألف فرصة عمل للسوريات الباحثات عن العمل.