بصراحة: العمال المكتومون!!
كثيراً ما يدور حوارات حول عمال البناء غير المنظمين، وغير المتواجدين في أماكن محددة، بل دائمي الهجرة من موقع عمل إلى آخر، حسب ما يتيسر لهم من أعمال، وهي قليلة جداً هذه الأيام، ولفترات عمل متقطعة، والحوارات هذه تتمحور حول تنسيبهم إلى نقابة عمال البناء، وإيجاد صيغة معينة يتاح لهم من خلالها الانتساب إلى التأمينات الاجتماعية بشكل إفرادي، وكانت تنتهي عند نقطة أخيرة هي أن هؤلاء العمال ليسوا واعين لمصالحهم كفاية، لذلك لا ينتسبون للنقابة، ولا يمكن تنسيبهم للتأمينات بشكل فردي، لأن ذلك مخالف لقانون التأمينات /92/ لعام 1959، مع أن تعديلات كثيرة طرأت عليه، ولكنها لم تلحظ هذه الشريحة الكبيرة من عمال البناء «الرحل».
إن الحقيقة المستنتجة من ذلك هي رمي الكرة في ملعب العمال، وتحميلهم مسؤولية التقصير في السعي إلى حقوقهم والدفاع عنها. ولكن السؤال المطروح دائماً: ما دور الأطراف الأخرى، مثل النقابات، التأمينات الاجتماعية في ذلك؟؟
إن هذا السؤال غالباً ما يتردد على ألسنة العمال الذين نلتقيهم ونحرضهم على الانتساب إلى النقابة، باعتبارها الجهة المخولة للدفاع عنهم وحمايتهم من جشع المقاولين وأصحاب المشاريع، وخاصة بعد أن تعددت شركات المقاولات الكبيرة مثل: راماك، والخياط، وأعمار،... الخ، التي تضم في صفوفها مئات العمال الفاقدين لأية حماية أثناء قيامهم بالأعمال الخطرة، مثل الوقوف على السقالات العالية، دون استخدام أية أدوات لحمايتهم من السقوط. والمعرضين لإصابات العمل أثناء استخدام أدوات العمل في القص والحفر وغيره.
البعض يقول إن هذه الشركات تدفع عن إصابات العمل إثناء حصولها على تراخيص البناء، ونحن نقول أن هذه الشركات تدفع عن عدد محدد من العمال العاملين في هذه المشاريع، والبقية غير مشمولين بإصابات العمل، وخاصة العمال الذين يعملون مع مقاولين فرعيين في هذه المشاريع (عمال الطين، الكهرباء، البلاط)، وكثيراً ما يتعرضون لإصابات العمل، ويكون مصيرهم العجز والبطالة لعدم قدرتهم على مزاولة العمل.
إن مشكلة هؤلاء العمال «المكتومين» أنهم بعيدون عن أية جهة تعتني بشؤونهم وحياتهم ومستقبلهم، فهم متروكون للقدر الذي يتحكم بحياتهم ومستقبلهم. وهذا الموضوع يتعلق بمئات الألوف من عمال البناء غير المنظمين في سجلات النقابة، ولا في سجلات التأمينات الاجتماعية القاصرة عن استيعابهم بفعل قانون التأمينات والمادة /2/ منه التي نصت على عدم سريان «القانون على العمال الذين يستخدمون في أعمال عرضيه ومؤقتة إلا فيما يرد في نصه الخاص، مثل العمال الذين يعملون مع عائلاتهم في المنازل».
إن مؤتمر نقابة عمال البناء والأخشاب سيعقد قريباً، ولابد له أن يتبنى مطالب عمال القطاع الخاص ويناضل من أجلها، وهي المطالب التي لخصتها اللجنة النقابية في منطقة الزبداني وطرحتها في مؤتمرات سابقة، وهذا بعضٌ منها:
1) الطلب من النقابة تشكيل صندوق طوارئ يعين عمال القطاع الخاص.
2) حق النقابة بتوقيع عقود عمل جماعي أو فردي باسم العمال مع أصحاب العمل.
3) السعي لدى وزارة الإدارة المحلية باقتطاع نسبة للنقابة من رسوم تراخيص البناء أسوة بنقابة المهندسين، ويكون العمال هم الذين يقومون بتنفيذ الأعمال.
4) إقامة صفوف محو الأمية.
5) السعي لدى مديرية الصحة والسلامة المهنية للقيام بأعمال التفتيش لضمان سلامة العمال.
6) ضرورة التأمين الكامل على حياة العمال، وعلى الأضرار الجسدية التي يمكن أن تصيبهم أثناء العمل، وإلزام أرباب العمل بذلك بقوة القانون.