من أول السطر: السلامة المهنية لعمال النسيج
تشترك المنشآت الصناعية التي هي بالنهاية مكان عمل، باحتوائها على ملوثات تصيب بيئة العمل، وتنعكس على العمال بشكل مباشر إذا ما تعرضوا لها، من هنا أتى مفهوم الأمن الصناعي أو إجراءات الصحة والسلامة المهنية، وتبقى لكل صناعة ملوثاتها الخاصة وبالتالي أمراضها المهنية الخاصة، مما يستدعي معرفة العامل لأساليب الوقاية التي تخص مهنته التي يعمل بها، بل اختصاصه أو قسمه أو آلاته الموجود خلفها.
سنحاول الإضاءة على قسم هام من أقسام صناعة النسيج وهو قسم الحياكة، حيث يتعرض العاملون شفيه لنوعين من أنواع الملوثات، أولهما: الملوثات الفيزيائية وتحديدا الضوضاء، والاهتزازات الميكانيكية، فمع تطور الصناعة والآلات أصبحت مجمل الأنوال ومكنات النسيج ضخمة في حجمها وسريعة في حياكتها وإنتاجها، ونتيجة لذلك فهي تصدر أصواتاً عالية جدا، محدثة ضوضاء في فضاء المكان أو القسم الموجودة فيه، وخاصة تلك الآلات ذات الحجم الكبير كأنوال نسيج القماش وتطبيعه أو نسيج السجاد، فيما تبقى آلات أخرى أقل ضجيجاً منها كمكنات حياكة الجوارب والمناشف ولفافات الخيوط و(الدرزة) و(الحبكة)، ورغم ذلك فإنها تبقى أعلى من الدرجة التي حددتها منظمة العمل الدولية إذا تم قياسها بجهاز مقياس الضوضاء المعتمد عالمياً Sound Level Meter الذي يقيس بوحدة تسمى الديسيبل، لذلك على العامل استخدام سماعات الوقاية العازلة، وإلا فإنه معرض بشكل مؤكد لنقص السمع التدريجي والذي يوصل في أحيان كثيرة لفقدانه نهائياً، علماً أن أعراض تراجع السمع قد لا تظهر إلا بعد سنين عديدة، لذلك يجب أخذ إجراءات الوقاية الشخصية كافة قبل ظهور أية عوارض.
الملوث الآخر الذي يتعرض له عمال الحياكة بشكل عام هو: الاهتزازات الميكانيكية، والتي تنتج عن اهتزاز الآلة أو المكنة التي يعمل بها أو خلفها العامل، ولا يفترض الاستهانة بأدنى نسب الاهتزاز سواء كانت تتعرض له اليد أو الجسم بأكمله، كونه يؤثر بالجملة العصبية ويتلفها وخاصة الأطراف، ولا تظهر الإصابة إلا بعد فترة طويلة من التعرض المستمر للاهتزازات الميكانيكية، ولا يوجد أدوات شخصية للوقاية يمكن أن يستخدمها العامل، لذا عليه أن يطالب بوجود إجراءات إنشائية وإدارية فهي الوحيدة القادرة على تخفيف حدة الاهتزاز، ويبقى تخفيض ساعات التعرض لها من خلال تخفيض ساعات العمل أو فترات الراحة أثناءه ضرورة مهنية وصحية كي يحافظ العامل على ما أمكن من سلامته، وتلك مسؤولية ربّ العمل في القطاعين العام والخاص.