عمال القطاع الخاص والمنحة الضائعة
أصدر السيد رئيس الجمهورية المرسوم التشريعي رقم /56/ لعام 2009 القاضي بصرف منحة للعاملين في الدولة ولمرة واحدة بنسبة 40% من الراتب الثابت قبل العيد بأيام، وبناء عليه تحركت الجهات المعنية لتشمل المنحة باقي القطاعات الإنتاجية وخاصة القطاع المشترك والخاص. فقد دعت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل رئيس غرفة التجارة والصناعة الأستاذ محمد غسان القلاع لحضور اجتماع يطالب أرباب العمل بصرف المنحة لعامليهم أسوة بالعاملين في القطاع العام.
ورغم تقديرنا لبادرة الوزارة فإن الوقائع تؤكد أن هذا الأسلوب في التعامل مع أرباب العمل لن يجدي نفعاً، حيث لم يلتزم أي من أرباب العمل بهذا التوجيه، فالاتحاد العام لنقابات العمال لا يملك سيفاً حتى يجبر كل أرباب العمل بصرف هذه المنحة، خاصة وأن الاتحاد قد بح صوته لكثرة ما دعا لانضمام عمال القطاع الخاص إلى النقابات، ولكن دون جدوى، تارة بسبب تهرب أرباب العمل خوفاً من المؤسسة العامة للتأمينات، وتارة بسبب ضعف الوعي عند هؤلاء العمال الذين لم يقتنعوا حتى اللحظة بفائدة انتسابهم للمنظمة النقابية، على الرغم من تقديمها كل التسهيلات اللازمة لذلك. وهذا يعني بالتأكيد حرمان أكثر من أربعة ملايين عامل من مزايا المنحة لأن الأعداد القليلة التي أخذت المنحة أعطيت لهم على شكل مكافأة وحسب مزاج صاحب العمل، وهذا يدعو بالضرورة إلى إجراء إحصاء شامل تحت إشراف مؤسسة التأمينات الاجتماعية لعدد العمال في الشركات والمعامل الخاصة، لكي يتم توزيع المنح والمكافآت بالتساوي مع القطاع العام تماماً. ولتحويل أي رب عمل مخالف إلى الجهات القانونية فوراً لتتم محاسبته، مع تقديم العطل والضرر لأي عامل قد يتعرض للفصل أو التسريح بسبب الشك في إعطائه أية معلومات لمؤسسة التأمينات الاجتماعية أو وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وذلك بالتعاون مع الاتحاد العام لنقابات العمال الذي يجب أن يلعب دور القاضي في هذه العملية.
إن العمال في القطاع الخاص يشكلون ثلاثة أرباع القوة العاملة في سورية، فهل تشهد الأيام والشهور القادمة إجراءات ضرورية ومهمة لصالح هذه الفئة من عمال الوطن؟ ويتم توزيع المنحة عليهم بقوة القانون؟ أم سيبقون عرضة للاستغلال والاضطهاد من أصحاب العمل الذين لا يهمهم شيء سوى مصلحتهم وزيادة أرباحهم؟! علماً أن هذه المنحة من شأنها زيادة القوة الشرائية لدى المواطنين مما يؤدي إلى تنشيط الأسواق التي تشهد ركوداً ملحوظاً، أي أن هذه المنحة سيستفيد منها أولاً وأخيراً أرباب العمل من خلال مساهمتهم عن طريقها بتحريك السوق، وبالتالي زيادة أرباحهم بشكل أتوماتيكي.