تعميم أم تعتيم

صدر القرار  رقم /3306/ تاريخ 23/5/2009 عن رئاسة مجلس الوزراء، وينص على تعديل بعض مواد القرار /920/ لعام 2008، وأحكام القانون /39/ لعام 1986 وتعديلاته، وهو الناظم لمشروع السكن العمالي بعدرا وتنظيم استمارات القبول وتحديد العلامات والأولويات وتحديد أعداد المساكن وآلية توزيعها على كافة جهات الدولة العامة، فعلى سبيل المثال لا الحصر تم تخصيص وزارة المالية بـ/60/ مسكناً، ومحافظة دمشق بـ/75/ مسكناً الخ. 

وتراوحت ردود فعل العمال بين مصدق ومكذب ومتفائل (ولنقل متعلق بقشة أمل) ومتشائم قد غسل يده وقال: لا يمكن لحكومة كهذه أن تقدم شيئاً مفيداً للمواطن.

وتتالت التعميمات والشروط واستفاضت، وتم إرسال الطلبات وتسلسلت العلامات وصدرت أسماء المقبولين وغير المقبولين في ضوء تحديد الفئة، العمر الوظيفي، عدد الأولاد وتوجب على كل طلب تم قبوله أو كان قريباً من القبول، تعبئة استمارات وتوقيعها من أكثر من /20/ جهة عامة، لإثبات عدم ملكية المتقدم لأي عقار، ولا يخفى على أحد الازدحام والمعاناة والطرق والأساليب التي لجأ إليها هؤلاء العمال ليأتوا بالإثباتات اللازمة، بدءاً بالمؤسسة العامة للإسكان، مروراً بالمحافظة وريفها، ومساكن عدرا والجهات التابعة لها، وصولاً إلى طابو الريف والمدينة، حتى وصل سعر تتمة هذه المعاملة العويصة والمعقدة في السوق السوداء إلى عشرة آلاف ليرة سورية.

فتقاعست الهمم، ولم يستطع العديدون إكمال استماراتهم، ليس لكونهم من الملاكين، بل بسبب الازدحام وسوء الأحوال المادية، وعدم استطاعتهم ترك عملهم الأساسي لكي يلاحقوا هذه المعاملة.

وفي هذه الفترة الزمنية صدر عن اتحاد عمال دمشق التعميم رقم /1024/ تاريخ 15/6/2009 القاضي بتحديد المواد إلى مدة أقصاها 3/9/2009 ليتم تسليم استمارات العاملين المقبولين، وفق محضر أولي مع عدد من العاملين غير المقبولين والحاصلين على تسلسل أفضلية، وتقديمها إلى اللجنة المشكلة لدراسة طلبات السكن العمالي، حيث ستنظم هذه اللجنة الجداول لغاية تاريخ 10/9/2009، ويتم بعدها رفع الطلبات مع الاستمارة وصورة عن الهوية وطلبات الاقتراض لغاية 1/10/2009.

لقد عانى العمال الذين تقدموا باستماراتهم الأمرين فعلاً، وقد كانوا دائماً على صلة باللجان النقابية واللجان المشكلة بكل جهة عامة، وانتظروا بفارغ الصبر، وظهرت النتائج الأولية وبدأ الجميع بحبس الأنفاس، وتعلقت الآمال، وظهرت أسماء المقبولين بشكل غير علني. وكانت المفاجأة الكبرى والصاعقة صدور تعميم آخر لتمديد مدة قبول الاستمارات حتى تاريخ 1/10/2009، فهل هذا تعميم أم تعتيم؟ ولماذا لا تكون الخطوات واضحة ومدروسة؟ أم إنه استخفاف بهؤلاء العمال التعساء فعلاً؟ فمنهم من وصلت سنوات خدمته إلى خمسة وعشرين عاماً ومازال يقطن بالآجار، ومنهم الأعزب الهرم الذي ما زال ينتظر أن يبني عشه الزوجي!!

ما الغاية من كل هذه التعاميم؟ وهل صدرت لتمرير بعض الاستثمارات لمن يستطيع أن يدبر رأسه هنا وهناك، أو لتوفير فرصة لنقل أملاك بعض المفسدين في الأرض؟

 

وفهمكم كفاية.