«فيمبكس» بين التشكيك.. واليقين

التقيت مصادفة بـ«صحفي» مسؤول عن مكتب إحدى الصحف الرسمية، وبعد التحية والقبلات كونه معرفة قديمة، بادرني: هل أنت الذي كتبت عن فيمبكس في قاسيون؟ قلت: نعم، (علماً أن أسمي مكتوب أسفل المقال وقلت في نفسي: ربما لم يقرأه، أو لم يقرأ ماكتبت، وإنما سمع به) ثم تابع قائلاً: أيهما أفضل أن يبقى المعمل واقفاً أم نعطه للمستثمر؟ قلت له: هل الحكومة عاجزة عن تشغيله، أم أنها لا تريد تشغيله بينما تصرف المليارات على إنشاء فنادق النجوم؟! قال بعد تردد: لا، ليست عاجزة! لكن أنت ترى مايجري. ثم أردف قائلاً: كيف تصف المستثمر بأنه مستعمر؟

هنا تأكدت أنه لم يقرأ الموضوع بدقة، أو ربما سمع به فقط، من خلال بعض محاولات التستر عليه، ومع ذلك أجبته: أنا لم أقل ذلك وإنما ذكرت ما قاله أحد القياديين النقابيين..

وتابع أسئلته: لماذا؟ لأنه لم يعطه ظرفاً أبيض؟! لم يتكلموا سابقاً لأنهم كانوا يأخذون ظروفاً بيضاء!!

هكذا، ببساطة ودون تدقيق كال الاتهامات، ولضيق الوقت ذهب كل منا في طريقه، مع تواعد على اللقاء للمتابعة.

هذا الحديث العابر، مع أحاديث أخرى قليلة مشابهة نسمعها هنا وهناك، تناقض الوقائع وحديث الأغلبية، وخاصة ما يقوله العمال وقياداتهم النقابية، وما محاولة تبرئة المستثمر، إلا محاولة لتبرير الخصخصة والاستثمار، بحجة أن المعامل متوقفة، أو شبه متوقفة، وأنها عبء يجب التخلص منه، دون أية إشارة إلى المسؤول عن ذلك، وأنه تخريب متعمد بسبب الفساد والنهب، وكذلك محاولة للتشكيك بالنقابات وقياداتها لإبعادها عن دورها، وإضعافها في الدفاع عن حقوق العمال، وقطاع الدولة، أو التخلص منها بقرارات تتناقض مع القانون الناظم للعمل النقابي، خصوصاً إبعاد من أمضى دورتين انتخابيتين، وهم كادر نقابي لديه تجربه، ووعي لمخاطر ما يجري. ولمزيد من الإيضاح نعيد التذكير ببعض الحقائق، مع تساؤلات مهمة حول ذلك:

1) تحدثنا عن العقد المجحف، وعدم إلزام المستثمر بشيء، ومن ثم تمديد العقد، ومع ذلك تم تجاهله. فلماذا يجدد إذا كان لا يربح، ونحن نعرف أن الرأسمال جبان تهمه أرباحه وإذا لم يحققها يهرب؟.

2) تحدثنا عن ديون للدولة لم يسددها المستثمر وهي مئات من الملايين، وقد تم تجاهلها أيضاً؟!

3) تحدثنا عن أوضاع عمال فيمبكس، والممارسات التي تتم بحقهم من حيث الحوافز والمكافآت وصرف العمال، وعدم ضمان حقوقهم، وضعف الأجور، وللأسف برر البعض ذلك، بأن المستثمر «الكزبري» تاجر ومن حقه الربح، وإن العمالة كثيرة، أي العرض أكثر من الطلب، لذا يختار من العمال من يقبل بأدنى الأجور.

4) كتبنا عن الوجبة الغذائية الملغاة، ومطالبة القيادة النقابية بها، والبعض حمّل هذه القيادة، والعمال المسؤولية، لأنهم رفضوها وطالبوا بقيمتها النقدية، فلم يعطهم المستثمر شيئاً، وأوقفها نهائياً، رغم الوعود بإعادتها، ونحن نقول: هذا شيء طبيعي أن يطالبوا بقيمتها النقدية، بسبب ضائقتهم المالية التي يعانون منها، وذلك ليس مبرراً لإلغائها.

5) لماذا يقدم المستثمر ظروفاً بيضاء أي «رشاوى»، طالما أنه يشتغل «صح» كما يدعي البعض؟! هل هناك أشياء غير صحيحة يطلب السكوت عنها بطريقته لإفساد الآخرين؟ وهل كل القيادة النقابية تتلقى ظروفاً بيضاء؟!

إن التشكيك بالقيادة النقابية ككل، يدل على وجود أيدٍ خفية تريد إبعادها، وتوسيع الفجوة بينها وبين العمال، ليسهل تمرير السياسة الاقتصادية الليبرالية، التي يمارسها الطاقم الاقتصادي، ومن وراءهم، والتي تصطدم بمقاومة صلبة حتى الآن، والأمثلة كثيرة في مواجهة محاولات الخصخصة لقطاع الدولة، وآخرها مرفأ اللاذقية.

وأخيراً كل ماكتبناه عن معاناة العمال هو من خلال اللقاء مع قسم منهم، ومع قسم من قيادتهم النقابية السابقة، والجديدة، ونؤكد أننا كشيوعيين وفي «قاسيون» خاصة، مع حقوقهم ومطالبهم دائماً، رغم محاولات تجيير بعض الإعلام، وتحييد بعضه الآخر وإبعاده عن الدفاع عن قضايا الشعب والوطن.

آخر تعديل على الأربعاء, 23 تشرين2/نوفمبر 2016 21:47