بصراحة تأمينات العمال الاجتماعية خط أحمر يجب أن لا يمس

أثار أرباب العمل الكثير من الجدل حول نسب التأمينات الاجتماعية التي يدفعونها كاشتراكات عن العمال في معاملهم ومنشآتهم الصناعية والخدمية، باعتبار تلك الاشتراكات تؤدي إلى زيادة التكاليف، وتعيق تطوير الإنتاج، وزيادة الاستثمار، وفي هذا يؤيدهم الكثير من الشخصيات الحكومية ذات الاختصاص في الشؤون العمالية والاستثمارية والتأمينية المتكافلين والمتضامنين مع طروحات أرباب العمل باعتبار هذه النقطة الشائكة هي نقطة لابد من حلها من أجل السير بالاستثمار سيراً نشطاً، وإذا حلّت فإن أصحاب القلم الأخضر  الداخلين والخارجين سيبذلون قصارى جهودهم من أجل إنجاح برنامج الحكومة في جذب الاستثمارات العربية والأجنبية والمحلية.

لذا جرى الإقرار من الحكومة بضرورة تعديل نسب الاشتراكات التأمينية وغيرها من الإعفاءات الأخرى لتشجيع أصحاب الاستثمارات بهذه الميزة التي لا مثيل لها، والتي تؤدي إلى زيادة في الأرباح والإقلال من التكاليف والمزيد من الهدر لحقوق العمال ومكتسباتهم، والنسب المقترحة من الحكومة 5% حصة العامل من أجره، و10% حصة رب العمل بدلاً من الحصة المعتمدة الآن 7% حصة العامل و17% حصة رب العمل لتشكل مجموعها 24% من أجر العامل.
إن هذا التعديل يأتي في سياق التعديلات الكثيرة التي قامت بها الحكومة والتي تقوم بها للإجهاز أو على أقل تقدير الإقلال ما أمكن من الحقوق والمكتسبات التي انتزعتها الطبقة العاملة بفعل نضالها وتضحياتها منذ عشرات السنين من القرن الماضي ليجري الآن بفضل الليبراليين الجدد الهجوم تلو الهجوم على حقوق ومكتسبات الطبقة العاملة، وأهمها أموال العمال في التأمينات الاجتماعية التي تعد أموالاً خاصة لا يجوز التصرف بها وفق مصالح الحكومة كما جرى مؤخراً بمصادرة (50 مليار ليرة سورية)، وقبلها تمت مصادرة ملايين الليرات من صندوق التأمينات لصالح خزينة الدولة ليعاد نهبها مرة أخرى بأشكال مختلفة، حيث أضر هذا الفعل بحقوق العمال في الاستفادة من أموالهم بخدمات حقيقية وبصناديق مساعدة يمكن أن تؤدي إلى تحسين في مستوى حياتهم المختلفة، وخاصة أثناء وصولهم إلى سن التقاعد لتزداد حاجتهم إلى الخدمات الضرورية كالخدمات الصحية والاجتماعية الأخرى، وهذا ما هو غير موجود بالنسبة للعمال المتقاعدين الآن، وخاصة العمال الذين كانوا يعملون بمهن خطرة تسببت لهم بأمراض مهنية مزمنة تحتاج إلى أموال طائلة للعلاج لا قدرة لهؤلاء العمال على تحملها استناداً لما يتقاضاه العامل من أجر تقاعدي لا يسد الريق.
لذا فإن سعي الحكومة من أجل تخفيض نسب الاشتراكات كما هو مقترح سيضر بمصالح الطبقة العاملة وحقوقها، ويجب النضال الآن من النقابات العمالية من أجل إصدار قانون يجبر أرباب العمل على تسجيل عمالهم بالتأمينات الاجتماعية على أساس أجورهم الحقيقية، وليس كما هو الآن على أساس الحد الأدنى للأجور، وإن الادعاء بأن اشتراكات العمال التأمينية لا تشجع أرباب العمل على تسجيل عمالهم بالنسب الحالية ادعاء باطل لا أساس له من الصحة، ويمكن أن نضرب أمثلة عديدة لدول رأسمالية عريقة سبقت الحكومة العتيدة في الانفتاح الاقتصادي والاستثمار ولم تقدم إعفاءات، ومزايا كما قدمتها الحكومة، وكذلك لم تستثن المستثمرين من قوانين العمل ولم تخفض نسب الاشتراكات التأمينية لديها، وهذا كما نشرته مجلة التأمينات الاجتماعية في الجدول:


وأخيراً لابد من القول إن الاستثمار الحقيقي الذي لابد أن نسعى ونناضل من أجله هو ما يحقق كرامة الوطن والمواطن وليس شيئاً آخر.

آخر تعديل على السبت, 01 تشرين1/أكتوير 2016 14:58