وكالات وكالات

الفاشلون يعاقبون الشعب

باهتمام كبير تابعت موضوع رفع الدعم عن المحروقات، واطلعت بدقة على تصريحات السيد رئيس الوزراء ونائبه الاقتصادي السيد دردري، وكذلك وزراء النفط والمالية والاقتصاد. كل هؤلاء اتفقوا على أن الحكومة تدعم المحروقات بملايين الليرات بأسعار تلائم قدرة الناس، ولكن ذلك أدى إلى نشوء سوق دولية لتهريب المحروقات إلى لبنان والأردن وتركيا، حيث أن المحروقات في هذه الدول تباع بأسعارها في السوق الدولية، الأمر الذي أوجد فرقا كبيرا في الأسعار استغله المهربون ليحققوا أرباحاً على حساب الخزينة السورية.

سياسيا نستطيع أن نقول إن الحكومة أعلنت عجزها عن حماية الحدود من المهربين فلم تجد طريقا غير معاقبة الشعب.

إذا كان هناك تهريب، فلأن القوى الأمنية والجمركية التي أوكلت إليها حماية الحدود ومراقبتها لا تقوم بواجبها لفسادها، وإلا لما ارتفعت أرقام التهريب إلى الحدود التي صرحت بها الحكومة.

فساد الجهاز الإداري هو السبب في تفاقم حجم التهريب، وليس لأن الحدود لا يمكن منع التهريب منها أو ردعه.

لا يمكن بأي منطق قبول التبرير الحكومي، لأن دولة لا تستطيع حماية حدودها، هي دولة ناقصة السيادة، وعرضة لتهريب الأسلحة والمخدرات وغيرها...

الحل الذي يجب على الحكومة الذهاب إليه أولاً هو معاقبة المسؤولين عن أمن الحدود، واستبدالهم، ومراقبة أعمالهم، ودعمهم بأجهزة المراقبة الجوية وغيرها، وحتى إشراك الجيش في عمليات الردع القوي، تماما كما فعلنا يوم صدر إلينا نظام صدام حسين الإرهاب، وتم حينها إغلاق حدودنا مع العراق..

لا يمكن أن يكون تعويض كل عائلة بمبلغ مقابل جزء من فرق الأسعار عملا عقلانيا، ولا توجد دولة في العالم تدفع لمواطنيها مالا نتيجة فشلها في حماية الحدود ومنع التهريب.

في بلادنا يدفع الناس بدلاً نقدياً عن أولادهم في خدمة العلم، أما أن تدفع الدولة لمواطنيها بدلاً نقديا فقط لمجرد فشلها في حماية الحدود من المهربين، فهو فتح جديد في عالم السياسة والإدارة!!!

ثم لماذا تتكلف الدولة كل هذه الأرقام التي ساقتها الحكومة، فنحن ننتج النفط والغاز ولدينا مصفاتان، فلماذا الاستيراد؟ ثم إذا كنا بحاجة للمازوت والبنزين، فلماذا لا نبني مصافي جديدة؟

ثم إن تدارك مبلغ الدعم الحكومي للمحروقات ممكن إذا خففنا إنفاقنا غير المجدي على المسيرات والاستفتاءات والمهرجانات والأعياد الكثيرة، وكذلك على الإعلام والصحف التي تعج بألوف العاملين بلا عمل وفي المعامل حيث تعج بمتفرغين لا يعملون شيئا..

ترشيد الإنفاق الحكومي وحده يمكن أن يؤمن مبلغاً يغطي ما تدفعه الحكومة مقابل الدعم.. .

وأخيراً وسياسياً.. وما دام السيد رئيس الجمهورية قال إن سورية والمنطقة ستواجه عاماً مصيرياً، فلماذا الآن نقدم على رفع الدعم في ظروف احتمال الحرب وفي زمن تعاني فيه سورية من عزلة عربية ودولية، وننتظر عدوانا؟؟

إن هذا القرار إذا صدر، سيؤدي إلى انفجارات داخلية وغضب موجه ضد النظام الذي لم يحسن إدارة البلد.

إن المستشارين الذين أوصوا برفع الدعم يفهمون بالاقتصاد، ولكنهم لا يفهمون بالسياسة، لأن مثل هذا التصرف له منعكسات أمنية، وقد يؤدي إلى انفجارات شعبية وفوضى في زمن نحتاج فيه إلى وحدة وطنية واستقرار.

إن رفع الدعم سيؤدي إلى ازدياد كبير في أسعار البيوت وكافة الحاجيات، وهذا سينعكس على الطبقات الفقيرة بنسبة كبيرة لا طاقة لها في أن تتحملها.

هل تريدون الآن، وفي مثل ظروفنا الصعبة أن ينفجر الناس؟ هذا هو السؤال؟