عاملات الورش الصغيرة بلا عمل
يحصد المجتمع السوري بكافة شرائحه وفعالياته الإنتاجية كل يوم شوك السياسات الليبرالية المدمرة التي تنتهجها الحكومة، وبطبيعة الحال فإن أضعف هذه الشرائح هي تلك الفئة التي لا تملك أية ضمانات أو رصيد للبقاء والاستمرار، وتبرز في السياق المأساة الحقيقية التي تعاني منها الورش الحرفية والمهنية الصغيرة التي تلقت ضربات قاصمة بعد فتح الأسواق وتحرير التجارة وامتلاء واجهات ودور البيع والعرض بأصناف وأنواع لا حصر لها من البضائع الأجنبية.
فهذه الورشات التي كانت تشغل آلاف العاملات من مختلف الأعمار والخبرات أفلست، أو هي في طريقها للإفلاس بعد أن كدست بضائعها، وفقدت كل زبائنها، وبالتالي قامت بإجراء تسريحات اضطرارية لليد العاملة فيها، لتلتحق عاملاتها بجيش العاطلين عن العمل، دون أن تبادر أية جهة من الجهات وخاصة النقابات بأية خطوة للحفاظ على حقوقهن.
فهل المطلوب نتيجة السياسات الحكومية تحويل هذه الشريحة المنتجة من النساء إلى خادمات منازل أو إلى مهن أخرى أكثر سوءاً، خاصةً وأن وزارة العمل تقوم بإجراء الدراسات الميدانية لإنشاء معهد تدريب الخادمات السوريات على خدمة المنازل ورعاية الأطفال، عوضاً عن ضمان حقوقهن بالعمل الإنتاجي الذي يحافظ على كرامتهن، ويقيهن السؤال والعوز وفقدان الكرامة.
إن تلك الورش كانت تمتص جزءاً مهماً من اليد العاملة النسائية، من العاملات المتفرغات وربات المنازل اللواتي كن يعملن لصالح الورش المتفرقة، فيساهمن مساهمةً حقيقيةً في تأمين ما يتطلبه الوضع المعيشي المتردي بسبب غلاء الأسعار الفاحش.
إن وضع العاملات المأساوي هذا يحتاج إلى حلول حقيقية تساهم في عودتهن إلى العمل، وذلك بتأمين الحماية الضرورية للإنتاج الوطني الذي تساهم به تلك الورش الصغيرة التي تعرضها السياسات الحكومية للخراب السريع.