من مهزلة.. إلى مهلكة!

شهدت محافظة الحسكة مؤخراً انتخابات نقابات المحامين والمهندسين، وبغض النظر عن النتائج والموقف منها، نلفت النظر إلى ظاهرة جديدة بدأت بالبروز وأقل ما يقال عنها إنها حوّلت انتخابات هذه المنظمات من مهزلة إلى مهلكة، فمن المعروف أنها كانت تعتمد القوائم المغلقة لمصلحة أحزاب الجبهة، أو من يتم تزكيته من هذه الجهة أو تلك في جهاز الدولة، أما الجديد في انتخابات هذا العام فهو القوائم التي تم تشكيلها على أساس المحاصصات القومية تارة، والدينية تارة أخرى: (عربي، كردي، مسيحي، مسلم)، بغض النظر عن المقاييس التي من المفروض أن تتوفر في المرشحين، سواء كانت مقاييس مهنية أو سياسية، فترى في القائمة الواحدة من يفترض أنهم مختلفون سياسياً.. فما الذي يجمعهم؟

 

 

إذا استثنينا قلة قليلة من المرشحين الشرفاء هنا وهناك، الجامع الوحيد بين هؤلاء وأولئك هو المكاسب الشخصية التافهة، وطموحات البعض بالوصول إلى هذا الموقع أو ذاك في هيئات النقابة، فترى البعض يقوم بجولات مكوكية بين أبناء (جلدته) في فترة ما قبل الانتخابات، ويدخل في بازار المزاودات القومية أو الدينية، ويقدم نفسه على أنه الممثل الشرعي والوحيد لهذه الفئة أو تلك، وهو أبعد ما يكون عن تمثيل مصالح أحد سوى مصالحه الأنانية الرخيصة.

إن خطأ هذه الظاهرة وخطرها يتمثلان في :

1 - نقابياً: وصول أناس إلى الهيئات النقابية على أكتاف المحاصصة القومية والدينية أو العشائرية، لم ولن يدافعوا يوماً عن عضو مظلوم من نقابتهم، أو أية قضية تمس مصالح أعضاء النقابة.
2 - سياسياً: المنخرطون في هذه اللعبة يعملون من حيث يدرون أو لا يدرون على ترسيخ الانتماءات الضيقة، عوضاً عن الانتماء الوطني.
إن المطلوب في جميع المنظمات الشعبية والنقابات، هو انتخابات ديمقراطية حرة تتم بعيداً عن سطوة جهاز الدولة، وبعيداً عن التحالفات التي لا يجمعها إلا مصالح ضيقة لهذا وذاك.. الحقيقة أن هناك من يغذي مثل هذه التحالفات من خلف الكواليس.. واللبيب من الإشارة يفهم !