بصراحة حوارات نقابية ساخنة
كلما اقترب موعد الانتخابات النقابية، كلما ازدادت الحوارات سخونة داخل الحركة النقابية وخارجها، وهذا شيء طبيعي، وصحي، ويعبر عن حس عال بالمسؤولية تجاه الحركة النقابية، من حيث أهمية موقعها، ودورها المنوط بها، والمهمات الواقعة على عاتقها، وهي كبيرة، ولا تتعلق فقط بالدفاع عن حقوق العمال، ومكاسبهم بل تتعدى ذلك إلى الدفاع عن الاقتصاد الوطني برمته، وبالأخص القطاع العام الصناعي الذي يشرع له الآن قانون بموجهات نظر مختلفة ترسم مستقبله ودوره المنوط به اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، وهو يشكل القاعدة الأساسية لتحقيق النمو المطلوب، وهو أيضاً عماد الاقتصاد السوري.
ومن هنا تكتسب معركة الدفاع عنه بعداً وطنياً وسياسياً يتطلب حشد كل القوى من أجل إنجاح هذه المعركة المشرفة، وفي طليعة تلك القوى الطبقة العاملة السورية، التي تشكل وزناً لا يستهان به في معركة الدفاع الوطني عن القطاع العام إذا ما جرى تعبئتها، واستنفارها، وتحشيدها في مواجهة قوى السوق، وحلفائهم الذين يقودون البلاد والعباد إلى (مهاوي الردى) كما يقال.
ـ ومن هنا فإن تلك الحوارات والنقاشات التي تدور داخل الحركة النقابية وخارجها، هي انعكاس لحجم التناقضات في المجتمع التي تتعمق كلما اشتد الصراع حول القضايا الأساسية التي تواجه الحركة النقابية، وأهمها:
ـ الدفاع عن القطاع العام وإصلاحه وتخليصه من ناهبيه.
ـ الدفاع عن حقوق الطبقة العاملة السورية، ومكاسبها في القطاع العام والخاص.
والسؤال الإشكالي الذي يفرض نفسه هو: كيف ستتمكّن الحركة النقابية من حل التناقض القائم بين تمثيلها لمصالح الحركة العمالية المدافعة عن حقوقها، وبين علاقتها التشاركية مع الحكومة، وهي صاحبة السياسات الاقتصادية، والتوجهات التي لا تتوافق مع مصالح الطبقة العاملة من حيث حقوقها، ومكتسباتها، والحفاظ على موقع العمل؟؟
ـ وبالإجابة عن هذا السؤال يمكن أن تتوضح الآليات، والأدوات، والمنهج الذي سيمكن الحركة النقابية من التصدي لمهامها القادمة التي لا تمس الطبقة العاملة فقط بل تمس شرائح واسعة من شعبنا الذي يتعرض كل يوم إلى المهانة في لقمته وكلمته، جراء تلك السياسات التي تنفذ بأشكال، وطرق، وأساليب تزيد من الاحتقان الشعبي، وتوسع من دائرة البؤر التي قد تنفجر في أية لحظة، خاصة وأن ما يطرح من رفع الدعم عن مواد أساسية كالمحروقات، وغيرها ستؤدي إلى رفع أسعار جنوني جديد لا قدرة لأحد على تحمله، وسيؤدي إلى مزيد من الإفقار لشعبنا، وإلى المزيد من الغنى وتمركز الثروة في أيدي قلة من ناهبي البلاد والعباد، والذين بدؤوا بالإفصاح عن برنامجهم، والسعي لتحقيقه، وجوهر هذا البرنامج هو: الاستيلاء على مقدرات الشعب السوري، وتجريد الدولة من عناصر قوتها المتمثلة بملكيتها للقطاع العام، وتحويله إلى قطاع خاص، حيث قال أحدهم في برنامج تلفزيوني على الفضائية السورية (إن على الدولة أن تتخلى عن دورها كاملاً في القطاع العام، وخاصة الصناعي لأن هذه مهمتنا نحن في القطاع الخاص، والدولة دورها في إنجاز البنية التحتية).
إزاء ذلك فإن الحركة النقابية تنتصب أمامها مهام جسام تتطلب:
ـ فتح أوسع حوار مع القوى، والمفكرين، والاقتصاديين الوطنيين الذين تهمهم معركة الدفاع عن القطاع العام، وتطويره، وتخليصه من أمراضه بالشكل الذي يخدم معركتنا مع العدو الداخلي المتمثل بقوى السوق الكبرى، والعدو الخارجي.
ـ اتخاذ ما يلزم لإجراء انتخابات نقابية ديمقراطية تستطيع إيصال مناضلين نقابيين همهم الأساسي الدفاع عن قضايا ومصالح الطبقة العاملة.
ـ إعادة تقييم عمل الحركة النقابية خلال الدورة الـ(24) فيما يتعلق بالقضايا التنظيمية والمطلبية.
ـ إشراك الطبقة العاملة السورية بإعادة التقييم، وسماع رأيها بما قامت به الحركة النقابية خلال السنوات الماضية من خلال الاجتماعات العامة، والاتصال المباشر، وعبر وسائل إعلامية مختلفة تحقق التفاعل المطلوب بين رأس الحركة وقاعدتها.
adel @kassioun.org