عادل ياسين عادل ياسين

جذر الموقف النقابي هو مصالح العمال

النقاشات التي دارت داخل قاعة مجلس الاتحاد العام الأخير، تعكس إلى حد بعيد، سخونة الأجواء قبيل موعد بدء الانتخابات النقابية، التي حدد تاريخها الاتحاد العام 1/8/2007. والسخونة فيما طرح،لم تأت من فراع أو لمجرد الاستعراض، بل هي تعبير عن حس عال بالمسؤولية تجاه الحفاظ على الحركة النقابية، من الاحتمالات التي أشار إليها العديد من النقابيين، وفي مقدمتها نشوء اتحادات موازية، ستستفيد منها القوى المعادية للحركة النقابية، وفي مقدمتها اتحاد النقابات الحر، الذي يراقب عن كثب ما يجري داخل الحركة النقابية، من إرهاصات مختلفة، كما عبر عن ذلك أحد النقابيين المخضرمين.
كيف نظرت الكوادر النقابية للموضوع؟ وهُم من انتماءات سياسية مختلفة؟؟.

جميع المداخلات التي طرحت، أكدت على شيء أساسي، وهو القانون (84) الناظم للعمل النقابي، وهو المرجع في تقييم أداء الكوادر النقابية من القاعدة إلى القمة، بغض النظر عن الانتماء السياسي، وأن الحكم في تجديد الدماء فيها للانتخاب الحر للمرشحين، من العمال، دون تدخل من أية جهة في آلية الانتخابات، وهذا يعني استقلالية قرار الحركة النقابية كمنظمة كفاحية وطنية، تدافع عن حقوق العمال. ودون هذه الاستقلالية التامة، وعدم التدخل بقراراتها، لا يمكن لهذه الحركة أن تنهض بمهامها الكبيرة التي تواجهها، والتي تحتاج إلى قرارات حاسمة وجريئة، تمكنها من النضال لتحسين الأوضاع المعيشية للطبقة العاملة السورية، دون التمييز بين عام وخاص، لأن منطق الرأسمال واحد أينما وجد. ويتعزز الآن أكثر فأكثر، داخل مؤسسات الدولة، وفق النهج الاقتصادي الليبرالي، الذي يقوده فريق عمل متجانس ومنسجم، يسعى إلى تنفيذ برنامجه بغض النظر عن النتائج الاجتماعية والسياسية، التي قد تنشأ من جراء هذا النهج، الذي ظهرت آثاره السيئة واضحة خلال السنوات السابقة، والمستمرة إلى الآن على الفقراء في وطننا، وفي مقدمتهم الطبقة العاملة السورية، التي يقع على عاتقها تحمل الاستغلال الجائر، وكذلك تحملها لتبعات موقفها الوطني الذي حملته منذ نعومة أظافرها، عبر أشكال نضالية مختلفة، مبرهنةً دائماً، على انتمائها الوطني الخالص الذي لا تستطيع كل القوى المعادية نكرانه عليها.
إن جذر الموقف النقابي المعارض للقرار المراد تطبيقه، انطلق من رؤية هذه الكوادر لهذا القرار، باعتباره جاء في سياق خدمة التوجهات الاقتصادية الليبرالية، فكان للكوادر النقابية هذا الموقف الممانع لتلك التوجهات، والذي لعبته تلك الكوادر خلال الدورة الـ24 سواء بتصديها لعمليات التأجير والخصخصة، أو بدفاعها عن حقوق العمال، وخاصة نضالها من أجل زيادة الأجور، وتحسين الأوضاع المعيشية للعمال، والدفاع عن مكاسبهم، وهم مجردون من سلاحهم الثقيل، وهو حق الإضراب، هذا السلاح المحرم على الطبقة العاملة استخدامه، واللجوء إليه، وبالمقابل فإن قوى السوق الكبرى والشركات الاستثمارية، مسلحةً بكل ما هو ضروري لها من قوانين وتشريعات وغير ذلك، للسير قدماً في استباحة البلاد عبر شركاتها الاستثمارية القابضة وغير القابضة.
إذاً من كل ذلك نستنتج أن جذر موقف الكوادر النقابية الذي ظهر واضحاً في اجتماع المجلس بكل انتماءاتهم السياسية، ليس الرد على قرار الدورتين، باعتبار ذلك سيقوض وحدة الحركة النقابية ويضعف نضالها، ويجردها من كوادرها التي مارست العمل النقابي، واكتسبت خبرته، بل أيضاً جاء الموقف انعكاساً لما يجري في القواعد العمالية من تذمرات معلنة، وغير معلنة، على الأوضاع المعيشية السائدة، وما يجري بحق القطاع العام، وخاصة الصناعي منه، كمحاولة لوأده وهو بالحياة.
أمام هذا: هل تنجح الحركة النقابية بالخروج من عنق الزجاجة؟؟
من المؤكد ذلك، بالتضامن وتعزيز وحدة الطبقة العاملة، واستقلالية الحركة النقابية بقرارها، وباعتمادها الكلي على الطبقة العاملة، صاحبة المصلحة الحقيقية باختيار ممثليها الحقيقيين.