على خلفية أعمال المؤتمر الخامس والعشرين، للاتحاد العام لنقابات العمال

 أنهى المؤتمر الخامس والعشرون للاتحاد العام لنقابات العمال، أعماله في منتصف الطريق، وعاد المؤتمرون من حيث أتوا، بعضهم يحمل خيبات ظاهرة، وبعضهم مازال متفائلاً بحدوث التغيير، عاجلاً أم آجلاً.
وعطفاً على ما بدأناه في العدد السابق من «قاسيون»، برقم 332 الصادر بتاريخ 24/11/2007، فإننا نمضي تباعاً بنشر بعض المداخلات والمقابلات التي أجريت على خلفية أعمال المؤتمر:

• كلمة الرفيق علي داوود- اللاذقية:

«مضى عامان على بداية الخطة الخمسية العاشرة، التي تم التبشير بها والتصفيق لها، لعلها تنهي العديد من القضايا التي تنعكس سلباً على الجماهير الواسعة، فقد بشرت بازدياد معدل النمو، وتخفيف نسبة البطالة، وإصلاح القطاع العام، وزيادة الاستثمارات وتحسين مستوى المعيشة، والقضاء على الفقر وقضايا عديدة أخرى، جاءت عليها هذه الخطة. لكن، وبعد مرور سنتين من عمرها، لماذا حصل تراجع في الاستثمار؟ ووفق معلومات مكتب الاستثمار ازدادت نسبة البطالة، ولم يصلح القطاع العام، وازداد عجز الموازنة من 44 مليار ل.س. من عام 2006 إلى 192 مليار ل.س. لعام 2008، وازدادت أسعار الكهرباء والماء، واستمر التهرب الضريبي والجمركي، وأسعار جميع المواد الغذائية ترتفع وبشكل دائم، ولم تزدد الموازنة بنسبة 10% كما هو مخطط لها، بل كانت الزيادة 2% فقط، السؤال الذي يطرح نفسه: إلى أين ستأخذنا هذه الخطة؟ من الواضح أنها تتجه بنا إلى مزيد من الفقر والبطالة، خاصة بعد الدعوة والإصرار على رفع أسعار الطاقة، وخاصة المازوت.
وسوف تقودنا إلى المزيد من التهميش للطبقة العاملة اقتصادياً، نتيجة ارتفاع وتيرة تمركز رأس المال وتوسيع قاعدته. إن القطاع العام قد عمل منذ نشأته، على تأمين أمننا الاقتصادي والاجتماعي، ويراد له أن يصفى ويموت موتاً سريرياً، كما أن السياسة الأجرية غير مناسبة، وتحتاج إلى إعادة نظر واعتبار، وربطها بمستوى الأسعار كلياً، ففي عولمة اقتصادية محسومة النتائج، بالنسبة للعالم أجمع، تعود الهيمنة الرأسمالية إلى رسم سياسات اقتصادية هشة وتابعة، وإعادة رسم خارطة سياسية جديدة، ملائمة لحركتها في العالم، تحت عنوان القرية الكونية الواحدة، حيث لا حدود ولا سيادة للدولة، إلا سلطة رأس المال، وهنا كنقابيين لا بد من الوقوف على موضوع التشريع، وقانون العمل الذي ليس فيه حماية للعمال، وخاصة قانون «العقد شريعة المتعاقدين». وهذه الشريعة قد أقرتها المبادئ الفقهية، واشترطت التكافؤ بين الطرفين المتعاقدين، ليكون العقد شريعتهم، وهذا الشرط غير متوفر بين العامل ورب العمل، ووزارة العمل على علم بأن هذه العقود هي عقود إذعان غير صالحة، وبالرغم من ذلك تصر على أنها كافية دون أي تحرُّك. وعندما فشلت في إلغاء المرسوم، تركت الوضع على حاله، ولهذا نوجه من مؤتمرنا إدانةً، وفضحاً لكل الأساليب التي تستخدم في بعض المراسيم والقوانين الجديدة.
يقال أن هناك شركات في القطاع العام خاسرة، ولكن ما سبب هذه الخسارة ولماذا لم تعالج أسباب هذه الخسارة من الحكومة».
 
عبد الغفار عبد الحسين عبد الله

الأمين العام لاتحاد نقابات عمال البحرين:
لقد كان قدر العمال العرب دائماً، أن يندمج نضالهم الاجتماعي في سبيل الرفاه والعدالة الاجتماعية، بنضالهم السياسي مع أمتهم في سبيل تحرير الأرض وتحرير الإنسان، ولم تمر لحظة واحدة في تاريخ العمال العرب، كان فيها الفصل ممكناً بين هذين الموضوعين للنضال العمالي. وتمر حركتنا العمالية اليوم بتحديات كبيرة، على صعيد الطبقة العاملة العربية خصوصاً، وعلى صعيد الأمة العربية عموماً، فعلى صعيد الطبقة العاملة العربية تندلع مشروعات الخصخصة غير المدروسة وإعادة الهيكلة في بلدان الوطن العربي، دون أن يكون للعمال الدور المؤثر في صياغة هذه المشروعات ومعالجة آثارها السلبية على العمال. وتأتي معدلات التضخم وارتفاع الأسعار وتآكل الأجور لتلقي بالعاملين في المزيد من الصعوبات المعيشية، ليتحول قسم كبير باستمرار، من مستوى الطبقة المتوسطة الدخل، إلى مستوى الطبقة المحرومة.
وبدل أن تتوجه بلداننا العربية للسوق والاتفاقيات البيئية المشتركة، التي تعود بالنفع والخير العميم، على جميع العمال العرب، نجدها تعقد اتفاقيات التجارة الحرة مع الولايات المتحدة وغيرها من قوى الاقتصاد الرأسمالي العالمي، وهذه الاتفاقيات تمثل فيها بلداننا الطرف الأضعف في المعادلة، بسبب الخلل في الميزان الاقتصادي بين المجتمعين، بين دول كبرى تملك أفضل وأضخم ماكينة للإنتاج الاقتصادي، وبين دول مستهلكة لم تصل بعد إلى مرحلة إنتاج التكنولوجيا المتقدمة والاقتصاد المتقدم.
إن هذه التحديات على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، تستلزم المزيد من وحدة العمال العرب، والمزيد من الدور المؤثر لهم، في قرارات واستراتيجيات منظمة العمل العربية، لتكون هي الذراع الرافع لحقوق العمال في جميع الأقطار العربية.       

 • مداخلة موسى الجريس

مستشار الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في الاتحاد النرويجي لنقابات العمال:
«يأتي انعقاد مؤتمركم في ظروف تشهد فيها المنطقة العربية أحداثاً بالغة الدقة والخطورة، تضيف على الحركة العمالية أعباءً كانت بغنى عنها، لتتفرغ لمسؤولياتها النقابية المطلبية، لكن هذه الأحداث حتمت عليكم أولوية الدفاع عن قضيتكم الوطنية، في مواجهة التهديدات والضغوطات التي تستهدف أمن واستقرار ومصير المنطقة العربية، نتيجة لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والجولان ومزارع شبعا اللبنانية، إلى جانب احتلال العراق من القوات الأمريكية والمتحالفين معها، والذي كلف الشعب العراقي أثماناً باهظة يدفعها شلالات من الدم، مترافقة بالتدمير الشامل لكافة مرافق الحياة فيه، وإذا كنا قد أدنّا الغزو عند وقوعه، فإننا نطالب قوات الاحتلال بالانسحاب من العراق وتسليمه لأبنائه.
أود أن أؤكد لكم بأننا في الاتحاد النرويجي لنقابات العمال، سنبقى إلى جانب قضاياكم النقابية والسياسية العادلة، والمبنية على أساس الاحترام المتبادل، ورفض التدخل في الشؤون الداخلية، لما فيه مصلحة الحركة العمالية العربية وتعزيز وحدتها واستقلاليتها، وكل ما يصب في خدمة أهدافها، سنبقى صوتكم المدوي في كافة المحافل الدولية».